الرئيسية » أرشيف - الهدهد » جثة متحللة لفتاة مقعدة في خزاعة تروي بشاعة الحرب على غزة

جثة متحللة لفتاة مقعدة في خزاعة تروي بشاعة الحرب على غزة

يرتمي “نضال أبو رجيلة” على كرسي متحرك، وقع أرضا على الرصيف، يحتضنّه لدقائق معدودة، ثمّ يزحف لخطوات، محتضنا صاحبة الجسد التي فصلتها قنابل القصف الإسرائيلي عن مقعدها وإلى الأبد.

يحتضن “أبو رجيلة” 25 عاما، ما تبٌقى من جسد كان لأختّه ” تغريد”، فالجثّة التي تم العثور عليها صباح اليوم الجمعة في بلدة خزاعة شرق خانيونس جنوبي قطاع غزة، بعد أسبوع كامل من السؤال عما إذا كانت حيّة أم ميتّة، قد تحلّلت، ولم يبقَ منها سوى بعض الأطراف.

يصرخ الشاب أبو رجيلة، من هول ما رآه، أمام ناظريه، ويُسارع أحد المارة لتغطيّة جسد شقيقته لبشاعة ما خلّفه القصف الإسرائيلي.

يرتمي “أبو رجيلة” مرة أخرى ولا يأبه بأصوات قصف تتعالى من بعيد، ولا بروائح لجثث تفوح في المكان، ولا شيء يفعله سوى احتضان الجثة والبكاء طويلا.

وانكشف هذا المشهد الصادم صباح اليوم فور الإعلان عن تهدئة إنسانية، بين فصائل المقاومة وإسرائيل، لمدة 72 ساعة لم تكتمل منها سوى 3 ساعات، عقب تواصل القصف الإسرائيلي للمناطق الحدودية في قطاع غزة.

يرتفع صوت “أبو رجيلة” في النحيب، وهو يتذكر كيف كان يصرخ على عائلته لكي تهرب بعيدا عن القصف الإسرائيلي الذي طال الأنحاء الشرقية لمدينة خانوينس جنوبي قطاع غزة.

وأضاف وهو يحتضن جسد شقيقته “تغريد”:” قبل أسبوع هربنا من المنزل، أخذ الجميع يصرخ هيا اهربوا، إنّه قصف، فغادرنا، تاركين خلّفنا كل شيء، وحملنا تغريد بكرسيها المتحرك، وبدأنا نسير”.

وفجأة انهمرت قنابل القصف الإسرائيلي لتطال البيوت والشوارع في خزاعة، كما يقول أبو رجيلة، وبدا والأمر وكأنه زلزال، أو تسونامي فصل جميع الأفراد عن بعضهم البعض.

وتابع:” أمي أخذت تصرخ: (تغريد أين أنتِ؟)، وأنا أنادي، وأبي، كلنا تفرقنا، واحد في مدرسة الإيواء، وآخر في المستشفى، وثالث عند الجيران”.

ولكن ما لم تتخيله عائلة أبو رجيلة أن تجد ابنتها المقعدّة جثة في الشارع وقد تحللت ولم يجرؤ أحد على الاقتراب منها.

ويستدرك:” أخبرنا الصليب الأحمر، والطواقم الطبية أننا فقدناها، ولكن الجميع كان يؤكد على استحالة دخول الأحياء الشرقية لمدينة خانيونس”.

ويُشير أحد المارة إلى جسدها المرمي أرضا وبجواره الكرسي المتحرك ويستدرك بغضب:” ما ذنبها هذه الفتاة؟ إنها على كرسي متحرك، كل شيء قصفوه، حتى أصحاب ذوي الاحتياجات الخاصة استهدفوهم”.

ويُطالب أبو رجيلة المصدوم المجتمع الدولي بفتح تحقيق يحارب إسرائيل على ما يصفه بجرائم الحرب البشعة والتي تقتل الإنسانية.

ولم يتسنّ أمام الخرق الإسرائيلي للتهدئة الكشف عن المشاهد الصادمة، والمروعة الأخرى في الأحياء الشرقية لمدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة.

فحسب شهود عيان، فإن عشرات الجثث تحت الأنقاض وركام البيوت متحللة، وأن رائحة الموت تنتشر في كل زقاق.

وتمكنت الطواقم الطبية الفلسطينية، اليوم الجمعة، عددا من جثامين لقتلى فلسطينيين تحت أنقاض المنازل المدمرة في بلدة “خزاعة” جنوبي قطاع غزة، بفعل الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة لليوم 26 على التوالي.

ووفق مصادر حقوقية فلسطينية فإن الطيران الحربي الإسرائيلي شن خلال الأيام الماضية، مئات الغارات الجوية، التي استهدفت عشرات المنازل السكنية، والأراضي الزراعية، في منطقة شرق خانيونس، التي تضم عدة بلدات، أبزرها بلدة خزاعة، بالتزامن مع قصف الدبابات المنازل بعشرات القذائف، الأمر الذي أسفر عن مقتل وإصابة العشرات.

 

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.