الرئيسية » أرشيف - الهدهد » بين أكوام الركام.. أهل غزة يبحثون عن بقايا بيوتهم المدمرة

بين أكوام الركام.. أهل غزة يبحثون عن بقايا بيوتهم المدمرة

بسرعة ودأب راحت تنبش بين الأنقاض والركام محاولة نفض الغبار للوصول إلى أي دليل، لمعت عيناها من بين الغبار وصرخت بصوتها الطفولي معلنة نجاحها: “أبي.. وجدته.. بيتنا هنا”.. بسرعة نزل أبوها وإخوتها من على كومة الأنقاض المقابلة وصولا إليها؛ أشارت إلى دميتها الصغيرة وأجزاء من غطاء فراشها بألوانه المميزة التي طالما داعبت نقوشها.. داعبها أبوها بمسحة على شعرها مهنئا إياها بنجاحها في العثور على ركام المنزل دون أي ابتسامة على محياه أو نظرة إليها؛ فعيناه تتجولان بين أنقاض منزله بحزن وهم عميق بحثا عما يمكن أن تستفيد منه العائلة.

وتحاول العديد من العائلات في أنحاء قطاع غزة البحث عن منازلهم المدمرة، خاصة في المربعات والأحياء التي ساواها القصف تماما بالأرض وحولها ركاما، وهو ما جعل من الصعوبة بمكان التعرف على المنازل وسط حي تحول بالكامل إلى أنقاض.

“الحمد لله.. نحن أسعد حالا من كثيرين.. فلا يزال معي أبي وأمي، وشقيقي الصغير”.. بابتسامة طفولية قالت الطفلة التي اكتشفت للتو أنها فقدت منزلها بعد عودتها من غزة التي نزحت إليها هي وعائلتها من خانيونس، ظنا منهم أنها ستكون أفضل حالا، لكنهم هناك شاركوا اضطرارا في أعمال الإغاثة المتوالية نتيجة القصف، ورأت من الأهوال ما مزق عائلات أو دفنها بالكامل.

بشيء الحزن تنظر دعاء فراونة إلى أبويها الغارقين في لملمة ما تبقى من أثاث المنزل مضيفة: “إنهما حزينان على ما آل إليه حالنا، ومهمومان بكيفية قضاء مبيتنا ومعيشتنا، لم يعد لنا مأوى، ولا حتى لجيراننا أو لأقربائنا مأوى، لا يوجد من يستضيفنا”.

ثم تستدرك بقولها: “لكننا ظللنا معا، هذا هو المهم، كثير من العائلات فقدوا آباءهم أو أبناءهم إلى جانب منازلهم، مع بعضنا سنحل هذه المشاكل، أأمل فقط أن نجد مأوى قبل أن يحل الشتاء وتشتد برودة الجو علينا في العراء”.

ومن خانيونس إلى الشجاعية وبعض أحياء رفح وقرية خزاعة، لا يختلف الحال كثيرا، غير أن قسما من العائلات بدت أحواله أكثر مأساوية، فهم إلى جانب البحث عن منازلهم؛ يبحثون عمن فقدوه من أسرهم تحت الأنقاض متوقعين أن يكون لا يزال مدفونا تحت الركام.

“كان لي بيت هنا..وأحلى أحلى ذكريات.. الحمد لله حتى يبلغ منتهاه.. اللهم آجرنا في مصيبتنا واخلفنا خيرا منها.. اللهم خذ من أنفسنا وأرواحنا وأموالنا حتى ترضى”.. بتلك الكلمات علقت سارة فروانة على صورة منزلها “السابق” الذي حوله القصف إلى كومة من الركام، بينما بدت صور دمى الصغار وبقايا الفرش وألواح خشبية بين الركام.

سيد راشد هو الآخر نعى مكان عمله ومكتبه الذي دمره القصف تماما، ونشر صورة ركام المكتب معلقا عليها: القصف أنهى ذكريات عمل سبع سنوات.. ملفات ومحفوظات ومتعلقات خاصة.. مكتبي وبيتي الثاني تم تدميره بالكامل في القصف الذي استهدف مقر رابطة الكتاب والأدباء الفلسطينيين.. ﻻ حول ولا قوة إلا بالله”.

وخلال العدوان الصهيوني على قطاع غزة، استهدفت قوات الاحتلال الأحياء السكنية بقصف مشدد، خاصة في حي الشجاعية الذي نجحت المقاومة الفلسطينية في أسر الجندي شاؤول أرون في محيطه، أو أحياء مدينة رفح التي فقدت في محيطها الضابط هدار جولدين.

كما لم تسلم المدارس والمستشفيات من القصف الصهيوني الذي لم يترك حتى المدارس التابعة لوكالة غوث اللاجئين “أونروا” التابعة للأمم المتحدة، والتي احتمت بها عائلات وأسر وأطفال، تاركين وراءهم منازلهم التي دمرها القصف.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.