الرئيسية » أرشيف - تقارير » “المونيتور”: أبناء الملك السعودي في وضع جيد لاستلام الحكم

“المونيتور”: أبناء الملك السعودي في وضع جيد لاستلام الحكم

عين العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز، الذي سيبلغ 90 سنة هذا الصيف، أبناءه، بهدوء، في مواقع السلطة والنفوذ في المملكة. وقد خصَ أبناءه بمزيد من السلطة في وزارة الخارجية والحرس الوطني وإمارتين مهمتين، وهم في وضع جيد للعب أدوار على المدى البعيد مع مرور السلطة إلى الجيل التالي من العائلة المالكة.

الملك هو مثل كل من سبقوه في السعي لتعيين أبنائه في مناصب ذات أهمية، وهذا ما تعمل به الملكيات.

ويبدو أن الربيع العربي، وهو موجة من الاضطرابات التي اجتاحت العالم العربي منذ أوائل عام 2011، قد شجع الملك عبدالله على الدفع بأبنائه لمساعدة المملكة على مواجهة التحديات غير المسبوقة التي عرفتها خلال السنوات الثلاث الماضية.

الابن الثالث للملك عبد الله، عبد العزيز بن عبد الله، 51 عاما، هو نائب وزير الخارجية في المملكة. عُين في هذا المنصب في يوليو 2011 بعد فترة طويلة قضاها في الحرس الوطني السعودي ومستشارا للملك.

وتلقى تعليمه في بريطانيا، وجُهز منذ فترة طويلة ليكون بديلا عن وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل، حيث عانى هذا الأخير طويلا من تردي وضعه الصح، ولكنه بقي في منصبه للاستفادة من سنوات خبرته الطويلة. ومن المرجح أن يخلفه عبدالعزيز في وزارة الخارجية عندما يأتي اليوم الذي يتنحى فيه سعود الفيصل.

كما رقى الملك عبد الله ابنه الثاني، الأمير متعب بن عبد الله (62 عاما) العام الماضي ليكون أول وزير للحرس الوطني، رافعا بذلك قوات النخبة في المملكة إلى مستوى الوزارة ووضع ابنه على رأسها. وغالبا ما يعكس متعب نظرة أبيه في القضايا الإقليمية والأمنية، ويُنظر إليه على أنه لاعب مهم قادم في المملكة. وكان عبدالله رئيسا للحرس الوطني لفترة طويلة، من عام 1962 حتى عام 2010 .

وخلال نصف قرن التي قضاها على رأس قيادة الحرس الوطني، جهزه عبد الله بأفضل الأسلحة والمعدات وحوله إلى أقوى قوة عسكرية في البلاد، وأكبر وأفضل من الجيش النظامي. ويبلغ تعداده أكثر من 100 ألف جندي مجهزين بمركبات مدرعة ومروحيات، ودُرب على يد مستشارين أميركيين منذ عام 1975.

ويمكن اعتباره حارسا امبراطوريا للعائلة المالكة. فهو يؤمن العاصمة، الرياض، والمدينتين المقدستين، مكة المكرمة والمدينة المنورة، ومنتشر على نطاق واسع في المنطقة الشرقية الغنية بالنفط.

وقد تدخلت قوات الحرس الوطني في البحرين عام 2011 لقمع حركة الاصلاح هناك، والتي طالبت بالحقوق السياسية للأغلبية الشيعية من العائلة المالكة السنية السنية.

ويترقية الحرس الوطني إلى وزارة، فإن الملك عبد الله قد منح بذلك ابنه صوتا أعلى في عملية صنع القرار في قضايا الأمن الداخلي والخارجي الحساسة للمملكة..

وقد لعبت متعب أيضا دورا بارزا في مناورات عسكرية واسعة في المملكة أُجريت هذا الربيع، وأُطلق عليها اسم “عبد الله السيف”. وفي ختام هذه العملية، عرض السعوديون، للمرة الأولى، صواريخ بالستية متوسطة مدى (CSS2)، صينية الصنع، لتسليط الضوء على القدرات الرادعة للمملكة. وشكل هذا العرض هزة عنيفة في قيادة الجيش السعود، فلعله عزز موقع متعب في سلسلة القيادة العسكرية.

وفي شهر مايو، رقى الملك عبد الله ابنا آخر، وهو الأمير تركي بن عبد الله، 43 عاما، ليكون أميرا للرياض. لم يمض على توليه منصب نائب منطقة الإمارة سنة واحدة فقط حتى تولى إمارة المدينة الأسرع نموا في المملكة. وهو عقيد طيار سابق بسلاح الجو الملكي السعودي تدرب في قاعدة “لاكلاند” الجوية بولاية تكساس وكلية القيادة المشتركة في المملكة المتحدة. وحاز أيضا درجة الماجستير من جامعة ويلز.

وتركي مستمر في منصبه عضو مجلس الوزراء إلى جانب إمارته للرياض. وقد وعد بتسريع خريطة المترو الطموحة في المدينة. وبدلا من بناء واحد خط المترو في العاصمة منذ 15 عاما، تعهد تركي بإنشاء ستة خطوط خلال أربع سنوات فقط. وهذا هو النوع من المشاريع الطموحة التي سلمها ولي العهد الأمير سلمان بعد 50 عاما قضاها أميرا لمنطقة الرياض قبل أن يصبح وليا للعهد.

وتحمل الرياض أهمية خاصة لجميع أفراد الأسرة، لأن معظم أفراد العائلة المالكة يقيمون أساسا بها. عندما كان سلمان حاكما لإمارة الرياض عمل كشرطي حارس، غير رسمي، للأسرة، وذلك بأن ضمن للأمراء أو الأميرات ممن ضلوا الطريق أو وقعوا في ورطة العودة، بهدوء إلى الطريق الصحيح دون أن يتسرب خبرهم للعلن. ويفترض أن الأمير تركي الآن يستلم وظيفة الشرطي السري للأسرة وراء الكواليس.

شقيق تركي، الأمير مشعل هو حاكم ثاني أهم محافظة في المملكة، مكة المكرمة. ويشير العنوان الثاني للملك، إلى أن مكة المكرمة والمدينة المنورة مهمان بالنسبة لحسم شرعية آل سعود. وقد تولى مشعل إمارة منطقة مكة في ديسمبر 2013، بعد أن شغل سابقا منصب حاكم نجران على الحدود اليمنية.

أما الابن البكر للملك عبد الله، الأمير خالد، 64 عاما، فقد بقي بعيدا عن أعين الجمهور خلال العقدين الماضيين. وعينوكيل الحرس الوطني السعودي بالقطاع الغربي سابقآ في أعقاب الاستيلاء على المسجد الحرام في مكة المكرمة في عام 1979 من قبل مجموعة من المتطرفين الاسلاميين المتعصبين. وكانت عملية السيطرة واسترداد المسجد حدثا بارزا في التاريخ الحديث للمملكة والأسرة. وقد تقاعد خالد في عام 1992 عن الحرس ولا يزال مؤثرا وراء الكواليس.

وجميع ترقيات الملك عبد الله إنما كانت بدافع قضية الخلافة. إذ إن كلا من الملك وولي العهد طاعنان في السن وصحتهما متدهورة. وقد عين الأمير مقرن بن عبدالعزيز نائبا لولي العهد، وهو ولي العهد القادم، ومقرن هو أصغر أبناء مؤسس المملكة الحديثة، الملك عبدالعزيز بن سعود. عندما يصعد مقرن إلى المنصب التالي، سوف تواجه الأسرة تحديا لم يسبق له مثيل: كيفية اختيار القادم في خط العرش من الجيل الأمراء السعوديين الجديد.

أبناء عبد الله سيكونون في وضع جيد للعب دور رئيسيا في هذه العملية. ويبدو متعب في موقف حرج للغاية ليكون واحدا من المتنافسين. ذلك أن سياسات العائلة المالكة السعودية ليست شفافة وحيوية، تدور حول صحة الرجال المسنين والمنافسة بين العديد من الأمراء الطامحين.

وعليه، يعتبر أبناء الملك عبدالله اللاعبين الرئيسيين المؤثرين في المستقبل الغامض للعائلة المالكة.

بقلم: بروس ريدل / مدير مشروع الاستخبارات في معهد بروكينغز / موقع “المونيتور”

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.