الرئيسية » تحرر الكلام » الثورة التونسية تحت نظرية المطرقة

الثورة التونسية تحت نظرية المطرقة

كان يوم 6 فبراير 2013  يوم اغتيال الناشط اليساري التونسي شكري بالعيد المعروف بعدائه الشديد لحركة النهضة الحاكمة هو نقطة الانطلاق لخطة المطرقة في نسختها التونسية ولمن لا يعرف فإن خطة المطرقة هي الخطة التي وضعها بعض جنرالات الجيش التركي سنة 2003 للانقلاب على الحكم في تركيا إبان فوز حزب العدالة والتنمية بالسلطة في انتخابات حرة ونزيهة  وتتمثل هذه الخطة حسب  ما كشفت عليه   الوثائق العسكرية السرية التي تم العثور عليها  في  أن العسكريين الانقلابيين كانوا قد خططوا لتفجير أربعة مساجد من أكبر مساجد إسطنبول لتهيئة الأوضاع لتدخل الجيش والإطاحة بحكومة حزب العدالة والتنمية، والسيطرة على السلطة بدافع إقرار الأمن والاستقرار.

                                                                                                                                                                   

ولكن من سوء حظ الانقلابيين في تونس المكونين من بقايا نظام بن علي وبعض تيارات اليسار التي لا تؤمن بالديمقراطية والتداول السلمي على السلطة أن الطبقة الحاكمة بتونس على علم وفطنة بهذه الخطة ولهم روابط و علاقات متينة بالتجربة التركية وبكل محاولات الانقلاب التي شهدتها تركيا فبادرت بطريقة فيها الكثير من المناورة والذكاء بحل الحكومة وتكوين حكومة جديدة  تجمع الكفاءات الوطنية من جميع الاطياف السياسية بما في ذلك الاطياف التي لم تلقى حظا في الانتخابات  قبل أن تتراجع عن ذلك بعد امتصاص صدمة الاغتيال وقامت بتشكيل حكومة كفاءات سياسية خاصة وأن الهدف الرئيسي من هذا الاغتيال النادر الحدوث بتونس هو إسقاط  الحكومة المنتخبة و التي ترشق إعلاميا وسياسيا منذ تكوينها بدعم الجماعات الاصولية والإرهابية .

                                                                                                                                   

إن نظرية المطرقة في نسختها التونسية قامت على محورين رئيسيين يتمثل أولهما في حملات إعلامية منظمة ومكثفة من المنابر الاعلامية التي أسسها وعين مدراءها وأنتدب صحفييها نظام بن علي وهي مازالت إلى الآن وبعد فرار بن علي تنتهج خطط تحريرية أمنية وبوليسية على شاكلة حكم بن علي ( قناة نسمة وقناة التونسية والقناة الرسمية خاصة ) وكانت هذه الحملات تركز على إيهام الرأي العام بتمدد الارهاب في تونس وأن تونس تحت التهديد المباشر للجماعات الاصولية المسلحة وهذه  الادعاءات محض كذب وافتراء لأن المدقق في الاخبار المنشورة في هذا السياق يجد أنها من باب التلفيق والتزوير ( قيام إمارات إسلامية في بعض المحافظات التونسية – بيعة لأمير المؤمنين في جنوب البلاد – إقامة حد السرقة وقطع الايادي في وسط البلاد )

 

أما المحور الثاني لهذه الخطة فهو المرور للقتل عبر خليات الاغتيال وكان الناشط اليساري شكري بلعيد أول حلقة من حلقات الاغتيال خاصة وأن هذا الناشط تدخل تلفيزيونيا قبل أيام من اغتياله وأكد أن حركة النهضة الاسلامية ستقوم بعمليات تصفية جسدية وأن لها قائمة في أسماء المستهدفين وهو لم يكن يعلم أن الجهاز الذي  أمده  بهذه المعلومات الخطيرة  كان قد وضعه على رأس القائمة لتثبيت التهمة على السلطة الحاكمة وإعطاء مبرر لكي توجه لها أصابع الاتهام وتسهل عملية الانقلاب عليها عسكريا أو مدنيا وهذه الخطة المعتمدة لنظرية المطرقة التونسية كللت بالفشل  الذريع  للسبب الذي أوردناه آنفا ولأسباب أخرى على علاقة بفطنة التونسي وذكاءه السياسي الفطري في مثل هذه الاحداث فالوعي الجماعي التونسي لم ينسى أن بن علي نفسه قد تورط في حرق مقر حزبه الحاكم وفي تفجيرات نزل سياحية إبان انقلابه على بورقيبة ليوجه أصابع الاتهام قضائيا وسياسيا وإعلاميا لحركة النهضة الاسلامية لكي يتخلص منها ويسوم قادتها السجون والمنافي والمعتقلات وأن التونسي بفطرته لم يعد يصدق هذه الالاعيب والافتراءات .

إن أول من أفشل خطة المطرقة على الطريقة التونسية هو الاعلام التونسي وخاصة إذاعة موزاييك وإذاعة شمس أف أم وخاصة جريدة الشروق التونسية لأن هذه المنابر كانت تروج لإرهابية السلطة الحاكمة وكل من أقترب منها بطريقة فجة ومفضوحة وكانت تستعمل نفس المنهجية والخطط التحريرية التي أعتمدها الجنرال الهارب أوائل التسعينات وكانت تبالغ في سرد الأكاذيب بطريقة منفرة ومدعاة للسخرية والتهكم وكأنها تخاطب شعبا جاهلا أميا لا شعبا قام بأعظم الثورات في القرن 21  فمن غباء وحمق هذه المنابر الاعلامية أنها كانت تروج للإرهاب بنفس الالفاظ ونفس المصطلحات ونفس الوجوه البائسة التي وقفت مع بن علي لاستئصال حركة النهضة منذ عقدين من الزمن ( خميس كسيله عبد العزيز المز وغي محسن مرزوق وغيرهم من سياسيي الاستئصال وعدم القبول بديمقراطية يكون الاسلاميين طرفا فيها )

إن فشل خطة المطرقة يوم فبراير 2013 أدخل الارتباك للمجموعات الاجرامية التي اعتقدت أنها ضربت السلطة الحاكمة في مقتل فأعادت الكرة في بداية شهر يوليو 2013 باغتيال الناشط القومي العروبي المسلم محمد البراهمي وذلك لتحقيق نفس الغرض التي اغتالت من أجله الضحية السياسية الاولى ولضمان نجاح عملية الانقلاب توالت الدعوات من جناحهم الاعلامي والسياسي للجيش للتدخل العسكري على الطريقة المصرية لقطع الطريق أمام مسار الانتقال الديمقراطي ولكنها لما أحست الصد وتيقنت منه من طرف قادة الجيش لم تتوانى عن ارتكاب مجزرة بحق الجيش الوطني التونسي بتفجير مركبة عسكرية بجبل الشعاني من محافظة القصرين وهي بذلك تحاول الانتقام من الجيش لأنه تجاهل النداءات للتدخل  ومن ناحية أخرى تحاول استفزازه للتدخل للشأن السياسي

إن فشل نظرية المطرقة في تونس للانقلاب على الشرعية الانتخابية أكثر من مرة لا يعني أن المجرمين من فلول بن علي وحلفاؤهم  سيتوقفون عن لعب ورقة الارهاب والترهيب بل ربما يدفع بهم الفشل إلى ارتكاب حماقات أكثر من ذلك بكثير تحت تأثير غضب الفشل والإحباط  خاصة وأنهم الآن يرقصون رقصة الديك المذبوح  وليعلم الجميع أن من أستفرد بالمال والسلاح والمال والسلطة لمدة تزيد عن نصف قرن سوف يستسلم للأمر الواقع بسهولة

 

 

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.