الرئيسية » أرشيف - هدهد وطن » بي بي سي: مناقشات الكونغرس بشأن سوريا قد تقصم ظهر الرئيس أوباما

بي بي سي: مناقشات الكونغرس بشأن سوريا قد تقصم ظهر الرئيس أوباما

إذا استطاع أوباما تجنب الإهانة (إذا رفض الكونغرس منحه التفويض الذي طلبه من أجل شن ضربة عسكرية ضد سوريا)، فهذا يكفي إذ ليس ثمة أي فائدة من تحقيق النصر (في حال حصوله على التفويض الذي طلبه)، لأنه سيكون في موقف لا يحسد عليه.
 
ستشهد الأيام القليلة المقبلة تجريد أوباما من جميع العيوب الظاهرة التي تشين رئاسته كما ستستنزف جميع مواطن القوة في شخصيته حتى حدها الأقصى.
ولا يوجد غبار على كلماته المعسولة ومهارته في الخطابة، والتي من المنتظر أن يعمل على استغلالها في اللقاءات التلفزيونية الستة المنتظر ظهوره فيها، وفي خطابه الذي من المقرر أن يلقيه للأمة مساء يوم الثلاثاء.
إلا أن تكراره للفكرة نفسها في الآونة الأخيرة أفقد كلماته تأثيرها وسحرها على المستمع، بل إن ذلك أدى في بعض الأحيان إلى ازدراء المستمعين له.
بل إن الأمور أصبحت أسوأ من ذلك، حيث إن الكلمات المتوقعة منه والأكثر أهمية أصبحت هي الأكثر صعوبة لديه، فهي الكلمات التي تصدر عنه وهو يتحدث إلى أحدهم على انفراد أو على الهاتف، أو يخاطب بها السياسيين ممن سيتحكمون في مصيره.
كما أصبحت طرقه لإقناع الكونغرس بأي شيء سيئة بما فيه الكفاية.
وكان أوباما يتجاهل لسنوات القاعدة الأساسية للتعامل مع السياسيين في أشخاصهم.
فلدى كل عضو في مجلس الشيوخ وعند كل نائب من النواب شعور بأهميته الخاصة، حيث يحصل الجميع على اهتمام الرئيس وثنائه.
وبالنسبة لمن هم في السلطة، تكون القدرة على ذلك بمثابة عملة نادرة. فإذا ما عملت على إطراء أحد أولئك الساسة اليوم، سيكون من السهل عليك التوصل إلى اتفاق معه غدا.
إلا أن أوباما لا يجيد ذلك النوع من المداهنة، والضربات الخلفية، ولم يعمل يوما على بناء ذلك النوع من العلاقات الذي قد يمكّنه فيما بعد من تملق أحدهم أو تهديده.
إلا أن الوضع أسوأ من ذلك، فأغلبنا يكون قادرا على إقناع الآخرين إذا ما كان لديه حب وإيمان بما يتحدث عنه.
وإذا ما استمعت إلى أوباما في مدينة سانت بيترسبيرغ الروسية، ستجده وبشكل واضح لم يكن قادرا حتى على إقناع نفسه.
رغبات متشابكة
وقد لا يكون ذلك عادلا بالنسبة له، فقد قرر أوباما اتخاذ سلسلة من الخطوات، إلا أن ذلك لم يحدث سوى بعد الانتهاء من رحلة طويلة ومرهقة أخذته إلى مكان قد يبدو بعيدا جدا عن طبيعته.
ففي المؤتمر الصحفي الذي عقده في السويد، أشار أوباما إلى أنه سيولي اهتماما أكبر للتعامل مع مشكلات تعليم الأطفال الفقراء بدلا من قضايا الحرب والسلام.
وفضلا عن كل ذلك، وقع اختيار الشعب على أوباما حتى يجعل الأولوية للوطن وينهي الحروب التي تخوضها الولايات المتحدة.
وبالنسبة لكثيرين في داخل الولايات المتحدة وخارجها، فإن الأولويات التي يتبناها تمثل علامة على نضجه وقوته، وليس على ديكتاتوريته.
ويعد أوباما أحد السياسيين القلائل ممن يعلنون عن تفاصيل عملهم الداخلي، وهو ما يعتبر أحد مواطن التأثير التي يتمتع بها.
فهناك رغبة كبيرة لديه في تجنب الحرب، حيث تذكي المقتضيات السياسية تلك الرغبة للقيام بذلك لأسباب محلية وقناعة فكرية ترى أن الولايات المتحدة ينبغي لها ألا تفرض إرادتها على العالم كله.
إلا أن ثمة رغبة أيضا يدفعها حبه لحركة الحقوق المدنية للوقوف إلى جانب الضعفاء والمقهورين ومن حرموا حقهم في حكم أنفسهم.
كما أن هناك أيضا رئيس أركان الجيش الأمريكي، الذي تتمثل مهمته الأساسية في حماية أمريكا ومصالحها في العالم على المدى الطويل.
ويعتبر ذلك التشابك بين تلك الرغبات هو ما دفعه في البداية لأن يتحدث على استحياء عن التدخل في سوريا، إلا أنه أعلن بعد ذلك عن الخطوط الحمراء في استخدام الأسلحة الكيميائية.
كما أن تلك الرغبات هي التي جعلته يتراجع عن اتخاذ تلك الخطوات بعد أن بدا أن تلك الخطوط الحمراء جرى اجتيازها لأول مرة مما دفعه أن يعدل مرة أخرى عن موقفه مؤكدا على أن الأمر لم يكن يدور حول تغيير النظام.
وعندما رفض الآخرون أن يدعموه في وجهة نظره تلك، بما في ذلك بريطانيا، قرر حينها أن يتحول بوجهه إلى الكونغرس.
ومن الممكن أن يكون العديد من منتقديه على خطأ وأن يكون هو وحده قد اتخذ الطريق الصحيحة في مواجهة التيار كله.
إلا أن كل ذلك يبدو في الوقت الحالي بمثابة فوضى قد تقودنا إلى وقوع كارثة سياسية فيما بعد.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.