الرئيسية » تحرر الكلام » المشهد السياسى الراهن .. الأزمة والحل

المشهد السياسى الراهن .. الأزمة والحل

العالم يرانا بعيونٍ غير عيوننا التى نرى بها أنفسنا .. لذا كان لازماً أن نرى أنفسنا فى عيون العالم كى يكون تحليلنا لواقعنا السياسى من منظورٍ عادل يُحقق التوازن مابين رؤانا نحن ورؤى غيرنا .. ذلك مادام واقعنا السياسى مرتبط بتعاطى العالم سياسياً مع مشاهدنا السياسية .. وبما للإستراتيجيات الخارجية من ارتباطات باستراتيجيتنا المصرية الوطنية .. إذ دول العالم ترتبط اقتصادياتها بالإقتصاد المصرى والعكس صحيح كما وسياستها بالسياسة المصرية والعكس صحيح .. ومادام ذلك كذلك لايمكن لنا كدولة أن نتصرف ولانضع فى اعتباراتنا مردود تصرفاتنا تلك على العالم الخارجى أو الإستراتيجيات الخارجية .. وصدق من قال إن أنت ودَّعت الإستراتيجية فلن تدعك الإستراتيجية .. تلك مُسلَّمةٌ فى علم السياسة .. ومن ثم يباتُ وضع السياسى فى إعتباره أثناء تصرفه تداعيات ذلك التصرف على كل دول العالم الخارجى .. ومادامت دراسة ردود الخارج على واقعنا السياسى أمراً لازماً يباتُ قراءة أوضاعنا السياسية من خلال قراءاته فلانحبس أنفسنا داخل جدران تحليلاتنا نحن .. فتحليلاتنا نعلمها جيِّداً بينما فلاتستطيع تغيير واقعنا السياسى منفرداً من دون التعاطى مع الواقع السياسى الخارجى .. ومن ثم يجب أن ننظر للاستراتيجيات الخارجية لنرى كيف تقرأنا .. فى رأيى أن العالم الخارجى ينظر لماحدث بمصر من تغيير نظام حكم نراهُ نحن لايستحق حكم مصر بينما هم يرونه نظاماً شرعياً عبر للحكم عبر صناديق الاقتراع .. تلك الصناديق فى نظرهم لاتوجد أدوات سياسيةٍ معياريةٍ أخرى إعترفت بها الديموقراطية الحديثة لحساب الكتلة الجماهيرية المؤيدة والمعترضة وبكل دقة .. كما ويعتبرون أن المظاهرات مهما بلغت ضخامتها ليست أداة دقيقة لإعطاء ذات النتيجة .. إذ ليست هناك نظرية تقول أن مساحة عرض كذا فى طول كذا تعطى ناتجاً بشرياً حجمهُ كذا مؤيِّد أو كذا معارض بوضع فى الإعتبار أعداد من ليس لهم حق التصويت قانونياً أو عمرياً ومن ثم يبات لديهم القول بثورات الجماهير أقوالاً مجازية غير حقيقية أو بمعنى آخر غير جازمة .. كما ولايمكن قبول التقييم المبتسر لنظام حكمٍ لم تكتمل فترته القانونية الطبيعية .. فعلى حسب قولهم .. قد مانراه اليوم فاشلاً قد تثبت اكتمال تجربته نجاحه.. ومن ثم يبات لديهم وعلى حسب قولهم الإفتئات عليه من قبل إكتمال استحقاقه الرئاسى منافٍ لقواعد القانون الدولى العام .. هكذا يروننا .. هكذا يرون قائد الجيش لدينا رغم كوننا نراه وطنياً أدى ماعليه من استحقاقٍ وطنى يرونه هم انقلابياً على نظام حكمٍ شرعى .. تلك الصورة لايمكن لنا أن ندفن رؤوسنا بالرمال كالنعامة من دون أن نضعها فى الإعتبار فى محل التعامل والتعاطى مع الخارج وصياغة من ثم خطابنا السياسى معه .. كما ولابد أن نضع فى الاعتبار مصالح ذلك الخارج والتى لايمكن له التنازل الطوعى المنفرد عنها .. لذا يباتُ الحفاظ على مصالحه فى حدودها المقبولة وحسب المعاهدات أو استحقاقات الاستراتيجيات أمراً ضرورياً .. لكونه لو ضمن هذا فلايعنيه أى فصيل حكم أم ذهب من الحكم .. كحال الأمريكان فى سوريا ولمجرد أن إجتمع الدب الروسى مع نظيره الأمريكى وتوزَّعت الاستحقاقات بينهما خرجا وزيرا خارجية البلدين ليعلنا مرحلةً سياسيةً أخرى تستبعد التدخل العسكرى اللذى كان وشيكاً .. ومن ثم ضاعت رقاب الآلاف من السوريين هباءاً منثوراً من دون حمايةً دولية .. فالقانون الدولى قد صاغه الامريكان لأجل الأمريكان تحت عباءة المنظمة الدولية والقانون الدولى .. ومن ثم يبات التمسك بالقانون الدولى فى محل التعاطى مع تلك الإستراتيجيات لغواً وسفهاً من دون حساباتٍ دقيقة .. نخرج من هذا ولضرورة ضمان عودة القاطرة المصرية على طريقها السياسى الصحيح يلزم المحافظة على مصالح الاستراتيجيات الخارجية ومن دون صدام او فقدان للغة السياسية إذ هنا لايهم لدى تلك الاستراتيجيات حلفاءهم المُعاهدين من قبل مادامت المصالح محققة فى حدودها الدنيا والتى يمكن أن تقبل بها الاستراتيجية الوطنية .. كما ولابد من تحقيق بعض الاستحقاقات للفصيل الوطنى المناوىء وعدم اعادته للمربع صفر لكون وصوله ثانيةً لذات المربع لن تنعم مصر بحالة استقرار تساعد على التنمية أو يتنامى ويتعافى معها الإقتصاد الوطنى من جانب أو السياحة وهى عموده الفقرى أو حتى الأمن المجتمعى .. هنا يمكن القبول بعودتهم ليس بكافة استحقاقاتهم انما الى المربع الثانى او الثالث فى صورة حصولهم على مقاعد برلمانية نزعم أنهم لن يتمكنوا فى وقتهم الحالى غير حصاد البعض القليل منها ومن دون محاربة سياسية وأمنية لهم .. قد يقول قائل أنهم متمسكون بعودة الرئيس السابق مرسى كشرطٍ لقبول الدخول فى العملية السياسية .. نقول ان رفع السقف السياسى ليس الا لأجل الحصول على المزيد من الاستحقاقات مادام التهديد لهم بفقدان كافة المكتسبات هو اللذى يرونه على الطاولة السياسية الآن .. كما ويزيد من دعم توجههم هذا وارتفاع السقف مساندة الاستراتيجيات الخارجية فى ضوء عدم استقرار المشهد الوطنى الدولى – اى مع تلك الاستراتيجيات بالأساس – الأمر اللذى لو ارتفع هذا الدعم عنهم من تلك الاستراتيجيات لضمان مصالحها ستنسحب اليد الداعمة ومن ثم سينخفض السقف المطالبى لهم بالتوازى مع التعاطى معهم بالداخل من قتل بوادر الأمل أمامهم بالدخول فى العملية السياسية .. ولن يتأتى هذا فى ظل غياب دور القيادات لهم ووجودها بالمعتقلات .. وإن كنت أرى عدم حصافة قرار القبض السياسى على كل هؤلاء دفعةً واحدة .. هنا باتت التعليمات التى ينفذها أعضاء ومجاميع قاعدة الهرم الإخوانى والراديكالى هى آخر تعليمات تلقوها فى رابعة بمبدأ السمع والطاعة من قبل فضِّها واعتقال القيادات من بعدها .. ومن ثم لو تركنا أحدهم أو بعضهم لأمكن وجود تعليمات جديدة لهم تُهدِّىء من الوضع الراهن وتجعل هناك نفقاً للوصول لحوار مجتمعى سياسى معهم ولنا فيما فعله مبارك وأمنه أعظم أسوة حيث عُقِدت المراجعات فتراجع العديدون عن أفكارهم المناوئة والمتطرفة من باب أن السياسة لاتؤمن بفقه المستحيل بل تعتبر كل مستحيلٍ متاحُ فعله ومعالجته .. ومن ثم يباتُ القبض على هؤلاء فى حقيقته خطأ سياسى يمكن معالجته لكن قلبه الى قبض قضائى بأن صار كل هؤلاء رهن كلمة القضاء قد جعل الأمر أكثر صعوبة وإن كان ليس مستحيل المعالجة من باب وجوب تحقق المواءمة القضائية السياسية والتى تعترف بها معظم دول العالم المتقدم .. تلك ضرورة حتمية للتعاطى مع المشهد السياسى الوطنى وتقابله مع مصالح الاستراتيجيات الخارجية .. فالإستراتيجيات الخارجية لايتم لى عنقها الا بالسياسة والسياسة وحدها .. هكذا نجح مبارك من قبل وفى أعظم مراحل نظامه خطورة بالمواجهة مع تلك الاستراتيجيات الخارجية ومصالحها .. أما التصميم على اقتفاء سبيل المواجهة الناصرية والتى بتنا نراها مؤججة داخلياً بل وخارجياً كذلك فقد تجعل أوكامبو يتبوَّأ منصَّته عن قريب ليصدر مذكرات الاعتقالات المتعددة على غرار البشير السودان بالأمس القريب .. تلك كانت قراءتى فى المشهد السياسى المصرى الراهن .. الأزمة والحل ..

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.