الرئيسية » أرشيف - الهدهد » صحيفة جزائرية: الأمة تسائل علماءها: أين دعاوى الجهاد في فلسطين؟

صحيفة جزائرية: الأمة تسائل علماءها: أين دعاوى الجهاد في فلسطين؟

أثارت المواقف الباهتة للكثير من الدعاة والعلماء من العدوان على غزّة العديد من الأسئلة عن الأسباب والحيثيّات التي جعلتهم ينزوون بأنفسهم عن قضيّة تعتبر أحد القضايا المحورية للأمة الإسلامية لما فيها من وضوح للعدو وعدالة للقضية، خاصة وأنّ الكثير حتى من هؤلاء العلماء كانوا وإلى وقت قريب وبعضهم ما يزال على دينه ممّن يحرّضون على دعم المعارضة المسلّحة في سوريا بالعدّة والعتاد ما صنّفه الكثير زج بالشباب في أكثر الحروب الطائفية دموية في تاريخ الشرق الأوسط المعاصر.

وتعالت العديد من الأوساط الشعبية والعلمية مطالبة العلماء والدعاة، خاصّة أولئك الذين لهم حديث دائم عن نصرة المسلمين والسنّة أن يتحدّثوا في العدوان الصهيوني على غزّة؛ وإذا كانت أكثر من 77 هيئة إسلامية في العالم ومئات الشخصيات الإسلامية قد اجتمعت على عهد الرئيس مرسي في ما سمّي حينها “مؤتمر علماء الأمّة” وأخرجوا بيانا طائفيا دعا إلى مقاطعة إيران وإعلان الجهاد على النّظام السوري والمليشيا الشيعية المشاركة إلى جانب بشّار في حربه على المتمرّدين على حكمه؛ فليست القضيّة الفلسطينية بالأقل شأنا كما يقول الكثير، بل هي حسبهم المحك لمعرفة المحق من المبطل ومن يتحدّث في هكذا قضايا مصيرية خدمة للملّة والأمة ممن استظل بأجندات دول شرقية أو غربية أو جماعات بإيديولوجيات مختلفة في سبيل تحقيق مصالح فئوية أو أخرى قد تكون في سبيل تحقيق المشاريع الطامحة لتمزيق كيان الأمة وبث الوهن والفشل خلالها وعلى رأس هذا مشاريع الفوضى الخلّاقة و الشرق الأوسط الجديد الداعية إلى تجزئة المجزئ وتفتيت ما تبقى من الأوطان عن طريق بث روح الكراهية وإحياء الضغائن والأحقاد بين الأعراق والأجناس والفرق والملل التي تعايشت في المنطقة إلى زمن كبير.

وينظر البعض إلى أنّ الكثير من العلماء والدّعاة أصبحت فتاويهم ذات بعد سياسي بحث أكثر منه ارتباطا بأحكام التشريع والضمير الإنساني ومنهم من أصبح لسان حال أنظمة وحكومات ما جعلهم يحجمون عن الدعوة إلى الجهاد في فلسطين ولو اعذارا إلى الله من باب اصطفافهم مع أنظمة الحكم الشرق أوسطية كالنظام المصري والسعودية والإماراتي في تصنيف جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية وإعلان العداوة عليها وهو ما انعكس سلبا على مواقفهم من المقاومة في غزة التي ترفع لواءها حركة المقاومة الإسلامية حماس أحد أفرع ما يسمى بالتنظيم العالمي للإخوان المسلمين، وإذا كان بعض العلماء قد توقّف عند الصمت والكتابة والمحاضرة في الدعاء لغزّة والمستضعفين في القطاع بالنصر والتمكين على أعدائهم فآخرين قد انخرطوا طواعية في تسفيه المقاومة والجهد الذي تقوم به في ردّ عادية الصهاينة فلوحظ حديث لم يعهد على الساحة الإسلامية عن قدرات المقاومة لا دعوة إلى تدعيمها، ولكن تهكّما وسخرية منها وكأنها مسؤولة عن هذا الوضع المفروض عليها من طرف النّظام العالمي وأدواته الدولية والإقليمية بل وأخرى سحبت خلافاتها السياسية علانية على مواقفها من المقاومة في اصطفاف مع الأنظمة التي لم تفرّق بدورها بين المتغيّرات السياسية والثوابت الإسلامية والقومية في المنطقة.

وليس هؤلاء فقط من انتقدوا فقد امتدّت التساؤلات إلى الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين بقيادة الشيخ يوسف القرضاوي، حيث استغرب العديد من المحبّين قبل الخصوم غيابه لما له من رمزية إسلامية وسياسية كبيرة في المجتمع الإسلامي، سواء بالموافقة أو المخالفة، إلا ببعض التعليقات كقوله “أنا دائما مع الجهاد في فلسطين” وهذا معروف عليه صدقا وحقّا لكن خفوت الدعوات الآن وعدم الظهور الإعلامي الكثير للدعوة إلى نصرة المقاومة جعل الكثير يربطه برؤيا له ارتباطات محلّية.

 
وكانت أسوأ المواقف لعلماء ما يسمّى بالسلفية المدخلية الذين تجنّدوا بشكل غير مفهوم لسب المقاومة والتهكّم عليها وعلى صواريخها ومنهم من جعل من حماس سبب ما وصلت إليه غزّة من دماء وآهات.

عبد المنعم شيتور
(الشروق) الجزائرية

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.