الرئيسية » أرشيف - هدهد وطن » (أم عمر).. حكاية (مجاهدة) سورية في الـ53 ترد على (بن جدو)

(أم عمر).. حكاية (مجاهدة) سورية في الـ53 ترد على (بن جدو)

 

فيما يخترع "الإعلام الأسود" قصصا وأساطير عن دور للمرأة السورية الحرة، تأنف عن ممارسته كثير من الساقطات، مدعيا انتشار ما يسمى "جهاد المناكحة"، تعطي أم عمر صورة حقيقة عن مهام المرأة السورية في الثورة، وهي تقوم بـ"جهاد" إطعام الثوار، الذين يقاتلون لتشرق شمس القيم الجميلة التي حاول النظام وما زال تغطيتها بغربال افتراءاته.
 
في سن 53, أم عمر قررت ممارسة نوع خاص من "الجهاد" في جبال التركمان شمال غرب سوريا، حيث تنكبّ على القدور والطبخ كل يوم من أجل إطعام ثوار الجبل.
 
وبينما تنهمك في تقشير وتقطيع البطاطا، تخبرنا أم عمر: أستيقظ في الخامسة صباحاً لتهيئة وجبات طعام الثوار، ولم أتغيب عن عملي هذا ولو يوما واحدا خلال سنة تقريبا.
 
بينما يقول الثائر الشاب "أسعد" إن أم عمر لم تتوقف عن الطبخ لهم أيا كانت الظروف، فهي تقوم بعملها "في الثلج، والمطر، وحتى تحت قصف الصواريخ"، ويشاركه القناص "أبو خالد" رأيه هذا مثنياً على المرأة التي يعدها بمثابة أم أو اخت للمقاتلين، بحسب تقرير لوكالة "فرانس برس".
 
ويتذكر أبو خالد: إنها تعمل المستحيل لإمدادنا بما نشتهي من الطعام، ومرة طلب شخص ما "رز بالحليب"، وفي اليوم التالي كان طلبه عنده، رغم أنها عانت من أجل إيجاد مكونات هذه الحلوى.
 
ومع كل الجهد الذي تبذله، لا تحبذ أم عمر أن تظهر نوعاً خاصاً من الفخر، قائلة: إطعام الثوار هو طريقي لمساعدة الثورة. وأنا أحرص على إبقاء ذهني مشغولاً به طوال اليوم، حتى لا أدع مجالاً للقلق بشأن القصف والإذلال الذي نعانيه كل يوم على يد النظام.
 
أم عمر، التي تنهي كلّ جملة لها بـ"لعنة الله على بشّار"، اتخذت قرارها بمغادرة اللاذقية حيث عاشت، وهي المدينة التي لا تزال بعيدة إلى حد كبير عن ويلات الحرب، لكنها مخنوقة بقبضة شديدة من النظام.
 
معظم منطقة جبل التركمان واقعة تحت سيطرة الثوار حالياً، وهي منطقة حساسة لأنها تجاور تركيا الداعمة للثورة من الشمال، وجبال العلويين معقل الموالين لبشار من الجنوب، وقد استعر القتال على الحدود الجنوبية للجبل طوال الشهور التسعة الماضية، فيما كان الثوار يحاولون الاقتراب من اللاذقية، التي لا يفصلهم عنها سوى 50 كيلومتراً.
 
أم عمر التي تحن إلى اللاذقية، تقول: أقسمت أن لا أترك الجبل حتى يسقط الطاغية، وعندها يمكننا العودة إلى بيوتنا منتصرين، في البداية أطفالي لم يفهموا ماذا أفعل، لكنّي شرحت لهم حتى استوعبوا، حتى إن زوجي بات مقتنعاً برأيي، ومع ذلك تعقب: على أي حال، أنا أقوم بما اخترته بمفردي، وأنا أعمل ما أريد.
 
أم عمر في سن الـ53 لا تزال تتمتع بمعنويات عالية، وتلزم نفسها بجدول عمل يومي صارم، حيث تستيقظ لتصلّي الفجر، قبل شرب قهوتها ومباشرة الإعداد لـ"طبق اليوم، حيث تمر على الجيران، الذين يعطونها ما تيسر من مكونات الوجبة المراد طهوها.
 
في حديقة عائلة تركمانية، تستعمل أم عمر سكيناً صغيرة لقطع قليل من النعناع، البقدونس وأوراق الخس، قبل أن تعود إلى "مطبخها"، الذي هو عبارة عن قطع من البلوك صفت فوق بعضها، يعلوها ستار من الخيش تم اتخاذه كسقف. 
 
إنها كبيرة الطبّاخين، وإن كانت بلا قبعة أو مئزر، وكان مطبخها متواضعاً، فهي استعاضت عن كل ذلك بالعمل في خدمة الثوار، في مهمة تدعوه أم عمر "جهاداً".
 
توقد فروع وثمار الصنوبر تحت قدورها، وسط حقل يقع بجانب لواء للمقاتلين، وهي تتذكر: في البيت كان عندي موقد غاز، أما هنا فلا بديل عن الطبخ على النار، وتمضي لقطع بعض الحطب وحمله بنفسها من مكان قريب، قائلة وعلى وجهها ابتسامة عريضة: هذه الثورة دفعتني لأن اكون أكثر صلابة.
 
 
ترجمة: زمان الوصل 

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.