الرئيسية » تحرر الكلام » بعد توالي الإعدامات.. مَنْ ينزع الميكروفون عن قيادات “إخوان الغربة”؟!

بعد توالي الإعدامات.. مَنْ ينزع الميكروفون عن قيادات “إخوان الغربة”؟!

عزَّتْ إعرابية بسيطة أهلًا لها في ميت في بلدة بعيدة، فعزَّ عليها المشوار، وأرهقها السفر وبعد المسافة ورمل الصحراء مع قلة صحتها، وضعف قدرتها على التحمل، فلما كانت في صحن الدار عائدة من حيث أتت، وجدتْ، بحسب ما يقول ابن “الجوزي” في “الأذكياء”، وجدتَ امرأة أخرى من الأهل متدثرة بغطاء تئن، ففهمتْ على الفور أنها تُوشك على الموت، هي الأخرى، وربما تذكرتْ بعد المسافة وتعب مفاصلها من ركوب الناقة و”الشرخ” بها في الصحراء، وربما “قضت” أو ماتت في الطريق، فعزتْ نفسها في نفسها بدلًا من أن تعزي في الميتة، وهل لديها أحب من نفسها؟ ولتذهب الميتة (الجديدة) إلى الله فهو أرحم بها منها ومن البادية والأهل جميعًا، فما ملكت المرأة “الذكية” نفسها أن صاحتْ:

ـ وتقبلوا عزائي في هذه، أيضًا، سلفًا (مقدمًا)، فإني لا أطيق تعب السفر ثانية إليكم بعد شهرين؟!

    تذكرتُ المرأة العجوز لما قال عجوز آخر، الجمعة الماضية، في فيديو بثته ونشرته “الجزيرة مباشر” أنه “يحتسب عند الله فضيلة المرشد والرئيس محمد مرسي”، هكذا بالترتيب، والحقيقة فإنه ليس من العار أن يكون أحدنا عجوزًا، لكن العيب أن يردنا الله إلى أرذل العمر، لا قدر الله، لكيلا نعلم بعد علم شيئًا؛ ثم نخرج على الناس، لا قدر الله، لنزيد مأساواتهم التي تسببنا لهم فيها بأخرى جديدة، هي باختصار حديثنا إليهم.

   وللحقيقة فإن ما قاله السيد “إبراهيم منير”، لم يكن فريدًا من نوعه أو غريبًا من شكله، او فريدًا في لبُّه ومضمونه، بل كان باختصار ملخصًا لوقفة تأبينيه عقدها كبار السادة من الإخوان المسلمين بقسميهم القديم والجديد في تركيا.. أمام مدخل مسجد “محمد الفاتح” الداخلي بعد صلاة الجمعة الماضية أيضًأ، وما حضره صاحب الكلمات من “الندوة” يزيد عن كلمات الدكتور “منير” بخطوب أخرى، والخطوب جمع خطب أو بلية أو مصيبة، وهي مفردة مغايرة لخطبة، ولكن يجمعهما قول أمير الشعراء “أحمد شوقي”:

                                      خطبت فكنت خطبًا لا خطيبا.. أضيف إلى مصائبنا العظام!

     أحد أعضاء “برلمان 2012″، أو البرلمان المصري الحر في تركيا، بحسب السيد المذيع المقدم، ولا ندري للأمانة أي برلمان وأي حرية وأي غربة؟ فبرلمان 12 حُلَّ في مصر تحت سمع وبصر الجميع قبل الانقلاب، ومعه كانت النواة الأولى التي قصمت ظهر البعير بأثر عكسي.. من المكتسبات غير الثورية التي فضلها الإخوان على الثوار في “محمد محمود 1، 2″، ورغم هذا فإن السيد الأستاذ النائب المسن، مع التقدير لسنه وإيمانه وسن سابقه نائب المرشد وإيمانه، وبالمناسبة لا نتعرض لشخص أحد هنا؛ أو حسناته التي يلقى الله بها.. ولكن نتعرض لموقفيهما وغيرها بخاصة مع تأثريهم وغيرهم على واقع الأمة الأكثر من مُلتبس لا مصر فحسب.

    لا يدري السيد النائب عن دائرة مقاربة للجيزة أن وجوده حتى الآن ممسكًا بميكرفون الإخوان في الغربة.. سببُ أصيل في إعدام المزيد من المصريين قبل أن يكونوا إخواناً أو لا يكونون، بحسب “تبشير” السيد نائب المرشد الدكتور “منير”، المهم قال السيد النائب عن تخوم الجيزة سابقًا، ويبدو أنه اختار أن يكون نائبًا للآن؛ فنسب نفسه إلى البرلمان الحر في الغربة، وذهب بالتعريف للمذيع الذي يقول ما يريده الضيف على الفور ولا علاقة له بالواقع، قال النائب إن المفتي يبوء بالدماء، وما في ذلك خلاف.. لكن الخلاف على من أتى بالمفتي وأقره في منصبه بل وبقائد الانقلاب العسكري نفسه.

   وإلى جوار النائب وقف بعد دوره في الإمساك بالميكرفون عدد من النواب أسر أحدهم بأنه لم يكن جزءًا من منظومة الإخوان أيام وجوده في البرلمان عن الإخوان مرة او مرات، وأن القرار كان يُتخذ بعيدًا عن الجميع، وقال آخر إن الجمع لا يقرأون، ولكن كلاهما على اختلاف توجهاتيهما لم يقصرا لما دعيا، فالأمر هذه المرة يخص جنسيات تُعطى لقيادات الإخوان من الصفوة من جانب الحكومة في الغربة، وبما أنهما مع السيد الوزير الذي كان يستنكف عن رد المظالم في وزارته السيادية خلال عام مرددًا أن “المبنى بُني على الظلم .. فإن ذهبنا لإعطاء الحقوق ضعنا” والكلمات شهد عليها صاحب الكلمات بنفسه، وكان يظن السيد الوزير أن المبنى يبقى له، أو أن يمد له في الوزارة لكن في مبنى آخر (!) ولهذا الحديث حديث خاص إن كان في العمر بقية.

   أما النائب الهمام الذي نال الجنسية بالفعل، فقد زاد على النائب السابق الذي قال إن الشنق والإعدام مرحبٌ بهما في حياة الإخوان، ولا علاقة له بالأحزان لكن بالزغاريد، ولا يدري صاحب الكلمات لماذا لا يركب السيد النائب أقرب طائرة إلى الجيزة ليتم إعدامه ـ لا قدر الله ـ وليرى أثر الفرحة والزغاريد؟ فإن كان غيره يُعدم وتثكل النساء ويبكين مع الأطفال الصغار من الأبناء أو الأمهات والآباء “ليعلم” النائب الفاشل سياسيًا أن الشنق لدى الإخوان مردوده القهقهة والابتسام.. فلماذا يحرم نفسه من القهقهة إذًا؟! ولماذا يبقى في دار الفرار في الغربة؟!

  أما النائب الآخر فملئ صدره من الهواء ليقول ما هو أشنع من الترحيب بالموت وآيات الشهادة التي تنزل في غير منازلها، والشهادة كالزرع الأخضر لما يروي أرضًا مجدبة فيأذن الله بالتغيير، لا إهدارًا للدماء والطاقات ثم بقاء الآخرين بجنسية أخرى لهم وللأهل جميعًا، بعد الآيات قال النائب إن بعض المتراجعين من المتخاذلين يدعون إلى الموافقة مع النظام (!).. لهؤلاء نحن نعرف بياض نيتهم لكن طريقنا لا تراجع فيه (!).

    إن الشباب الذين غادروا المكان قبل كلمات النائب، ثم الصبية والأحداث الذين يعلمون أن الفارين من ميدان المواجهة الحقيقي هم الذين نالوا جنسية بلد آخر، مع التقدير للأخير، وتركوا الشباب والصغار يتضورون والرجال يواجهون المشانق، وأنه لا جدوى من موقف اليوم سوى “لعاع الدنيا” يناله للأسف أمثال النائب والدكتور “منير”، وإن إطالة زمن الأزمة لا يصب إلا في مصلحة المتاجرين بالآلام وتجار المواقف والحروب، وأنه لا عاقل يدعو لموافقة النظام .. لكن لحفظ أرواح الشرفاء والمخلصين ووزن القوى بميزان اكثر من حساس، وأن الإخوان الآن يواجهون النهاية، والجماعة في حكم السائر إلى قبره في مصر وخارجها، عدوها يفنيها وأهلها يتنادون بالاستمرار في المهالك، إلا من رحم ربي، ومن يقول للجمع إنكم تخسرون وتنيلون عدوكم ما يحب ويريد وتعوقون قضايا مصر والأمة الإسلامية بعد العربية يُنادون بالمتخاذلين والمعوقين .. فإذا كان النائب يحرص على المواجهة فلماذا لا يترك جواز السفر غير المصري ويهبط مصر ليقود الصفوف؟!

   همَّ الرسول، صلى الله عليه وسلم، بعرض ثلث ثمار المدينة قبل غزوة الخندق على “بني غطفان”، لولا أن رفض صحابة، وكان الرسول العظيم في مقدمة الصفوف دائمًا، وكان أشد ما يكون رغبة في حقن دماء أصحابه، لا أن يتغنى في الغربة بالدماء وهو متحصن خلف أوراق ثبوتية لا تخص بلده، حيث المعركة الحقيقية، ثم يحرض، حاشا له صلى الله عليه وسلم، على إراقة ادماء وهو في مأمن (!).

   إن صاحب هذه الكلمات ناصح أمين للصف العاقل الواعي بأن ينزع “الميكرفون” من أمام وجوه هؤلاء قبل أفواههم، وكفى ما جروه على مصر والأمة من بلايا .. فإن عودتهم عما فعلوا وما يقولونه ليست مأمولة، وإن كاتب الكلمات ليعرف حال متضررين من شباب نالوا احكامًا قاسية وانتهت مدة جوازات سفرهم، وهؤلاء الأحق بالجنسية لهم أن نُسلم بهذا، لكن ماذا لما يسعى للاندماج في مجتمع آخر اندماجا كاملا كبار (غيرهم) باسم الثورية ثم يتغنون بسفك الدماء دون انتظار لنتيجة حقيقية؟!

  إن الميكرفون أمام وجه السيد “منير” و”هؤلاء” في تركيا وغيرها يتسبب في المزيد من مآسينا ويُشهد العالم على خفة عقل آناس كانوا يأملون في الاستمرار في قيادة مصر، فمن ينزعه منهم لكيلا يعزوننا في أنفسنا بعد الآخرين ثم “يجهرون” بصوت ناعق بالثبات والصمود المزعومين؟!

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.