الرئيسية » تحرر الكلام » الحوار الوطني في تونس يرعاه الفلول

الحوار الوطني في تونس يرعاه الفلول

إن ما أطلق عليها مبادرة الحوار الوطني  في تونس ما هي إلا حلقة جديدة من حلقات مسلسل الانقلاب على المسار الانتقالي  والذي إبتدأ بثه على الوعي العام التونسي منذ هروب الجنرال أو تهريبه  فنحن أمام  حيلة جديدة لتمكين التجمع وهو حزب الفلول من الرجوع العلني من جديد تحت مسميات  تنكرية أخرى وهو  على عكس إعتقاد البعض لم ينسحب من المشهد السياسي  بتاتا منذ الثورة رغم الحل القضائي لهذا الحزب وبقي فاعلا وحاسما في عديد الملفات عن طريق وكلائه  من أحزاب سياسية مخترقة وجمعيات مجتمع مدني تحن لرجوعه ولا يمكن لها تاريخيا أن تستغنى عنه وليس أدل على ذلك من قدرته على تعطيل قانون تحصين الثورة وتهميش ملفات المحاسبة والعدالة الانتقالية.
 
 
لقد أصاب حزب المؤتمر حين إنسحب من هذه المهزلة سريعا  ورفض عملية الابتزاز المفضوحة وحافظت حركة وفاء على خطها الثوري  ورصيدها الجماهيري حين قاطعت هذه المسرحية الهزلية جملة وتفصيلا  في حين سقطت حركة النهضة في الفخ الذي نصب لها رغم أن إمضائها على ورقة الحوار لا يعني بالضرورة موافقتها على ما سمي خارطة الطريق ولكن يورطها في إستحقاقات هي غير قادرة على الايفاء بها .
 
 
فهل من المعقول أن يقود الحوار من رفعت أمام مقراته صورة السفاح بشار الاسد دون أن يستنكر ذلك أو يدينه وهل من المقبول عقلا أو نقلا  أن يتحدث عن الحوار الديمقراطي من أصدر بيانات رسمية موثقة تساند الانقلاب العسكري في مصر بداعي أنها إرادة شعبية  ومنذ متى أصبحت الانقلابات العسكرية الدموية مطالب شعبية وجماهيرية ونحن لا نرى في مبادرة الحوار الا حفلة تنكرية ومحاولة إنقلاب سافر على المسار الانتقالي
 

 
إن المجتمع المدني التي يقود مبادرة الحوار  تم تشكيله زمن بن علي وهو مجتمع مدني مزيف ولا يمثل أغلب التونسيين وهو  قائم منذ عقود من الزمن  على الموالاة مقابل السكوت و الامتيازات ولا يعول عليه في المساهمة في دفع الحوار المثمر أو إنجاح الثورة  بل هو في شكله الحالي أكبر عائق لتحقيق أهدافها يعمل على تعطيلها والانقلاب عليها بشتى الطرق والوسائل وخطره على المسار الانتقالي من هذه الناحية يفوق كثير خطر الاحزاب السياسية التي لا وجود فعلي وحقيقي لها إلا في وسائل الاعلام التي تروج لها و تنفخ في صورتها بدون فائدة و لا مردودية

 
إن تخفي  الأحزاب السياسية الضعيفة فكرا و ممارسة  وراء مكونات المجتمع المدني والتترس وراء المطالب الحقوقية و الاجتماعية والمهنية  حقيقة لا يجادل فيها عاقل فهي تستعمل كل ورقات الضغط الممكنة  حتى لا يستفرد خصومها بقيادة المشهد الجديد ولكي تربح أقصى ما يمكن من النقاط في انتظار الانتخابات القادمة ( إن حصلت ) خاصة وأنها الاعلم   والأدري بضعفها الهيكلي و عجزها عن الاستقطاب  الجماهيري وخاصة قناعاتها الخفية والغير معلنة على عدم قدرتها على المنافسة الشريفة .
 
 
لكل هذه الاسباب لا نرى في مبادرة الحوار الوطني  إلا حيلة جديد وحفلة تنكرية يقودها بقايا حزب فلول التجمع المنحل  بمشاركة حلفائهم السابقين و بمساندة أحزاب سياسية كرتونية لا يمكن لها أن تتواجد على الساحة في غياب ماكينة التجمع التي تستعملهم كالعادة كشهود زور وهذه الحفلة التنكرية لا يمكن لها أن تنجح في الظروف الحالية وبهذه الصيغة الاجبارية  لأن الوعي السياسي العام قد تجاوز هذه الممارسات لانه خبر وتعود على آلياتها منذ إستيلاء الدساترة على الحكم وبالتالي  لن تكون هذه المبادرة الجديدة  للحوار أفضل  من سابقاتها  ومصيرها لن ختلف عن مصير  المولود الميت بعد طول حمل وعناء وذلك مهما حاول بعض محترفي النفخ في الجثث إنقاذ ما لا يمكن إنقاذه.
.

 

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.