الرئيسية » أرشيف - فضاء واسع » حتى لا تصاب أفكار مواجهة الانقلاب بالجمود فيسود الإحباط واليأس

حتى لا تصاب أفكار مواجهة الانقلاب بالجمود فيسود الإحباط واليأس

الفكرة هي أقوى محرك إذا أصابها الجمود أو كانت لا تحرك المشهد بل يحركه في الحقيقة رد الفعل ورغبات الثأر، فسيكون الإحباط هو النتيجة في صراع غير متكافئ..

 

الفكرة يا سادة وحدها -إذا امتلكت قدرة تفسيرية لما يحدث- تستطيع أن تذبح اليأس على أعتابها وتصنع الحياة من رحم الموت.

 

أما في حال الحركة بأثر الثأر والرغبة في “استعادة” ما كان وليس “التأسيس” لما سيكون، يعرف في الديناميك بأنه “قصور ذاتي”، يجب أن نفهم أن “معطيات” القادم ليست كـ”معطيات” السابق.

 

الصراع وصل لمستوى، وهذا المستوى لا يدركه الطرف المنغمس فيه، ومازال يقدم خطابا متأخرا ويحكمه تفكير وتفسير لصراع قديم.

 

أمام الإسلاميين سؤال مطروح: من هو الخصم؟ ليس على مستوى الكيانات، فهذا معروف، إنما على مستوى الأفكار والمفاهيم.

 

إن الانشغال بالإستراتيجي والتكتيكي دون صياغة أفكار محددة لتوجيه حالة “مواجهة” لا تديرها “الكيانات”، هو ما يجب أن يتم العمل عليه، إنها حرب “فيروسية” ومواجهة غير مرئية لكنها قاتلة، ﻷن الأفكار التي بنى عليها الانقلاب “مشروعيته” هي ما يجب أن يواجه أولا وأخيرا. وإن عملية هدم اﻷصنام في النفوس تسبق تكسيرها فوق الرؤوس.

 

منظومة أفكار “المواجهة” هي ما أعني، وليست تنظيرا فلسفيا ومعارك ثقافية كتابية معزولة عن الوعي الجماهيري، بل تنظير فكري يستهدف الجماهير ليحركها، وإن كان هناك فريق من الإسلاميين قطع شوطا “تنظيريا” في تحديد وتعريف معركة الحاضر، فإنه لم ينتقل بهذا التنظير عن ميدان الاحتراب “الثقافي” ولم يشكل منه خطابا أيديولوجيا جماهيريا محركا ومحرضا، وهذا عين ما نريد ونحتاج، فإن صيغة المواجهة التي أفرزتها أدبيات الإخوان الأخيرة و كتابات السلفية العلمية لم تعد ذات قدرة تفسيرية بالنسبة للصراع الدائر الآن.

 

إن التحدي اﻷمني الآن يضرب كل كيانات ظاهرة له في المواجهة، لكن الاختراق يكمن في نشر أفكار تفكيكية للأسس التي بنى عليها دولته.

 

الإشكالية أن هذه المعركة يجب أن تحدث في الداخل الإسلامي أولا، يجب أن يتشرب الشباب من جديد الأفكار الجديدة للصراع، بالأحرى تعريفا جديدا وأوسع، وهذا الوعي وحده تحديدا هو ما سيجعل كل من داخل المعركة يدرك الثمن جيدا ويعرف خطواته ومن بدون احتياج للتوجيه من أحد أو تنظيم أو كيان.

 

إن ما نريده هو أن نحدد للناس نقطة التصويب، ثم لا نفكر كثيرا في كيفية إصابتها بقدر ما نفكر كثيرا جدا في كيفية توضيحها للناس بشكل قوي وبارز، حتى تكون هذه النقطة هي نقطة الفرقان وهي المستهدف للجموع، وبهذا نتجاوز التنظيم للتيار والإغراق في التكتيكي لصالح التجييش عن طريق الأفكار.

 

لو عدوك متخفٍ خلف حاجز أو ستار “ما” ولا تستطيع قنصه بسبب الحاجز أو الستار ومواجهته، فعليك حرق الستار وهدم الحاجز أولا.

 

ربما يكون عدوك “كيان” حقيقي، لكن الستار والحاجز “فكرة” أو “مفاهيم” كنت قد أعلنت قبولك بها واحتمى هو خلفها فشل مقدرتك على خرقها بينما هذه الأفكار كانت ضد مبادئك منذ البداية ولكنك أعلنت قبولك بها كنوع من التكتيك، فحوصرت بالتكتيل وفقدت القدرة على تفعيل مبادئك. 

 

 أنس حسن 

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.