الرئيسية » أرشيف - تقارير » كيف أخفت إسرائيل العدد الحقيقي لقتلاها في غزة؟!

كيف أخفت إسرائيل العدد الحقيقي لقتلاها في غزة؟!

توقف الجيب العسكري أمام المنزل الدرزي بالبلدة ذات الطابع الجبلي، وترجل منها مستقلوها متجهين بثقة نحو باب المنزل الذي انفتح أمامهم وكأنه كان ينتظر الزيارة المتوقعة، دلف الجميع إلى الداخل في صمت؛ لم تطل فترة بقائهم بالداخل؛ وكذلك لم يمر وقت كثير على رحيلهم حتى بدأ النواح والبكاء يرتفع من منزل العائلة الدرزية تنعي ابنها الشاب الذي قضى “في حادث سير”، رغم أنها ودعته باحتفال نثرت خلاله أوراق الورود عليه متوجها للانضمام بكتيبته في لواء جولاني للقتال في غزة.

وتعد الرشى المقدمة للعائلات الدرزية أهم وأولى الوسائل الثلاث التي يتبعها الكيان الصهيوني لإخفاء العدد الحقيقي لقتلاه، حيث إن العائلات الدرزية التي يخدم أولادها بجيش الاحتلال يقبلون منحا وأموالا من الحكومة وجيش الاحتلال مقابل عدم نشر مقتل ابنها خلال العدوان على قطاع غزة كما أنه بالإضافة إلى هذه المنح، فهذه العائلات تحصل على تعويضات من جيش الاحتلال تصل إلى مليون شيكل في كثير من الأحيان، الأمر الذي يزيد من قابلية هذه العائلات لقبول عروض الجيش، فضلا عن تلميحات بالحصول على “رضى دولة” الاحتلال.

وتصل التعويضات الفورية من الجيش الصهيوني إلى 50 ألف شيكل، حيث تزور وفود من جيش الاحتلال تصل عائلات الجنود الدروز وتفاوضهم على الامتناع عن نشر خبر مقتل أبنائهم في معارك مع المقاومة الفلسطينية وتعرض عليهم منحا مالية تصل إلى 50 ألف شيكل فوري مقابل ذلك، وأن هذه العائلات توافق على هذه العروض.

كما تتم اتفاقات مماثلة أيضا مع العائلات البدوية التي يخدم أبناؤها في جيش الاحتلال، وتتضمن شرطا بقبول الإعلان عن وفاة هؤلاء الجنود خلال حوادث سير أو حوادث عرضية خلال التدريبات لجيش الاحتلال، وعادة ما يلمح المتفاوضون مع عائلات الجنود إلى وعود بتعيين ذوي القتلى أو رعاية أبنائهم، واعتبارهم من المرضي عنهم لأنهم “قدموا خدمات وتضحيات جليلة لإسرائيل”.

وإلى جانب الرشى المقدمة لعائلات الدروز والبدو لإخفاء حقيقة أسباب مقتل أبنائهم، فإن جيش الاحتلال يلجأ كذلك في تقليل عدد ضحاياه إلى عدم الإعلان عن قتلاه من اليهود الذين لا عائلات لهم داخل إسرائيل، ويتم دفنهم سرا لأسباب مختلفة يتم إبلاغ ذويهم بها إذا تحروا عنها، ومن هؤلاء يهود الفلاشة الأفارقة الذين يصل بعضهم إلى إسرائيل أو يعيشون بصورة فردية، أو اليهود الذين تقطن عائلاتهم بالكامل في أوروبا ولا يتمكنون من حضور مراسم دفنهم.

الوسيلة الثالثة التي يلجأ إليها الاحتلال لتقليل عدد قتلاه في العدوان على غزة، هو الوازع الديني لدي اليهود المتطرفين الذين يفضلون إخفاء أسباب مقتل أبنائهم حفاظا على صورة إسرائيل وهيبتها من وجهة نظرهم، فهم لا يريدون أن تتم فضيحة إسرائيل وإظهار الأرقام الحقيقة لأعداد القتلى، وهو ما يرفع من معنويات المقاومة الفلسطينية ويشعرها بانتصارها لتمكنها من قتل عدد كبير من جنود الاحتلال.

وخلال العدوان الصهيوني على غزة، اعترفت سلطات الاحتلال بمقتل نحو 65 جنديا من جنودها وأسر اثنين، بينما تؤكد المقاومة الفلسطينية على أن الأعداد التي تيقنت من قتلها بين صفوف جيش الاحتلال تصل إلى ضعف هذه الأرقام المعلنة على الأقل، ودأبت الفصائل على نشر أعداد قتلى الصهاينة الذين تأكدت من وقوعهم أولا بأول بعد كل عملية لها، وبجمع تلك الأعداد يكون الإجمالي ضعف العدد المعلن من الجانب الصهيوني.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.