الرئيسية » تحرر الكلام » كيف تقبل شريكاً بزوجتك؟

كيف تقبل شريكاً بزوجتك؟

 

كيف تقبل شريكاً بزوجتك؟

د. فايز أبو شمالة

ديوث، كل رجلٍ يقبل أن يشاركه غريب في زوجته، إنه ديوث، فالرجل الحر لا يقبل أن تنام زوجته ليلة في حضن غريب، أو حتى في عيادة طبيب، فكيف لو كان الغريب عدواً وحشياً؟

ولما كان الوطن مثل الزوجة، أو أعز قليلاً، فالحر لا يقبل بوطنه شراكة، ولا يرضى بتقسيمه نسباً مئوية، ولا يرضى أن يبادل منه قطعة أرض بأخرى، مهما صغرت، ليصير كل من يقبل بقسمة الوطن ديوثاً، لا ملامة له ولا عتاب، وإنما يستحق العقوبة والعذاب.

ذلك الحديث كان مضمون خطبة يوم الجمعة للشيخ عكرمة صبري، رئيس الهيئة الإسلامية العليا، حين قال رداً على مبادلة الأراضي: إن فلسطين هي أرض الإسراء والمعراج وأرض المحشر والمنشر، وهي غير قابلة للبيع أو المتاجرة أو المفاوضات أو المساومات. وكان قد سبقه القيادي في حركة حماس إسماعيل الأشقر، حين قال أمام أعضاء المجلس التشريعي: إن كل من يعترف بإسرائيل مرتكب للخيانة، ويستحق حكم الإعدام.

تمنيت أن تصدر هذه التصريحات الفتية النقية البهية الزاهية الجلية عن رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، وليس عن خطيب المسجد الأقصى، وعن نائب في البرلمان عن حركة حماس، لأن الأجدر بمثل هذه المواقف هو القائد العام للقوات المسلحة، رئيس اللجنة التنفيذية، صاحب أعلى مكانة قيادية تمثل الشعب الفلسطينية كله، فهو الأجدر بأن يحافظ على الثوابت، ولاسيما أن منظمة التحرير الفلسطينية تمثل مصالح 12 مليون فلسطيني في غزة والضفة الغربية والشتات، بينما السلطة الفلسطينية لا تمثل إلا مصالح 30% من تعداد الشعب الفلسطيني.

تمنيت أن يكون رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية شخصية أخرى تغاير تماماً شخصية رئيس السلطة الفلسطينية، بل ويقف رئيس المنظمة لرئيس السلطة بالمرصاد، كلما حاول أن يتنازل عن الثوابت، تمنيت على رئيس منظمة التحرير الفلسطينية أن ينهر ويحتقر رئيس السلطة الفلسطينية إذا اعترف بإسرائيل، وأن يصرخ في وجهه، أنت لست الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، سأقطع لسانك، وأجز عنقك، وأحشو خصيتك ملحاً، فأنت عنينُ إذا اعترفت بإسرائيل، وأنت أصغر من أن تنطق باسم الشعب الذي تتواجد غالبيته في دول الشتات.

فهل ستنتبه حركة حماس في جلسات المصالحة إلى هذه الحقيقة، وهل ستصر على أن يكون رئيس منظمة التحرير الفلسطينية شخصية مغايرة تماماً لشخصية رئيس السلطة الفلسطينية، وأن تكون شخصية رئيس الوزراء أقل شأناً بدرجات من شخصية الاثنين، وأن تكون شخصية وزير الداخلية، وقادة الأجهزة الأمنية لا تساوي شيئاً في هذا الحساب الوطني الكبير.

سيغضب البعض، ويقولون: إنها السياسة، والسياسة فن الممكن، وإن الاعتراف بإسرائيل قمة الوعي السياسي الفلسطيني، ورأس الهرم الجليدي الراسخ في الثوابت الوطنية.

الشعب الفلسطيني يرفض التبرير، ولسان حاله يقول: الذي يضحى بالأوطان ليس سياسياً، والذي يقبل أن يشاركه عدوه في زوجته ليس وطنياً، وسنحاسب كل من تنازل عن 78% من أرض فلسطين، واستبدل الثوابت الوطنية بالثوابت الوثنية، والمتمثلة بالشروط الرباعية.

 

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.