الرئيسية » تحرر الكلام » الإنقلاب الناعم والحاكم الحالم

الإنقلاب الناعم والحاكم الحالم

 

صحيح ان الرئيس محمد مرسي كان متعلما في امريكا وقام بالتدريس في مصر ،وصحيح ان الإخوان المسلمين ناضلوا وصبروا على مدى عشرات السنين من اجل تحقيق اهدافهم ، إلا ان ما إنتهجوه حين قطفوا ثمار الصبر بصعودهم على كرسي الرئاسه كان مليئ بالأخطاء التكتيكيه التي هي سمة العصر الحديث ، بما ان الجميع يعرف هدف الفلول في العوده وهناك من يدعمهم سرا وعلنا كان على الإخوان التصدي لذلك من خلال كسب الشعب إلى ناحيتهم بمنصب او الأخذ برأي او بخطة سريه تبدي سياسه وتضمر الأهداف الحقيقيه -ولا نقصد الغدر بل محاربة الآخر بذات السلاح- ما الضير إذا تنازل الاخوان المسلمين وواجهتم الرئيس مرسي عن بعض الامور في الدستور ودار القضاء والسياحه وغيرها مما لا يتعارض مع المبادئ الانسانيه والدينيه إذا كانوا يودون البقاء في الكرسي خصوصا ان هذا سبيل غالبية حكام العالم فلا وجود لتحقيق كامل ما يؤمن به الحاكم من مبادئ مع رضا كامل الشعب الذي يختلف معه وحسب شرائحه بالكثير منها ،لقد غر الإخوان كثره الاصوات وسدة الحكم وهذا شكل لهم غشاوه عن واقع الحال في مصر مما أدى لإصدار قرارات تخص امور لم يتسنى رؤيتها بوضوح ، كان يحلم الرئيس مرسي بإعمار مصر وإنتشالها من كل وحل بإقتصاد مزدهر وعلاقات طيبه مع كل دول العالم إلا ان طريقه الوصول للأهداف كانت على خط متوازي مع تحقيقها ، فلا يمكن ان هدفي البقاء وأعادي المؤسسه العسكريه المتجذره في الجسد المصري ، لقد كانت المطالب لا تتضمن ارحل وكان من الذكاء العمل على إحتوائها قبل الوصول لذلك الشعار وعلى فكره كل بلدان الربيع العربي ومنها مصر لم يكن مطالبها بالبدايه إرحل ، كان تصرف الرئاسه المدعومه من الإخوان والتي تعرف تماما التدخل الخارجي والإحتقان الداخلي في غير محله حيث دفع بتلك المطالب دفعا قويا لرفع سقفها حتى بلغت إرحل

اما بالنسبه للمجلس العسكري فمهما عمل وجاهد فإنه لا يستطيع ازاحة صفة الانقلاب عما حصل فهناك رئيس منتخب قائدا عاما للقوات المسلحه ،وهناك دستور صوت عليه الشعب ، ولذلك اقصى ما استطاع السيسي عمله هو ان يضفي على الإنقلاب متكامل الأركان صفة النعومه من خلال البرادعي والبابا وشيخ الازهر ، لكنه يبقى انقلابا عسكريا والدليل الجواب على سؤال بسيط : هل جاء هذا التغيير بالقوه ام بالإتفاق؟ وهناك من الادله الكثير منها تعليق عضويه مصر في الاتحاد الافريقي ، ومن هنا هل يستطيع المجلس العسكري توفير الامن والإستقرار للشعب المصري بعد ان انقلب على الشرعيه ؟ ، هل يستطيع الجيش ان يحتوي ردة فعل الاخوان المسلمين الذين احسوا بالغبن والظلم خصوصا ان مبادرة الجيش هي ذاتها مبادرة محمد مرسي التي طرحها في اخر خطاب ولا تختلف الا في نقطه واحده وهي عزل الرئيس ، مما يدل على تبييت النيه منذ زمن لخلعه ، ومن ناحيه اخرى كيف للجيش ان يدعو الاخوان المسلمين للمشاركه في العمليه السياسيه اذا كان قد اعتقل المئات من قياداتهم بعد ربع ساعه من الانقلاب واغلق قنواتهم وما يتعلق بها وسجن الرئيس الذي جاء

عن طريق صندوق الانتخابات في مقر الحرس الجمهوري ، لقد حارب الجيش الديمقراطيه بعزل الرئيس المنتخب بنزاهه الوحيد في مصر وحارب العديد من المصريين الحكمه ومصلحة الوطن العليا حيث إنجرت جموع كثيره خلف اجندات داخليه وخارجيه منهم من غرر بهم ومنهم من يعرفون انهم يخونون الديمقراطيه بل والوطن ، لقد سن الجيش المصري قانونا وهو انه وصيا على كل رئيس مصري بالمستقبل مما يعني انه لا مانع من ان يكون رئيس مصر القادم من المراهقين ، صحيح ان الجيش المصري ذو تاريخ عريق ووقف مع الشعب في ثوره 25 فسانده ونصره على دكتاتوريه حسني مبارك وقد تمنت الكثير من الشعوب العربيه كالعراق وليبيا وسوريا واليمن وغيرها ممن تتطلع لإسقاط الظالمين القابعين على قلوبها منذ سنين ، ان يكون لديها جيش كهذا يقف بجانب الشعب وينحاز له فيما إذا وقع عليه ظلم وجور من الحاكم ،إلا ان هذه الصفات لا تعطيه الحق في رفض الديمقراطيه والإطاحه برئيس منتخب ، هو بذلك حل المشكله بمشكله اكبر منها بكثير ، كان الأولى حين عرض الرئيس مرسي في خطابه الاخير تطبيق المبادره المقدمه اصلا من المعارضه والمتطابقه تماما مع خارطه طريق الإنقلاب العسكري أن ينتظر ويعمل على تقارب وجهات النظر كون الامر اصبح ميسورا والفجوات انحسرت وكان عليه بدلا من أن يأخذ البابا والبرادعي وشيخ الازهر كغطاء للإنقلاب ، دعوتهم لتطبيق ذات المبادره التي ضاف عليها عزل الرئيس فقط مؤخرا واسماها خارطه طريق ، دعوتهم للتدخل والعمل على جلوس الرئيس الذي رحب وبشكل مباشر بذلك ودعا اليه معهم لتطبيق المبادره التي تحولت في اليوم الثاني الى خارطه طريق من ابداع المجلس العسكري والحقيقه هي ان المجلس العسكري لم يضيف عليها الا نقطه واحده وهي عزل الرئيس مما يعكس وبوضوح ان الامر كان مبيتا ، خصوصا ان صحيفه معاريف اسرائيليه اشادت بالمانشيت العريض بالسيسي وإعتبرته القائد الذي اعاد مصر لأحضان اسرائيل من الإسلاميين ، كما ان الكثير من وسائل الاعلام والمحللين اكدوا ان المؤسسه العسكريه اتخذت قرار عزل مرسي وضرب الأسس الديمقراطيه عرض الحائط بعد دعمه لمؤتمر دعم الثوره السوريه الذي عقد بالقاهره وقراره قطع العلاقات مع بشار الأسد ، بالإضافه الى ذلك هو مسارعه بعض الدول العربيه للترحيب بالإنقلاب وإتخاذها قرارا بضخ المليارات في البنك المركزي المصري كهبه غير قابله للإسترجاع ابتهاجا بعزل مرسي وتمهيدا لعودة جماعة حسني ، بالرغم من ان مرسي الحاكم الوحيد لمصر الذي يحفظ القرآن وتم الانقلاب عليه ولم تسجل بحقه حادثه فساد او اختلاس او خيانه او عماله بل وعلى كامل عائلته وبطانته وحتى الحزب الذي ينتمي له ،هو الرئيس الوحيد الذي تسافر عائلته على نفقتها الخاصه بالدرجه السياحيه ويعمل ابنه بالخارج ويصلي مع جموع الشعب في المساجد ، هو الرئيس الذي اعاد النشاط لصناعه السيارات المصريه والطائرات من غير طيار وقرر ودعم العمل بمشروع قناه السويس الذي يضر ببعض الدول عربيه غربيه وعبريه ، هو الرئيس الذي اجبر الحيتان الكبيره في عهد مبارك وغيره على دفع الضريبه للخزانه المصريه فضخ الملايين في خزينه الدوله من هؤلاء الامر الذي ازعج الحراميه واصحاب الجيوب الصفراء التي تلدغ في الجسد المصري من سنين طويله ،هذا الرئيس الذي في عهده القصير اوشكت مصر على الاكتفاء الذاتي من القمح وغيره من المنتجات ، في عهده عادت الاراضي الجرداء للحياه وبدأت تنعش الإقتصاد المصري ، في عهده فتح معبر رفح للمحاصرين الفلسطينيين ليعطيهم امل ان الامه لا زالت بخير في عهده كانت صوره تضرب بالأحذيه من الحاقدين والمأجورين ولم يعتقل احدا كان الاعلاميين يخرجون له السنتهم وينعتونه بصفات بذيئه حقيره ولم يعتقل احد ، أما الآن وبعد خمس دقائق من الانقلاب اغلقت القنوات وأعتقل المئات وضرب بالنار العشرات وبتهم لا ترتقي ابدا لم كان يحصل على ايام مرسي ، خلاصه الحديث ان المؤسسه العسكريه المصريه اصابت الديمقراطيه الوليده بمصر في مقتل ولم تعالج الامر بل نفذت اجنده تتعارض ومنجزات مرسي الذي يعتبر إستمرار وجوده خطرا على الغرب بالدرجه الأولى كون منهجه يعيد مصر لقوتها بينما المطلوب ان تكون ضعيفه وهذا ما حققه الانقلاب ،واننا نرى ان تداعيات الانقلاب على الشرعيه لن يتمكن السيسي والرموز التي وضعها تنفيذا لخارطته من السيطره عليها ، الاخوان المسلمين لهم ثقلهم في مصر وهم نسيج اساسي ضحى لعشرات السنوات بكل غالي وإن لم يشعروا بإزاحة الغبن عنهم فإن الظلم إعتادوا على مجابهته

بقلم : مياح غانم العنزي

@mayahghanim twitter

 

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.