الرئيسية » حياتنا » كيف قتلت “سرايا الدفاع” الفنان نهاد قلعي في أحد مطاعم دمشق !

كيف قتلت “سرايا الدفاع” الفنان نهاد قلعي في أحد مطاعم دمشق !

في 17/10/1993 توفي الفنان السوري نهاد قلعي الذي عرف بدور ” حسني بورظان ” في الأعمال المشتركة التي جمعته مع الفنان دريد لحام بعد معاناة طويلة مع المرض على إثر ضربه من قبل شبيح “مبكّر” بكرسي على رأسه في مطعم عائلي في أحد أسواق دمشق القديمة فأصيب بشلل ثم مات موتاً بطيئاً، ويقال إن الشخص الذي ضربه كان أحد عناصر سرايا الدفاع التي أسسها “رفعت الأسد” وأشرف عليها شقيقه “حافظ الأسد” وعاثت في البلاد فساداً وتقتيلاً وترويعاً طوال سنوات الثمانينات، ومما يشير إلى أن عملية الضرب كانت مدبرة أن الجاني ظل طليقاً ولم يلق جزاء ما صنعت يداه.

ويروي الناقد السينمائي “بشار ابراهيم” في كتابه “نهاد ودريد” قصة الاعتداء الذي تعرض له الفنان قلعي قائلاً: “كان نهاد قلعي ودريد لحام وشاكر بريخان يسهرون في مطعم النادي العائلي في حي “بابا توما” بدمشق، ويستقبلون صحفيا لبنانياً هو جورج ابراهيم الخوري. و قبل نهاية السهرة غادر دريد لحام، وبقي ثلاثتهم ساهرين، وعندما نفدت سجائر الضيف، طلب من النادل سجائر، لكن النادل لم يلب طلب الضيف، ما أثار غضب نهاد قلعي، الذي أنب النادل، وإذ برجل يجلس مع شلة من رفاقه على طاولة مجاورة إلى خلفهم، ينادي بصوت غليظ عال: (بورظان بدك سجائر؟ تعال خد من عندي) فقال له نهاد (أنا ما بدي من حدا سجاير، بعدين أنا ما لي اسم معروف تناديني به ياحمار)، ويضيف الناقد ابراهيم: “لم يكن أحد يتوقع أن تكون هذه الجملة مدمرة ليس للسهرة بل لحياة نهاد قلعي كلها، إذ إنه سيفاجأ بضربة كرسي تنهال على رأسه، تتبعها ضربات أشد قسوة أدت به إلى المستشفى، حيث تمت معالجته بشكل سريع، وخياطة الجرح الذي ألمّ برأسه دون عناية كافية”، تفاعلات هذا الحادث وانتكاساته الطبية كما يقول ابراهيم لاحقت نهاد 15 سنة وجعلته حبيس بيته والمرض من جرّائه، والذي كان على شيء من سخرية القدر كون اسم البورظان الذي أضحك ملايين الناس كان بمثابة مقتل له، إضافة لهجران الناس له، مع بقاء السيناريوهات التي كتبها حبيسة أدراج الإذاعة والتلفزيون السوري، في إصرار اجتمع معه عدة ظروف لأن تتحول سنواته الأخيرة إلى نقيض تام لما كان يطمح له ألا وهو الموت على خشبة المسرح أو أمام الكاميرا. نعم كان حياته مأساة كاملة محاصرة بالحظ العاثر.

 

قد يهمك أيضاً:

الفنان الراحل نهاد قلعي يروي قصة “الببغاء قليل الأدب” وخاطف الطائرة المسطول

وفاة “فطوم حيص بيص” بعد صراع مع المرض فمن بقي من “صح النوم” يا ترى؟!

وفاة الفنان السوري رفيق سبيعي.. كل ما تريد ان تعرفه عن “أبو صياح” قبضاي الحارة الشامية

مقتل الممثل الكوميدي السوري ياسين بقوش بقذيفة اصابت سيارته في دمشق

 

وعلى أثر هذه الضربة أصيب الفنان قلعي بالشلل وقضى بقية عمره طريح الفراش، هجره أصدقاؤه ورفاق دربه وأولهم صديقه “دريد لحام” ولكن الفنان نهاد قلعي تحامل على آلامه وصوّر دوره الرائع أبو ريشة في مسرحية «غربة» للتلفزيون وكانت آخر أعماله على خشبة المسرح وآخر أعماله مع توأمه الفني دريد لحام. ومن مشيئة الأقدار أنه كان منكباً على كتابة مسلسل جديد قبل تعرضه للاعتداء عنوانه “الأغرار” لكنه لم يستطع إكماله وأنجزه بعد ذلك الماغوط تحت عنوان “وادي المسك”.

عانى نهاد في السنوات الأخيرة من حياته وحدة قاتلة إذ هجرته الأضواء وأهمله رفاق المسيرة، ولكنه سعى جاهداً رغم مرضه إلى كسر هذه الوحدة فكتب حلقات قصص مصورة للأطفال في مجلة “سامر” وكتب مسلسلين أحدهما لم ير طريقه إلى النور وحمل عنوان “يسعد مساكم” وثانيهما “عريس الهنا” بث عام 1984، وكان آخر أعمال هذا الكبير.

ومات فقيراً معدماً بعد أن باع كل شيء يملكه ليعالج نفسه من مرض الشلل وبعد هذا الحادث الأليم بقي في الفراش في حالة شلل لم يستطع أن يتابع مشواره الفني إلا عن طريق الكتابة للأطفال في إحدى المجلات اللبنانية ولعلها كانت مجلة سامر كما كتب سهرات إذاعية اجتماعية كوميدية للإذاعة ومثّل فيها.

وفي مطلع تشرين الأول 1993 تدهورت صحة نهاد كثيراً ونقل إلى مستشفى الهلال الأحمر، ورغم كل الجهود التي بذلت فإن إصابته المزمنة ومعاناته القديمة من مرض السكر لم تمهلاه، إذ تعرض لأزمة قلبية فلفظ أنفاسه الأخيرة في 17 تشرين الأول على فراشه بعد أن ترك إرثا سينمائيا ومسرحيا وتلفزيونيا حافلا راسما في مخيلتنا كاريزما حسني البورظان التي ستظل حية في ذاكرتنا.

ويذكر أحد أصدقائه أن طبيباً من مشفى الهلال الاحمر اتصل صبيحة أحد الأيام أثناء بث البرنامج الإذاعي (معكم على الهواء) وقال بلوم شديد لمقدم البرنامج: إن نهاد مريض منذ 15 يوماً، لم يأت أحدٌ لزيارته إلا شخص أو اثنان!! بعدها بأيام توفي نهاد قلعي، وسارت جنازته من حي المهاجرين إلى جامع لالا باشا، في شارع بغداد، ثم دفن في مقبرة الدحداح، ولأول مرة تبدأ جنازة بعدد قليل من الناس ثم تنتهي بحشود غفيرة، وكان على محبي نهاد قلعي أن ينتظروا خمسة عشر عاماً ليحصل على بعض حقه إذ نال التكريم الذي يستحقه ولكن بعد موته فتم منحه وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الممتازة عام 2008. ولو كان حياً لرفس هذا الوسام الذي أهداه القاتل لضحيته.

فارس الرفاعي – زمان الوصل

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.