الرئيسية » غير مصنف » ملف ليبرتي يتنقل بين الأيادي القذرة!

ملف ليبرتي يتنقل بين الأيادي القذرة!

عندما نستعرض عمائم الحكام في طهران والعراق نستذكر قول أبو عبد اللّه الدينورى” لايعجبنك ما ترى من هذه اللبسة الظاهرة عليهم؛ فما زينوا الظواهر إلا بعد أن خرَّبوا البواطن”. (طبقات الصوفية/131).
في مقال سابق قلنا بأن التعامل مع اللاجئين الإيرانيين في مخيمي ليبرتي وأشرف سيكون عاملا فاعلا في الحكم على مدى إنصياع أو إنفلات حكومة العبادي من قبضة الخامنئي الذي ينازع الموت قبل ان يستقر مطافه الأخير في جهنم وبئس المصير، محملا بلعنات الشعب الإيراني والشعوب التي حرقها بسياطه الجهنمية في العراق وسوريا ولبنان واليمن وبقية دول الخليج. لا نكشف سرا بالقول إننا لم نعول كثيرا على موقف رئيس الوزراء الجديد حيدر العبادي الذي ولِد في نفس الجحر الذي وُلِد فيه سلفه المالكي وتربى في مدرسة الخامنئي لإعداد الكوادر الإرهابية. لكننا تماشينا مع الرأي العام السائد بأنه لا يجوز الحكم على الرجل طالما إنه لم يستلم زمام الحكم بعد! وربما تكون الأحكام المسبقة خاطئة! وهو رأي سليم فمشينا معه. لكن من يمتلك القليل من بعد النظر سيدرك منذ الوهلة الأولى بأن هذه الحكومة والتي سبقتها والتي ستليها جميعها تخرج من الجوف العفن لولاية الفقيه.
لايحتاج الفرد العاقل واللبيب أن يأكل الكعكة كلها ليحكم على عفوتنها، منذ المضغة الأولى يمكنه الحكم على عفونتها وعدم صلاحيتها، وهكذا الحال في السياسة، فالفرد ليس بحاجة الى أن ينتظر أربع سنوات ليحكم على الحكومة إن كانت صالحة أو طالحة. منذ ان اطلعنا على التشكيلة الوزارية الجديدة، فهمنا إن أصول اللعبة لم تتغير، كنا نتوقع أن الوجوه العكرة كلها أو معظمها سوف تتغير فإذا بنفس الوجوه، كل الذي جرى هو تبادل الأدوار ليس إلا! نسخة طبق الأصل من الحكومة السابقة. فقد ضرب العبادي إرادة الشعب عرض الحائط، وتجاهل توصية مرجعية النجف في عدم إختبار الفاسدين، مع إنه سبق أن إدعى بالعمل وفق توجيهاتها. لقد إختار الفاسدين والمجرمين والإرهابيين ليصنعوا للشعب العراقي الغد الجديد! الغد المفعم بالحرية والديمقراطية والعدالة والرخاء والأمن والإستقرار. هنيئا للأصابع البنفسجية على الفجر الجديد!
ماذا ينتظر العراقيون الذين صوتوا للأمعات؟ ماذا ينتظروا من باقر صولاغي صاحب نظرية ثقب الأجساد بالدريل الكهربائي، وإبراهيم الجعفري مفجر الحرب الأهلية عام 2006 وعادل عبد المهدي عراب عملية القتل والسلب في بنك الزوية، وبهاء الأعرجي صاحب نظرية إستمرار التآمر على الشيعة منذ عهد الصديق أبو بكر ولحد الآن، وعلي الأديب مفجر ثورة الجهل في وزارة التعليم العالي، ومحمد شياع السوداني الذي شهدت وزارته أبشع عمليات إنتهاك حقوق الإنسان للعراقيين واللاجئيين الإيرانيين، دون أن ينهق لمرة واحدة، وحسين الشهرستاني الذي هدر ثروة العراق النفطية بالعقود الوهمية والفاسدة، وبقية الرهط العفن من النجيفي والمطلك والجبوري وبقية حثالات الدورة السابقة.
الأدهى منه هو إختيار وتكريم نوري الماكي ـ الذي شهد العراق في عهده أسوا مرحلة في تأريخه السياسي ـ بمنصب نائب رئيس الجمهورية بدلا من ان يُمثل أمام المحاكم على جرائمه ضد العراقيين والأشرفيين. هناك الآلاف من الجرائم المسجلة ضد المالكي من الإعتداءات على المتظاهرين في الحويجة والزركة ومقر آية الله الحسني الصرخي إلى دعم الميليشيات الموالية لإيران إلى قصف المدنيين بالبراميل الحارقة إلى تفليس البنك المركزي لإحياء وليفه البنك المركزي الإيراني، إلى الهجومات الصاروخية على الأشرفيين وإختطاف عدد من اللاجئين وعمليات الإعدام الميداني داخل المعسكرين، والفساد الإداري والمالي والأخلاقي الذي نخر العراق من زاخو إلى الفاو.
كثير من العراقين وضعوا معادلة متوازنة للحكم على حكومة العبادي اللاحقة قبل أن تصعقهم التشكيلة الوزارية الجديدة وتفحم آمالهم وتطلعاتهم المستقبيلة. وهي كيف سيتعامل العبادي مع مسألة قصف مناطق أهل السنة تحديدا، بالبراميل الحارقة، سيما إنه صرح في 2 أيلول 2014 لوسائل الإعلام بأنه ” لن يقبل أن تراق قطرة دم واحدة من أي عراقي دون عقاب ومحاسبة، وسنبذل كل ما في وسعنا للحفاظ على امن العراقيين ودماءهم وكرامتهم”. وما تزال البراميل الحارقة (صنع نظام الملالي) تمطر المدنيين من الإبرياء! وعندما صرح العبادي لاحقا بأنه لا تغيير في القيادات الأمنية في البلاد! تلاشت الآمال كما يتلاشى الضباب بشروق الشمس. فهذا يعني بأن الحال سيكون كالسابق وربما أسوأ، كما قال عامر بن شراحيل الشعبي” ما بكينا من زمان إلا وبكينا عليه”. كنا نتوقع أن يحاكم العبادي المسؤولين عن قتل الشعب والجرذان التي هربت من الموصل إلى جحورها، بدلا من أن يثبتها في مواقعها القيادية.
المسألة الثانية هي الموقف من ضحايا الأمم المتحدة وبهلواناتها في مخيمي أشرف وليبرتي، هولاء الصامدون الواقعون تحت مطرقة نظام المالكي وسندان نظام الملالي، حقد وغل مزدوج لا مثل له. لن نعول عن الأمم المتحدة وممثلها الماكر في العراق فالرجل آخر ما يفكر فيه هم اللاجئين المشمولين بالحماية الدولية، مقلدا في ذلك عرابه الأمين العام للأمم المتحدة الذي تنصل عن إلتزاماته الدولية الواردة في إتفاقية جنيف الرابعة، كذلك تنصل ممثلة في العراق عن ضميره ومهنيته ومسؤوليتة في حماية اللاجئين ومراقبة أوضاعهم وتلبية إحتياجاتهم ونقل صورة حقيقية لمرجعيته في الأمم المتحدة، وليس مرجعيته في النجف!
منذ أن وطأت قدما ميلادينوف الضعيفتان أرض العراق لم يتحرك على الحكومة العراقية بما يفرضه الواجب عليه، للكشف عن مصير المختطفين من اللاجئين، ولم يمارس أي دور في مطالبة حكومة المالكي بتسليم جثث المعدومين من اللاجئين ليدفنوا وفقا لشرع الله، وليس شرع الشيطان، بإخفاء الجثث من قبل النظام الإرهابي الحاكم. ولم يزور المعسكر للإطلاع ميدانيا على المعاناة اليومية للاجئين التي تتعارض مع كل المواثيق الدولية، وكل الشرائع السماوية والوضعية، كأنه يؤمن بلوحة القرود الثلاثة ( لا أرى، لا أسمع، لا أتكلم) وقد وضعها أمامه كي يستذكرها دائما قبل أن تحرك يقتضيه واجبه ومسؤوليته.
من أهم مقومات الحياة الإنسانية الماء والغذاء والدواء والوقود، حتى السجناء لا يحرمون من هذه الضروريات الحياتية. ولا يجيز أي شرع في الوجود أن يحرم الإنسان من هذه المستلزمات المعيشية، ولأن اللاجئين الإيرانيين في العراق مشمولين بالحماية الدولية، فإن هذه الأمور تعد من الواجبات الأساسية التي يجب أن توفرها الحكومة المضيفة للاجئيين وفقا للقانون الدولي. علاوة على تأمين الحماية والأمان وبقية الواجبات التي شرعتها إتفاقيات الأمم المتحدة، وصادقت عليها الدول ومن بينها العراق. ولو قارنا بين تعامل الحكومات الأوربية مع اللاجئين بشكل عام، بتعامل الحكومة العراقية مع مجاهدي خلق، سوف لا نصاب بخية أمل وإحباط فحسب، وإنما سنلعن الساعة التي نصب فيها الأمريكان طغمة الشر هذه لتحكم العراق. وسنلعن الولايات المتحدة التي تنصلت عن وعودها في تأمين الحماية للأجئين وسلمتهم على طبق من ذهب لنظام حزب الدعوة الإرهابي، وسنلعن نظام الملالي الذي لم يكتفِ بخنق الإيرانيين في الداخل، فمد براثنه الدموية الى العراق ليهمش الإيرانيين الأبرياء خارج بلدهم.
منذ حوالي أربعة أسابيع إشتد الخناق على اللاجئين الإيرانين بإيعاز من نظام ولايه الفقية لعبيده في العراق، وفي الإسبوع الثاني من الشهر الجاري مُنعت صهاريج الوقود من دخول المخيم، وهذا يعني توقف مولدات الكهرباء عن العمل، لأن المخيم محروم أصلا من الكهرباء العميلة غير الوطنية. مع إن كمية الوقود التي يزود بها المخيم لا تسد سوى 10% من الحاجة الفعلية لسجن الحرية. هذا علاوة على حرمان المخيم من دخول صهاريج تفريغ المياه الثقيلة، كي تتفشى الأمراض والأوبئة داخل المخيم، فمن لا يُقتل بسلاح النظام الفتاك، يُقتل بالوباء الفتاك! إنها نظرية حتمية الموت التي يمارسها النظام الحاكم في العراق مع شعبه وضيوفه اللاجئين. الموت هو الخيمة التي تضلل كل من يعيش تحتها من عراقيين وغير عراقيين.
شبح الموت مفعم بالنشاط والحيوية يلاحق الجميع كظلهم، ان فلت أحد البارحة فاليوم يُجدد له العداد، وإن فلت اليوم فغدا له بالمرصاد، وان فلت غدا فبعده يستمر السعي على إمتداد! اليس العراق بلاد السواد؟ وربما لم يكن من أطلقها يعني الخصوبه، وانما الموت والحداد والحرق والدمار والفساد!
لم تقف رعونية النظام الحاكم في العراق وإستهتاره بالشرعية الدولية عند حد ـ وأية شرعية دولية تلك التي يمثلها القرقوز الكبير في الأمم المتحده، وممثله البهلوان في العراق ـ فالكذب سجية النظام، وتمويه الرأي العام ديدنهم، والظلم غايتهم، والقتل هويتهم. فقد إمتد الحصار اللئيم على سجن الحرية ليشمل الغذاء والدواء، علما أن الحكومة العراقية لا تتحمل فلسا واحدا من مصاريف المخيم، والتي يفترض أن تتحملها وفقا لإتفاقية جنيف الرابعة. فقد إدعى أقزام الخامنئي في العراق بأن المقاولين العراقين مُنحوا التراخيص اللازمة للتعامل من إدارة المخيم وتأمين إحتياجاته الضرورية، ولم يكلف ممثل الأمين العام نفسه العناء للتأكد من صحة الخبر، أو التعليق عليه، فهو في جنة الخضراء واللاجئين في نار النظام! إلتزم كالعادة صمت القرود متيمنا باللوحة التي أمامه. ونتحدى أي جهة حكومية تكشف للملأ عن واحدة من هذه التراخيص فقط!
الحقيقة إن تهاون الأمم المتحدة وممثلها الحنقباز في العراق فيما يتعلق بحقوق اللاجئين الإيرانيين، وعدم الجدية في التعامل مع الوضع الميداني في المخيم، وعدم تفقد المخيم والوقوف على أوضاع اللاجئين ومعرفة إحتياجاتهم، والسماح للحكومة العراقية بتمويه الرأي العام العالمي دون توضيح الحقائق من قبل ميلادينوف، كل هذا شجع الحكومة العراقية على مضاعفة ظلمها وحقدها، والمزيد من الإستهتار في التعامل مع اللاجئين.
وغالبا ما تدعم الحكومة بعض الأقلام المأجورة المعروفة الولاء والتي تملأ أحبار أقلامها من محبرة (منظمة هابيليان)، علاوة على بعض النواب والمسؤولين من أتباع نظام الملالي لفبركة الأكاذيب والإساءة للأشرفيين دون وجه حق. وهي أكاذيب مفضوحة ومدفوعة الثمن بدولار دولة الإستكبار!
لم نوجه هذه المرة نداءا للأمين العام للأمم المتحدة، لأنه لم يرفع بعد قطعتي القطن من إذنيه بعد، فقد زار العراق مرتين دون أن يكلف نفسه زيارة المشمولين بحماية منظمته الدولية والتعرف على أوضاعهم ليتعرف على مستوى التدني الأخلاقي والقانوني للحكومة التي إستضافته.
ولا نوجه نداءا لممثلة الماكر في العراق (ميلادينوف) حتى يكسر لوحة القرود الثلاثة في مكتبه، ويفهم مسؤوليته تجاه اللاجئين في أشرف وليبرتي، ويحترم شرف المهنة.
ولن نخاطب الرئيس الامريكي الذي تنصل عن عهوده للأشرفيين، لأنه يتصرف كأنه متفرج في صالة عرض سينمائي.
ولن نخاطب رئيس الوزراء الجديد حيدر العبادي، إلا بعد أن يخرج من خيمة الولي الفقيه ويدخل خيمة العراق.
نخاطب الإتحاد الأوربي والرأي العام الدولي، والمنظمات الإنسانية الدولية والإقليمية والوطنية وجميع الشرفاء في العالم ليساندوا ويدعموا قضية اللاجئين في ليبرتي، فقد أمست القضية أكبر من أن تخص اللاجئين فحسب، بل هي قضية التحرر من نير الظلم والإضطهاد والعدوان، إنها قضية الإنسانية التي تتعرض إلى أشد الأهوال والمخاطر على يد طغاة العالم. إنها قضية تنصل الحكومات المنحرفة عن إلتزاماتها الدولية التي أقرتها وصادقت عليها.
إنها قضيتي وقضيتك وقضية كل الشرفاء. لنوصل صوتنا عاليا، إنه صوت الحرية، والحرية تستحق أن نجهر بصيحة واحدة وبكل قوة: أوقفوا الظلم! أوقفوا الظلم.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.