الرئيسية » تحرر الكلام » صديقي سيكافح عبر “نجمة”.. وأخشى عليه عاقبة الفرحين…!

صديقي سيكافح عبر “نجمة”.. وأخشى عليه عاقبة الفرحين…!

صديقي قليل جدًا من كثير، تثبتُ الأيام ساعة بعد أخرى؛ قبل يوم بعد يوم أنه جدير بصداقتي، وكيف لا والخاطر كل حين يسافر إليه كل هنيهة، بـ”قانون الجذب” الخاص بالأرواح، إذ يلتقي فور تفكيرهما في بعضهما اثنان.. مهما تباعدت بينهما الأمكنة، في مواعيد الحوارات والعناق والخلاف المعتادة ألقى صديقي.

  ألتقيه هذه المرة في غير الحقيقة فلم أكتمه ضيقي، بل انفجرتُ فيه أني عايشتُ فيه نبل الهمة وعلة القامة وطيب المنشأ ومحبة الخير لجميع البشر، والتأخر عند المغنم والتقدم عند المغرم، فعند مواقع هرب الغرباء، نظرًا للنتيجة القاسية المتوقعة، كان صديقي يشمر عن ساقي وساعدي الجد؛ فيهرول في قلب المحنة حتى ليلتف حوله كل ثائر مُشرق المحيا، عذب الضمير، نقي الوجدان، صافي الروح، فكان صديقي وما يزال مؤهلًا لنيل قصب السبق في كل مجال وقرب كل مضمار ومسار للتنافس في الخير مهما كان عسيرًا.

  صديقي أصغر مني عمرًا، وهو أكبر مني في نفس الوقت، فيسير على عكازين متى أراد، ومتى أحب خلعهما ومضى على الطريق قافزًا مهرولًا، فصديقي حالة من نقاء التفكير وحلو الوجدان، ومن صباحة الروح، نشاط الهمة، لين الطبع، قسوة الأهداف، نبل الإرادة، ونضوج اليقين، وهو في مراحل من العمر عدة، بحسب ليونة وخير كل مرحلة تراه يغرد.

وقت الرفق واللين والعطاء وتكالب الأفواه والأيدي وبسط كلمات التزلف والنفاق .. كان صاحبي يتراجع ويُقدم غيره ويُهرع إلى ظل شجرة أو كتف جائعة يدعوها لأن تتقدم.

   ومع نغمة الخير التي تلوح كل حين من بين أردان وأعطاف كلماته كنتُ أدرك أن صديقي لا يتغير، مهما جارت عليه المحن والخطوب، ولكن أصحاب “الخير” تلقفوا صديقي مؤخرًا، وكل واحد منهم خيّر بطبعه إلا أن لديه نقطة ضعف، ومن مجموع النقاط أو على خط غير مستو تشكلت خارطة نفس صديقي وأصدقائه الجديدة.

    نسوا الكفاح وسهره وتعبه وألقه وجراحه وسعوا وراء نجمة بعيدة قالوا إنهم سيسكنون فيها ويحتلونها فتدوم لهم، هناك يدخلون بدون وثائق سفر، ويعيشون مدى الأيام بلا اضطهاد أو سجون أو ظلمات، فلا ينقصهم خبز ولا أمان، إذ سيستقدمون أسرهم المقربة الأبناء، النعيم المقيم الأقرب إليهم والزوجات نبض الحياة الدافئ، وهناك ينسون الثورة والأهل والأحباب والمحيا والممات.

   صديقي ليس واحدًا من البشر ككل البشر، وإنما هو تشكيل من محبة العشرات، أدمنتُ قربهم وذبتُ في ضوء أمنياتهم، وحلمنا بإعادة تشكيل وجه الوطن فلما زاد البعاد وجدتُهم يخوضون حديث مركبة فضاء تطويهم إلى حيث لا رجعة تاركين بلادنا وأفراحنا وأتراحنا وراء ظهورهم، متوهمين أنهم سيقودون البلاد من آفاق عليا تعبت من الانقلابات.

   صديقي وحبيبي الذي تلوى وانقسم وتشظى في مئات الغرباء يطالب العابرين بمواصلة الكفاح لإنه سيواصله على حد زعمه من خلال نجمة لم تعد تعرف الانقلابات المعاصرة إليها سبيلًا، وفي صديقي مغلوبين على أمورهم، وبداخل صديقي مستسيغين للاستسهال والصعود فيما الآخرون باقين.

   وللجانب العالم الفقيه، والعاقل المفكر من صديقي أذكره بأنه بعيدًا عن رحابي، واستئثار الكفاح بضي كل عين مشرقة لن يجد ملاذًا ولن يحتمله مكان، اذهب وجرب الآفاق العلوية برأيك ولكني أضمن إليك ألا ترتاح .. سيظل يؤنب ضمير الإنسان من صديقي أنين المُتعبين والذين رفضوا ركوب السهل معه ولو إلى النجوم.

  ولرجل الدين من صديقي كفاك استسهالًا فأنت تعرف أن الحياة لم تخلق للفرح وأن تحذيرًا في سورة القصص من كون أحدنا منتشيًا بنتيجة يصل إليها في الحياة ولو مضطرًا، إذ لا يدوم فيها سرور ولا شقاء، والفرح فيها إنما يخسر مقعده من الآخرة الهانئ الواعد وذلك ما أعيذك منه..!

  يا صديقي، بعمق امتداد طمي النيل فيك لن تغنيك النجوم فلعل لديها مَنْ هم أولى بسكناها منك ومن غيرك، واصل الخطو نحو الطريق في بلادك وكن طيفًا خفيفًا يمر بالنجمة فلا تغرق بنا جميعًا وتحتملنا لأكثر وقت ممكن!

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.