الرئيسية » تقارير » ماذا تعني تفجيرات كل يوم

ماذا تعني تفجيرات كل يوم

كما سبق وحكينا بمقالة قريبة جداً ، فأنت تعرف ( من دون الحاجة لمعاينة الشاشة) أنّ الخبر ذاك الذي تسمعه أذناك يدور حول العراق لا غيره، ما أن تسمع بأنّ التفجيرات قد طالت كذا مدينة من كذا محافظة موقِعةَ عشرات القتلى ومئات الجرحى هنا وهناك، وما أن تسمع أنّ عشرات غيرهم قد اغتيلوا بالكواتم وبالعبوات اللاصقة دوناً عن بلاد العالمين، وما أن تعرف أنّ المتبقي من تلك العائلة هو أمهات وزوجات يلطمن ويندبن وقربهنّ أطفال بهيئة جثث مقطعة أو وجوه مطرزة بالشظايا مع أطراف مقطعة للرجال وللصغار في لقطات لم تعد تحرك مشاعر العالم لكثرة ما تكررت من دون معرفة من المتسبب الحقيقي بذلك لغاية اليوم ونحن في العام العاشر الأعجف هذا من حياة العراق .. ستوقن من فورك أنّ العراق هو مثابة تلك الأخبار عندما تلاحظ أنّ لون الوجوه المحترقة يحاكي سواد الإسفلت ولون الإسفلت بحمرة الهيموغلوبين والأحذية المتناثرة هي الراكور المشترك لكل الصور حالها حال بقايا اللحم وشظايا العظام التي كانت قبل ساعات بشراً يتنفس ويتكلم وله صفحة في سجل الحياة . ستجد في كلّ مرة من يقف واجماً من دون أن يعلق: ذاك رجل يعرف من هم القتلة مهما تزيّوا بملابس مرقطة فهم ضباع وأفاعي رقطاء شاء لهم نيكَروبونتي أن يكونوا مخلب الإحتلال في فترة الإحتلال وما بعدها ، إنها أدوار مرسومة . حزب الدعوة ورئيس وزرائه المالكي ينفذون نفس جرائم الجيش الجزائري في قتل المدنيين واغتصاب القرويات وحرق عائلات بأكملها لتلبيس كل ذلك على المعارضة، واللعبة مكشوفة وجليّة فتحليل المصالح واضح وهو يقرأ هذه النتيجة لا غيرها:المستفيد الوحيد من نشر التفجيرات في المناطق الشيعية هو المالكي وحزبه المجرم. المالكي غارق ويتعلق بقشة الطائفية فهو  يحرق بعض الشيعة ليتحكم بمشاعر البقية الباقية ، أيّ شيعي يفعل ذلك؟ وحده من هواه مع عجم إيران.

 

في عراق تحرقه كل يوم تخبطات حكومة متسمة بفرط الإجرام والتبعية لجارة السوء الفارسية ، مع حكومة عنوانها هو النهب والفساد المستشري الذي لم يعرفه العراق في أسوأ فترات حكمه السابقة ، في حكومة الفشل بكل شيء هذه سواء في مجال الخدمات أو الأمن أو الإعمار  أو العلاقات الدولية أو أي مجال آخر يخطر على البال ، رغم دعم الإيرانيين و الأمريكان الفائق كي تقف هذه الحكومة العميلة على أقدامها في عراق يشهد زلزلات وصحوات لم يحسب لها الولي السفيه حساباتها ، في عراق كهذا ما الذي تعنيه هكذا تفجيرات أصبحت قاسماً مشتركاً لأخبار كل أيام السنة ؟ إليكم قائمة متواضعة لما تعنيه هذه التفجيرات :

1.       الحكومة ومن قبلها إطلاعات بني فارس هما المعني الرئيسي بتدبير وتنفيذ الجرائم فالإمكانيات التي تغطي خارطة العراق لا تتوفر لدى أيّ فصيل مقاوم / ليس والسيطرات ترى إحداهن الأخرى في كل مكان وعلى الطرق الخارجية ، ليس وشبكات الإتصال كلها مملوكة للأحزاب الحاكمة ، ليس والجيش والشرطة وبقية البيادق يملئون الشوارع ويستقرون وسط الأحياء السكنية ، ليس والأمريكان من ورائهم يمدونهم بالغيّ ويسهلون لهم أمور التشويش والتعقب والمراقبة والتصنت . من الذي يملك أن يخترق كل هذا ويشعل وجه العراق بالنار ليأتي حرثه أنّى شاء : وقت شاء وحيث شاء !؟

2.        المطلوب من التفجيرات هو ما مطلوب في كل تفجيرات أخرى: إرهاب وإرعاب وإيقاع أقصى ضرر ممكن بالمتواجدين في الساحة مهما كانت هوياتهم، زائداً أمور أخرى تتعلق بطبيعة العراق بالذات. فهو التدمير والقتل بالدرجة الأساس كي يبقى العراق أشبه بأرض ملوثة بإشعاع نووي ( وهذه بالذات موجودة أصلاً وتمثل صفحةً أخرى من صفحات المعركة ضد العراق ) متسببةً بتهجير العراقيين دوماً للخارج ، لكن ما مرغوب إحداثه بشكل خاص إضافةً لذلك كله هو توريط السنة مع الشيعة عن طريق توزيع بركات ومكرمات خامنئي على الطرفين وبشكل عادل غير منحاز! فأنت تجد التفجيرات التي تستهدف الشيعة تصل لعمق مناطقهم الشعبية وصولاً إلى ما حول المراقد كما في الكاظمية، رغم كل التحوطات والتدقيق الدقيق . نفس الشيء يحصل في مناطق السنة ولم يحصل لغاية اليوم أن ألقي القبض على منفذي التفجيرات رغم هول أعداد الكاميرات ورغم كثافة أعداد العناصر الأمنية السرية . قوات الشرطة والإتحادية منها بالذات تسهّل دخول القتلة وتسهّل خروجهم في كل مرة: عين ما حصل في محاولة إغتيال حازم الأعرجي مؤخراً، ومن جهة أخرى فقد ثبت تورط الفرقة الثانية بالموصل في أعمال تصفية المسيحيين والعرب من أهل المدينة إضافةً لتحريك الشارع ضد مجلس المحافظة في فترة تواجد المنحرف ناصر الغنام كقائد للفرقة الثانية  .

3.       وما مرغوب بعد هذا من هذه التفجيرات هو إشغال العراقيين عن التأمل بواقعهم المزري وجرهم بعيداً عن وعود عرقوبية مالكية كالمائة يوم تلك التي طواها النسيان، وجعلهم يعرضون عن تعقب حادثة قتل المخرج هادي المهدي المكشوف للجميع من هو المجرم وراءها ، وسحب العقل الشيعي العراقي بعيداً عن مسرحية تفجير مراقد سامراء التي تبين الفاعل الحقيقي لها في حين تم إعدام كذا متهم بها وكل مرة يطلع المالكي وناطقه الرجيم بقصة تتنافى مع ما سبقها . في عراق كهذا تصبح التفجيرات هذه ضرورية وملزومة وإلا فهي ( إصحى يا نايم ) ، كما يلفظها المسحّراتي ، بالألف المقصورة لعلها تفعل فعلها بدل الجزم لفعل الأمر كما يقول سيبويه !

4.    أنّ هذه الحكومة بكل القوة التي تستعرض بها في الشارع من شرطة وجيش وقطعات خاصة وفرق قذرة يسمونها ذهبية وعناصر شرطة سرية وشرطة إتحادية وأمن و أمن وطني ومخابرات وإستخبارات ومليشيات لا تعدل قوة المقاومة مطلقاً فما أن تفرقع المفرقعات حتى ترى هؤلاء يتشاردون كالبعران صوب جدر تحميهم ، ولحد اليوم بعد عشر سنوات من الإحتلال لا يجرؤ هؤلاء على كشف وجوههم بل يتحملون حرّ وجيفة الجواريب السوداء التي يحجبون بها وجوههم ما لم يكونوا مرتزقة من الجنوب يخدمون في الشمال أو مرتزقة من الشمال يخدمون بالجنوب، يتحملون ذلك كي لا يتم تمييزهم ومن ثم اصطيادهم . لحد اليوم وبعد عشر سنوات ورغم كون كل برلماني أو زير أو قائد مليشيا أو أمين سر حزب من هذه الأحزاب محاطاً بمئات الحمايات وعشرات و مئات السيارات الرباعية الدفع لتسحر أعين الناس وتسترهبهم ، لحد اليوم لا يجرؤ هؤلاء على النزول للشارع وتفقد مواقع العمل أو أحوال المواطنين أو ضحايا النكبات الطبيعية أو المفتعلة كالتفجيرات . لحد هذا اليوم لا يحظى من ينتخب هؤلاء بأي شيء مما حلم به أو وعدوه هم أنفسهم به : لكنها المشاعر الطائفية وفرط الشد المذهبي هو ما يجعل هكذا عراقيين ينتخبون هؤلاء السفلة مرة بعد مرة : هذه التفجيرات مقصودة لإحداث الخوف من التغيير وإدامة نمطية الإنتخابات: لذا لا يستبدل صاحب الكلب كلبه فهو واقع بوهم مفاده أنه ما أن يستغني عن كلبه فسوف تلتهمه الذئاب !

كتابات (ابو الحق)

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.