الرئيسية » أرشيف - تقارير » بولتيكيو: من خسر اليمن؟

بولتيكيو: من خسر اليمن؟

لم يتنبأ أحد بحدوث هذا. يوم 20 سبتمبر، قامت حركة الحوثيين في اليمن بانقلاب سياسي، خفي بحيث لم يلاحظه العالم إلا بصعوبة، ومهم إلى درجة أن المعلقين المحليين باتوا يقسمون التاريخ اليمني الحديث إلى ما قبل وما بعد وصول الحوثيين إلى السلطة.

والحوثيون، وهم جماعة متمردة يقودها الشيعة، كانوا ينتظرون هذه اللحظة منذ وقت مبكر من بداية الألفية الثانية، عندما أجبرت حملتهم الحقوقية المدنية على حمل السلاح دفاعاً عن النفس.

وانقلاب الحوثيين هذا ليس فقط إعادة خلط للأوراق السياسية اليمنية، ولكن أيضاً للحسابات السياسية الإقليمية، وخاصةً في الخليج العربي، لأن الحوثيين لديهم علاقات جيدة مع إيران، ولأن هذا الانقلاب يطرح مشاكل في خطة حرب الرئيس أوباما ضد تنظيم القاعدة في اليمن.

وعلى مدى الأشهر الستة الماضية، واصلت ميليشيات الحوثيين سيطرتها على المناطق المجاورة لمعقل الحوثيين في صعدة، على بعد 230 كيلومتراً شمال العاصمة اليمنية صنعاء، وانتزعت هذه الميليشيات قيادة اتحاد حاشد القبلي القوي، ودمرت وحدات عسكرية متحالفة مع حزب التجمع اليمني للإصلاح، وقضت على خصمها السلفي في وادي دماج، على بعد بضعة أميال جنوب شرق صعدة.

وأخيراً، انحدر الحوثيون إلى صنعاء، ودمروا الوحدات العسكرية المتبقية للجنرال علي محسن الأحمر وحلفائه في حزب التجمع اليمني للإصلاح، وسيطروا على الحكومة اليمنية دون كثير من المقاومة، وبشكل مدهش، مع القليل من التغطية الإعلامية الدولية.!

جمال بن عمر، وهو ممثل الأمم المتحدة الخاص باليمن، قام بالتفاوض بين الرئيس عبد ربه منصور هادي وقيادة الحوثيين لتعيين حكومة انتقالية جديدة، وبالتالي أعطى الاعتراف الدولي بصعود الحوثيين. والوثيقة الناتجة عن ذلك، والتي أشاد بها الرئيس باعتبارها اتفاق السلام، تبدو الآن أشبه بالاستسلام.

وجاء ارتفاع الحوثيين المذهل إلى السلطة نتيجة لأربعة عوامل: عدم كفاءة الحكومة المؤقتة المثبتة في عام 2011. رغبة الرئيس السابق علي عبد الله صالح بالانتقام من أولئك الذين أطاحوا به في عام 2011. دور المملكة العربية السعودية والإمارات المضاد للإخوان المسلمين. والقيادة السياسية الحكيمة لحركة الحوثي نفسها.

الحوثيون، وبعد مشاهدة فشل الحكومة المؤقتة، قرروا فرض تغيير سياسي خاص بهم، وساعدهم في هذا دور السعودية ضد الإخوان المسلمين. حيث أنه، وعلى الرغم من أن السعوديين قالوا إنهم ما زالوا يدعمون الإصلاح، إلا أنهم وضعوا الإخوان المسلمين في اليمن، وهم واحدة من الركائز الأساسية للإصلاح، على قائمة المنظمات الإرهابية، كما فعلوا مع جماعة الإخوان المصرية. وفي الوقت نفسه، كافحت عائلة الأحمر لاحتواء تمرد الحوثيين في الشمال.

والرئيس السابق صالح ساعد بهدوء الحوثيين أيضاً بدافع الثأر ممن ساعد في الإطاحة به في 2011. وعندما دخل الحوثيون صنعاء، لم يقاومهم الجيش اليمني، باستثناء تلك الوحدات المتحالفة مع الجنرال علي محسن ومليشيات الإصلاح. فهل قام صالح وأقاربه بإقناع الجيش بالبقاء بعيداً عن المعركة؟ هل يخطط صالح للعودة؟

اللاعبون الحقيقيون في هذه اللعبة المعقدة من السياسة اليمنية غير واضحين. قد يكون الحوثيون أنفسهم هم من استطاعوا تحييد جزء كبير من الجيش من خلال القيادة الحكيمة، وكسب ولاء القادة العسكريين الرئيسيين. وكان السعوديون وعشيرة صالح سعيدين لرؤية حلفائهم السابقين يدمرون الإصلاح، حتى لو كان هذا التدمير قادماً من جهة عدو له علاقات وثيقة مع إيران.

وتدعو الوثيقة الجديدة التي وقعها اللاعبون السياسيون الرئيسيون في اليمن، بما في ذلك التجمع اليمني للإصلاح، إلى إنشاء حكومة تكنوقراط جديدة برئاسة الرئيس هادي، والذي سيعين لجنة من الخبراء الاقتصاديين لتقديم توصيات ملزمة، كما تدعو الوثيقة جميع الميليشيات لمغادرة صنعاء، وبإعادة جميع المعدات العسكرية إلى عهدة الدولة.

وأحد الأسباب في أن انقلاب الحوثيين لم يثر استنكاراً أكبر هو أن جميع الفصائل في اليمن، جنباً إلى جنب مع الرياض وواشنطن، رحبت بالخطوط العريضة للاتفاق. ولكن سلوك الحوثيين ترك عديدين يتساءلون عما إذا كان هذا الاتفاق يستحق الورق الذي طبع عليه؟. ميليشيات الحوثيين لا تزال تسيطر على شوارع صنعاء، وميليشيات الحوثيين تتجه نحو المنشآت النفطية الرئيسية والموانئ، ويبدو أن الحوثيين يعملون على تعزيز انقلابهم، بدلاً من تمهيد الطريق لتحقيق المصالحة الوطنية وإعادة البناء.

وبعد ثلاثة وعشرين يوماً من أخذ الحوثيين لصنعاء، عين الرئيس هادي أخيراً رئيس وزراء جديدا، وهو تكنوقراطي من محافظة حضرموت الجنوبية. وفي اليوم نفسه، دعا عبد الملك الحوثي زعماء الجنوب المنفيين إلى العودة إلى البلاد من أجل إعادة بناء الجنوب. وإلى جانب مضيهم قدماً في اكتساب الميزة العسكرية، دخل الحوثيون الآن في اللعبة السياسية كذلك.

ولم تعلق الولايات المتحدة إلا بالقليل، باستثناء الإشارة إلى انتهاكات حقوق الإنسان على أيدي ميليشيات الحوثي في صنعاء. عداء حركة الحوثي الشديد لتنظيم القاعدة قام بشراء بعض الدعم للحركة في واشنطن. تنظيم القاعدة قتل 47 من أتباع الحوثي في هجوم انتحاري الأسبوع الماضي، ويبدو أن المجموعتين تتجهان نحو مواجهة مفتوحة.

ومن جانبها، دول الخليج العربي هي الأكثر قلقاً بشأن علاقات الحوثيين مع إيران، وهي ترى انقلاب الحوثيين كدليل أكثر إثارة للقلق على التدخل الإيراني في المنطقة. طالب وزير الخارجية السعودي، الأمير سعود الفيصل، يوم الاثنين، إيران بسحب قواتها “المحتلة” من ​​سوريا والعراق واليمن. ولكن الحوثيين هم ظاهرة يمنية محلية، وليسوا قوة إيرانية بالوكالة. وإذا نجحوا، فسيكون ذلك لأنهم بنوا دولة يمنية مستقرة. أما إذا فشلوا، فسيكون ذلك لأنهم ساعدوا في تدمير الدولة اليمنية.

بولتيكيو

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.