الرئيسية » حياتنا » شغلتا الشارع المصري قرابة قرن من الزمان.. “ريا وسكينة” براءة بعد 90 سنة

شغلتا الشارع المصري قرابة قرن من الزمان.. “ريا وسكينة” براءة بعد 90 سنة

تدور حالة من اللغط والجدل بمحافظة الإسكندرية عامة وبمنطقة اللبان تحديدا التى شهدت وجود قصة “ريا وسكينة”، التي شغلت الجماهير والأجيال قرابة قرن من الزمان.

 

حالة الجدل دارت بين براءة ريا وسكينة من قتل السيدات بعد خطفهن كمجرمتين وقاتلتين وما بين كونهما فدائيتين قامتا بقتل الجنود الإنجليز. وفق ما نشر موقع المصريون.

 

ولدت ريا وسكينة على همام فى صعيد مصر لعائلة بائسة، وولدت ريا تقريبا فى عام 1875 وتكبر أختها سكينة بحوالى عشر سنوات، لا يعرف عن والدهما الكثير، وتربيتا مع أمهما وأخيهما الأكبر “أبو العلا” وكانت الأم أنانية غير قادرة على منح الحب لأبنائها، وكان أخوهما يعيش أوقاتا صعبة بحثاً عن وظيفة.

 

العمل كان متقطعاً بالنسبة للشقيقتين، سواء فى المقاهى أو بيع الخضراوات، وبعد ذلك انتقلت الأسرة لقرية الزيات بدلتا مصر، وبعد زواج وطلاق غادرت سكينة القرية إلى طنطا قبل أن تنتقل مع آخر إلى الإسكندرية عام 1913.

 

فيما وصلت ريا بعد ثلاث سنوات لتجمع المدينة الساحلية الشقيقتين، حيث وصلت ريا هى الأخرى مع زوجها حسب الله.

 

ومع انطلاق الحرب العالمية الأولى وأزمة اقتصادية، قررت الشقيقتان فتح بيوت لاستقبال الزائرين لقضاء وقت طيب وشرب الخمر وتدخين الحشيش، وبالطبع كانت هناك بائعات الجنس.

 

كانت ريا مع سكينة تتجولان فى الأسواق فى منطقة اللبان القريبة من قسم الشرطة، وتجتذبان النساء لمنزلهما، حيث كانت المرأة المصرية فى تلك الفترة تستثمر أموالها فى المصوغات الذهبية التى ترتديها وليس فى البنوك.

 

كانت الخطة هى أن تصبح الضحية غير واعية بفعل السُكر، ثم يضع أحد الرجال قماشة مبللة على فمها حتى تختنق، ثم يسرقون ما ترتديه من مجوهرات ويذهبون بالمسروقات لصائغ قريب وتقسم الأرباح بالتساوى بين أفراد المجموعة.

 

وفى غضون سنة من نوفمبر 1919 إلى نوفمبر 1920، اختفت نساء فى الإسكندرية دون أثر، فكانت العصابة تدفن أجسادهن بمنزل ريا وسكينة.

 

التحقيقات أكدت أن ريا وسكينة كانتا آخر شخصين يكونان مع الضحايا، لكنهما استطاعتا أن تراوغا الشرطة خلال التحقيق.

 

وتم فك اللغز بالصدفة، فبعد انتهاء مدة إيجار سكينة للمنزل اكتشف صاحب المنزل الأعمى صدفة الأجسام المدفونة ورائحة الموتى، وذلك حين كان يحفر، فأمسك بالعظام وقام بإبلاغ الشرطة التى اتجهت لمنزل ريا وسكينة وألقت القبض عليهما وباقى أفراد العصابة.

 

وشهد شهر ديسمبر من عام 1921، إعدام أول سيدة فى التاريخ المصرى الحديث، وفى الحقيقة لم تكن واحدة، بل الشقيقتان ريا وسكينة، ولم تنته القصة عند هذا الحد، بل امتدت الجرائم، ففى خلال المحاكمة كانت تعيش “بديعة” ابنة سكينة فى فندق صغير, وبعد ذلك بثلاث سنوات ماتت “بديعة” فى حريق بالفندق، واتجهت التكهنات لأن ابنة إحدى الضحايا كانت تنتقم من ابنة القاتلة.

 

ففى منطقة “اللبان” غرب الإسكندرية والتى شهدت أحداث القصة كاملة، قال أحفاد العرابى حسان، فتوة المنطقة لـ”المصريون” إن محمد عبد العال زوج سكينة كان يعمل فى القوة المصرية، والتى كانت مسئولة عن تجنيد الشباب المصريين فى خدمة الجيش الإنجليزى، حتى أن بعضهم والذى كان يتمتع بصحة جيدة كان يحارب مع الإنجليز ولم يكن “عسكريا” فى الداخلية المصرية كما أشيع.

 

فيما أضاف محمد محمود حسين، 55 عاما، أقدم ساعاتى بالإسكندرية بجوار منزل ريا وسكينة، أنه ولد وعاش وترعرع فى هذه المنطقة الشعبية، ولم يعلم أو يسمع عن هذه القصة والرواية التى حكاها الجميع سوى بأن ريا وسكينة وعبد العال وأبو العلا وحسب الله خاطفو سيدات وقتلة ومجرمون سفاحون.

 

وحول ما يتردد عن أنهما فدائيتان كانتا تقتلان الجنود الإنجليز، أوضح أن هذا ضرب من الخيال، خاصة أنهما كانتا تمتهنان مهنة الدعارة التى تحولت لخطف وقتل النساء من سوق البياصة وزنقة الستات والمنشية والصاغة.

 

من جانبه، أكد السيناريست أحمد عاشور، مؤلف فيلم براءة ريا وسكينة، أنه ليس شيئا مشرفا أن يكون اسم ريا وسكينة من ضمن أسوأ عشر نساء فى تاريخ البشرية .

 

وأضاف أنه لم يكن هناك أى سبب يدفع ريا وسكينة للقتل، خاصة أنهما كانتا تمتهنان الدعارة والتى كانت تجارة مقننة ومربحة جدا وقتها، وما قيل بأنهما كانتا تعملان فى البيوت السرية أى التى تعمل دون تصريح غير حقيقى.

 

وكشف عن أنه حصل على المستندات التى تؤكد أنهما كانتا تعملان بتصريح من الحكومة التى كانت تبيح تلك التجارة، وأن النساء اللاتى اتُهمتا فى قتلهن لم يكنّ من علية القوم كما جاء فى القضية.

 

وأكد أن الأهم من هذا كله هو توقيت إثارة القضية نفسه، وهو توقيت ثورة 1919 التى قام بها سعد زغلول، والذى كان شقيقه القاضى فتحى زغلول، هو الذى حكم على الشباب المصرى البريء بالإعدام فى حادثة دنشواى.

 

 

وأشار إلى أنه ظل طوال عشر سنوات فى بحث دائم عن كل ما يتعلق بتلك القضية، وحصل على الملف الكامل والموثق الخاص بها من دار المحفوظات ومن خلاله استند إلى مجموعة من المعلومات المتناقضة التى شهدها الملف نفسه، والتى تؤكد أن القضية بالكامل كانت ملفقة عن قصد لأسباب سياسية.

وكشف عن أن المنزل الموجود بجوار قسم اللبان بالإسكندرية ليس منزل ريا وسكينة، فقد تم بناؤه بمستندات هيئة المساحة فى الأربعينيات أى بعد إعدامهما بعشرين سنة تقريبا.

 

وأكد أن ما وجد فى بيوت ريا وسكينة حوالى 114 جثة، إلا إنهما لم تحاسبا إلا على 17 جثة فقط، وكل هذا موثق بالمستندات.

 

بينما أكد الكاتب الصحفى صلاح عيسى، أن براءة ريا وسكينة لا علاقة لها بالوقائع التاريخية، مضيفا أن ريا وسكينة لم تشتركا فى الثورة، ولم تخطفا إنجليزيا واحدا وكلها خيالات روائية.

 

وأضاف أن مسألة تحويل المجرم إلى بطل شعبى تستند فى الأساس إلى فكرة المجرم الذى يتحدى سلطة باطشة، وهذا بالتأكيد يرسخ ويوثق لقيمة متخلفة داخل مجتمعنا.

 

ويعتقد عيسى أن ريا وسكينة كانتا تستحقان الإعدام، على الرغم من أنهما لم تشتركا بأيديهما فى القتل، لأن التهم التى وجهت إليهما هى التحريض والاشتراك والتخطيط والمساعدة، وبالتالى أخذا نفس عقوبة الفاعل الأصلي .

 

وأكد أن ريا وسكينة كانتا “كشافتين”، أى أنهما كانتا تختاران الضحية، ثم تستدعيان الفتوات لقتلها، ولم يثبت فى المحاضر أنهما حضرتا أيا من وقائع القتل، فكانتا تنتظران فى الخارج لأنهما كانتا يغلب عليهما الجبن والخوف .

 

وأوضح أن قضية ريا وسكينة تعد أول حالة لإعدام نساء فى تاريخ مصر الحديث والمعاصر، حيث كان المتعارف عليه فى ذلك الوقت هو سجن النساء فقط مهما بلغن من جرائم أو مارسن من عنف، نظرا لوضعية المرأة وعدم بلوغ كثير من القضايا إلى المحاكم تخص النساء فى الجرائم الجنائية .

 

وأكد أن أول من حقق فى القضية هو “كامل عزيز”، وكان معه اثنان من وكلاء نيابة الإسكندرية وهما محمد رياض وكمال أبوستيت، ثم تولى وكيل النيابة العمومية سليمان بك عزت، التحقيق فى القضية، وكان من القاهرة وتم انتدابه بعد تقاعس المجموعة الأولى والبطء فى إجراءات التحقيق .

 

كما نفى صحة انتماء سليمان عزت وكيل النيابة، الذى تولى التحقيق فى القضية إلى جمعية الصداقة المصرية البريطانية التى أسسها أمين عثمان وزير المالية فى 1930م صاحب مقولة “مصر وبريطانيا تزوجتا زواجًا كاثوليكيا”، حيث اغتيل بعدها فى عام 1946م .

 

وأوضح أن سن أمين عثمان فى ذلك الوقت ثمانية عشر عاما، وكان فى بداية حياته، أما سليمان عزت فقد بلغ من العمر أربعين عامًا عند التحقيق فى القضية .

 

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.