الرئيسية » تحرر الكلام » ما الذي يسير في الاتجاه الخطأ ؟ الكاتب /برنارد لويس .

ما الذي يسير في الاتجاه الخطأ ؟ الكاتب /برنارد لويس .

 

الترجمة :نجوى السودة
By Bernardمنافستها لأكثر من Lewis
 
 
يستهل الكاتب برنارد لويس مقاله بأن الحضارة الإسلامية بكل مقاييس عالمنا المعاصر قد انحدرت وتوقف نموها اقتصاديا ,وتعاني شعوبها من الأمية ,وتعثرت منجزاتها في النواحي العلمية .يقول الكاتب أن العديد في الشرق الأوسط يلقون اللوم على قوى مختلفة .بينما يرجع برنارد ذلك إلى أن العبء الأكبر يقع على أن الكثيرين من شعوب العالم الإسلامي من الكادحين الذين يفتقرون إلى الحرية .بينما في مستهل القرن العشرين صار واضحا وبصورة تفوق الحد أن الأمور تسير في طريق سئ في الشرق الأوسط –وهذه حقيقة ,في كل أراضي المسلمين .يقارن الكاتب بين الحضارة المسيحية والإسلامية ,منافستها لأكثر من ألف سنة ,قد صار فيها العالم الإسلامي فقيرا,ضعيفا ,جاهلا . في ذلك الحين هيمن الغرب وسيطر على العالم الإسلامي وصار هذا واضحا ووصل بهم الحال من التردي و مما يؤلم أكثر أنهم اقتحموا حياتهم الخاصة. قام المسلمون المعاصرون بجهود من أجل الإصلاح وبثورة ركزوا فيها على ثلاثة مجالات :الحربية ,الاقتصادية ,السياسية . أوضحت النتائج التي أنجزتها هذه الجهود نحو الإصلاح ,أقل ما يقال عنها أنه مخيبة للآمال . وقد قامت هذه الدول بإجراء تحديثات في الجيش إلا أن هذه التحديثات أعقبتها هزائم متوالية أذلت الدول الإسلامية. إن السعي وراء الازدهار في التنمية نجم عنها دولا فقيرة وفاسدة في اقتصادها وتناوبت في احتياجاتها للمعونات الخارجية وأصبحت المعونات والدعم الخارجي هما السبيل الوحيد للدخل القومي لتلك الدول الفقيرة , وتبع ذلك استقلال مرضي لبعض الدول على مصدر وحيد للدخل —وهو" البترول ".وحتى هذا المصدر أكتشف ,واستخرج اعتماداً على ذكاء وقدرة الغرب في الصناعة حتى يصبح في متناول اليد,لتستغله رغم أنه مقدر له النفاذ ,آجلا أو عاجلا,أو,أن الاحتمال الأكبر,أن يستبدل المجتمع الدولي البترول بطاقة أخرى لازدياد تخوفه من هذه الطاقة التي تلوث الأرض,والبحر,والهواء أينما استخدم أو نقل إلى مكان آخر,مما وضع الاقتصاد العالمي تحت رحمة زمرة من المستبدين المستأثرين. والأسوأ من ذلك كله النتائج السياسية التي ترتبت على ذلك:أن السعي الدءوب الناشد للحرية خلف وراءه شرائح من الأنظمة الطاغية الخسيسة المستبدة ,بدءا من النظام البيروقراطي التقليدي إلى الاستبدادي والتي تمتاز بشئ وحيد وهو حداثة أجهزتها في القمع وتلقينه مما أصاب الكثيرون بالملل من وجود وسائل تنموية –إلا أنها لم تحقق النتائج المرجوة منها .ومن هنا وهناك قاموا بعمل بعض الأشياء التي تخفف من وطأة الفشل سواء عن طريق التسليح وإنشاء المصانع والمدارس والبرلمانات ,واستفاد البعض من عناصر محددة من السكان .إلا أنهم في واقع الأمر فشلوا في ضمد الجراح أو حتى علاج الخلل المستمر دون توقف بين الإسلام والغرب .وفي انتظار مما هو أسوأ .لقد بات من السيئ أن يشعر المسلمون وهم دعاة الحضارة والثراء والقوة بالضعف وأن تنتزع من أيديهم الريادة والتي كانوا يعتبرونها حقهم, وأن يصل بهم الحال أن يكونوا تابعين للغرب .غير أن الكاتب يولي القرن العشرين وخاصة النصف الثاني منه أهمية خاصة حيث جلب لتلك الدول المزيد من الخنوع و المهانة —- وأدركوا أنهم لم يعد لهم فضل السبق على من يتبعونهم الآن بل على العكس فإنهم يتراجعون للخلف من خلال خطة طويلة الأمد حرصت و نجحت في تغريب العالم الإسلامي وصار هذا بوضوح في شرق آسيا .إن النهوض الذي حل على اليابان شيئا يدعو إلى التشجيع وان كان يشوبه شائبة .إن الورثة الذين ورثوا الفخار بحضاراتهم العريقة قد اعتادوا على الاستعانة بالشركات الغربية لتنفيذ مهام بدا واضحا جدا أن المتعاقدين والفنيين كانوا غير قادرين على تنفيذها . والآن إن رجال الأعمال والحكام في الشرق الأوسط يدعون المتعهدين والفنيين من كوريا—النازحين لتوهم من الحكم الاستعماري الياباني — ليقوموا بأداء تلك المهام . مما لحق بهم إعاقة منهجية في الخبرات أدت إلى العرج في العمق رسخ تخلفا ما زال يترك أثاراً سيئة إلى مدى بعيد .
و بذلك طرح الكاتب كافة الشواهد المؤكدة على تخلف تلك الدول عن ركب الدول المتقدمة الغربية في شتى المجالات مثل التعليم و سوق العمل و تناول الحريات في الحياة السياسية واحترام حقوق الإنسان—-كل هذا قد كان يوما رمز للحضارة صار الآن انحدارا. 
 
"من فعل هذا بنا ؟"انه السؤال الموازى للفشل و رد الفعل السائد بين بني البشرية عندما تسير الأمور بطريقة سيئة ,ولقد سأل نفس السؤال الكثيرون في الشرق الأوسط في الماضي والحاضر .و هناك عدة إجابات مختلفة على هؤلاء . .
و من الإجابات السهلة و المرضية لهم دوما إلقاء اللوم على الآخرين من جراء أخطاء نظام من الأنظمة والشخص الذي يتولى تلك الأنظمة . مثال على ذلك أعتبر المغول لفترة طويلة الأوغاد المفضلين . وقع اللوم عليهم لغزواتهم في القرن الثالث عشر وذلك لتدميرهم قوة المسلمين والحضارة الإسلامية , ونظرتهم لها على أنها فترة ضعف وركود .غير انه بعد ذلك بفترة أشار المؤرخون ,مسلمين كانوا أو غير مسلمين إلى عيبين في هذا الجدل .الأول و هو كان أن بعض أعظم الانجازات الثقافية للحضارة الإسلامية,كانت تظهر جليا في إيران,لكنها أتت بعد, وليس قبل ,الغزو المغولي . أما الشيء الثاني ,والشئ الأكثر صعوبة على تقبله إلا أنه لا يمكن إنكاره,وهو أن المغول أطاحوا بالإمبراطورية التى كانت بالفعل ضعيفة.;
صار صعبا علينا أن نرى كيف لإمبراطورية الخلافة أن تستسلم وتركع لعشيرة من الفرسان البدو يقودون عشيرتهم من قلب السهوب من شرق آسيا. إن تأجج الروح الوطنية —التي استمدتها من أوروبا—ولدت لديهم قدرة على فهم الأمور بصورة جديدة .كما ألقى العرب باللوم على الأتراك الذين حكموهم لقرون عديدة لأنهم عرقلوا حياتهم . أما الأتراك أوعزوا حالة الركود الحضاري التي ألمت بهم إلى الميراث المميت الذي خلفه العرب,والتي كان يتم فيها القبض على الأتراك وتجميد حركتهم . ومن ناحية أخرى أصاب الفرس الندم لأنهم خسروا مجدهم العريق وسيطرتهم على العرب والأتراك والمغول . 
هناك أيضاً مرحلة جديدة في القرنين التاسع عشر والعشرين سيطرفيها البريطانيون والفرنسيون على العالم العربي ليخلفوا وراءهم امبريالية الغرب ككبش فداء يمكنهم تقبله عن غيره .وهناك من الأسباب الجيدة في الشرق الأوسط التي تدعوا إلى مثل هذا اللوم ..إن سيطرة الغرب سياسيا ,واختراق اقتصاد تلك الدول ,والأطول مدى والأكثر عمقا وتأثيرا على تلك الدول هو الغزو الثقافي الذي غير من هوية المنطقة وغير نمط وحياة شعوبها ,لتنحى مناحي مختلفة عنها ,لتفجر اتجاهات جديدة ,وتشعل آمالا ومخاوف جديدة ,فتخلف وراءها أخطاراً وتوقعات لم تألفها في واقعها الثقافي من قبل .
غير أن التدخل الأنجلو فرنسي كان إلى حد ما قصير ,وانتهى منذ قرن من الزمان واستمر التغيير إلى الأسوأ في العالم الإسلامي بلا هوادة .لم ينقطع دور بريطانيا وفرنسا في القيام بدورهما الخبيث مثلهما مثل الولايات المتحدة ودول الغرب ذات الدور الريادي .لقد حظيت محاولة إلقاء الذنب على الولايات المتحدة ,على نفس القدر مع قيادات أخرى من الغرب بقبول لا بأس به ,ولكن ,ولنفس الأسباب ظل غير مقنع .إن الدور الذي مارسه المستعمر الأنجلو –فرنسي والتأثير الأمريكي غير المشروع ,مثله مثل الغزو المغولي ,كان نتيجة للضعف في بنية الدول الشرق الأوسطية وليس سببا. 
يرى بعض المراقبين من داخل وخارج منطقة الشرق الأوسط على حد سواء, أن هناك تباين في التنمية في الفترة التي اغتصب و استحوذ فيها المستعمر البريطاني على بعض البلدان مثال على ذلك مابين عدن , والشرق الأوسط ,وسنغافورة أو هونج كونج . 
أو مابين الأراضي المختلفة التي نشأت فيها إمبراطورية بريطانية كما في الهند .ممن ساهم أيضا في هذا التغيير والاختراق اليهود أو كما يطلق عليهم " السامية "الذين أسهموا وبدرجة كبيرة في تسيير الأمور نحو كل ما هو في الاتجاه الخطأ.مارس اليهود دورهم في تقييد المجتمعات الإسلامية التقليدية وإكراهها على بعض الممارسات وتعريض شعوبها للخطر من خلال مجازفات وهي حالات تمتاز بقلتها بين المجتمعات . كان الغرب حتى القرن السابع عشر والثامن عشر حيث ظهر وانتشر التسامح الديني يعيشون حياة أفضل تحت راية الإسلام عن مثيلتها من حياتهم تحت وطأة الحكم المسيحي في معظم مجالات حياتهم ذات الأهمية. وباستثناء بعض الحالات النادرة ,حيث تأصلت عداوة اليهود للمجتمع الإسلامي ,فان المجتمعات الإسلامية انتهجت منهجا رافضا لليهود ولم توله اعتبارا أو اهتماما . هذا ما أدى إلى أحداث عام 1948 –ومما أدى إلى فشل الحيلولة دون قيام دولة إسرائيل –-وكان ذلك من أكثر الأشياء التي كانت صادمة . وكما لاحظ بعض الكتاب في هذه الفترة ,أنه من دواعي الخزي والخجل إلى أقصى درجة أن نهزم من قبل قوى الغرب العظمى الامبريالية
وأن نعاني من نفس الكأس على أيد عصابات يهودية لا تستحق أن تولى أي اعتبار ومع ذلك فقد قامت بارتكاب جرائم لا يطيقها ولا يحتملها البشر .
*************************
الترجمة :نجوى السودة

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.