الرئيسية » تحرر الكلام » ماذا لو لم يصبح المالكي رئيسا للوزراء

ماذا لو لم يصبح المالكي رئيسا للوزراء

من المعروف ان للتاريخ صفحاتها البيضاء وصفحات اخرى سوداء تسجل فيها كل ما يطرا على تاريخ الشعوب من احداث وشخوص سواء كان تاثيرها سلبيا او ايجابيا على حياة تلك الشعوب , وبالتاكيد فان التاريخ سيفرد صفحات عديدة منه للحديث عن نوري المالكي وتاثيره على مسار الاحداث في العراق بعد الالفين وثلاث …

والسؤال هنا .. لو لم يطرا هذا الرجل على العملية السياسية في العراق هل كانت الاحداث ستؤول الى ما الت اليها الان , ام انها كانت ستسير باتجاه اخر بعيدا عن مسارها الحالي ؟

جثم المالكي هذا على صدر العراق في وقت كان العراقيون فيه يحاولون بناء دولة ديمقراطية حديثة بعد خروجهم من حقبة دكتاتورية غاشمة حكمتهم لعقود من الزمن , وكانت الفرصة سانحة لتحويل العراق الى دولة مميزة لما فيها من مقومات اقتصادية وبيشرية تؤهلها للانطلاق بثقة نحو المستقبل …. لكن للاسف جرت الرياح بما لا تشتهيه الانفس .. ففي غفلة من الزمن قفز نوري الى الحكم وهو بفتقر للخبرة السياسية الكافية لادارة بلد معقد في تركيبته السكانية مثل , جاء الى الحكم  وهو مشبع بعقد عقائدية وشخصية دفعته لان يتحول الى مطية تنفذ من خلاله اجندات اقليمية حولت العراق الى ساحة صراع مذهبي سني شيعي . فانشغل المجتمع العراقي والاطراف السياسية فيه بهذا الصراع العقيم , بينما تفرغ هو لشفط خزينة العراق طوال سنوات حكمه من خلال عقود مشبوهة في مجال النفط والتسليح عبر شركات ووسطاء ومافيا دولية دخل معها في صفقات فاسدة تقدر ب 750 مليار دولار , وتمكن من تهريب اموال تقدر ب 138 مليار دولار الى خارج العراق ,عبر شركات ووسطاء مقربين له . وتعتبر صفقة الاسلحة التي وقع عليها في روسيا والجيك من اكثر الصفقات فسادا من خلال تصريحات مسؤولي الدولتين.

   ورغم تشكيل لجان لمتابعتها الا انه لم تعط تلك اللجان اية نتائج لتحقيقاتها , وحسب ما يقول مختصون فان هذه الاموال تكفي لاعمار اربع دول بحجم العراق . ويكفي ان نعرف بان  لجنة الشفافية الدولية قد صنفت العراق في عهد المالكي من ضمن الاربع دول الاكثر فسادا في العالم .

اما في الناحية السياسية فقد انبطح المالكي للاجندات الايرانية بشكل كبير متعمدا تعكيرعلاقات العراق مع محيطه العربي بشكل كامل , وتهيئة الظروف داخليا لاشعال حرب مركبة قومية – مذهبية , فعكر علاقات المركز مع كوردستان مبكرا وشن حرب اقتصادية كبيرة على كوردستان قاطعا ميزانية الاقليم مما اثر على لقمة عيش المواطن الكوردي البسيط , مما دفع بالتالي بكوردستان للبحث عن خيارات اخرى بعيدا عن الدولة العراقية . كما واستغل بعض الهفوات لبعض الساسة السنة العرب ليتم طردهم خارج العراق او اعتقالهم بتهم ارهاب او فساد , ثم ضرب المدن السنية وافسح المجال امام عصابات القاعدة وداعش للعبث بها , ثم سهل بشكل مباشر موجة الهروب الجماعية لقادة داعش من السجون العراقية والتي مهدت بعد ذلك لتهيئة المناخ المناسب لاحتلال المدن السنية من قبل داعش , وتشير التحقيقات الى تورطه المباشر في احتلال داعش لثلث مساحة العراق , ليس هذا فحسب بل حتى جريمة سبايكر التي ارتكبتها داعش ضد الشباب الشيعة تشير بعض المصادر الى تورطه فيها بشكل او باخر .

وبعد اثارة الصراع السني الشيعي في العراق واركاعه للسنة العرب وتشتيتهم وتدمير مناطقهم , ها هو الشقي يظهر اليوم مرة اخرى لتنفيذ اجندات اخرى تقضي هذه المرة باشعال صراع قومي عربي كوردي  مستغلا ازمة الاستفتاء التي حصلت بين كوردستان والعراق ليؤلب الشارع العربي ضد الكورد ويصف هذا التوجه القومي الحر للكورد بانه مشروع صهيوني يراد منه تقسيم المنطقة وتفتيتها , وبالطبع فهو يستغل بساطة الشارع العربي في نظرته لاسرائيل بانها عدوة , وبالتالي شيطنة اي مشروع يقال له بانها تدعمه , وبذلك فهو يحاول تحشيد شريحة معينة من الشارع العراقي ممن يجمعون الحس المذهبي بالحس القومي العربي . وهكذا يثبت الشقي لاسياده الاقليميين بانه خير من يطبق توجهاتهم وارداتهم في العراق وبذلك فهو يحاول كسب الدعم الاقليمي ودعم الشارع العراقي للدخول في الانتخابات القادمة خصما قويا للعبادي يساعده في ذلك شبكة علاقاته القوية داخل العراق والمال السياسي الذي يسخره لهذا المجال .

نرجع الى سؤالنا الذي بدانا به المقال ونقول … لو لم يطرا المالكي على العملية السياسية هل كنا سنشهد هذه الاحداث التي مر بها العراق ؟ وهل كانت النهاية ستكون بهذا الشكل الماساوي لهذه الدولة ؟

هل كان الفساد المالي والاداري سينتشر بهذا الشكل الذي اصبح فيه ظاهرة عامة في العراق ؟

هل كانت الخزينة ستفرغ بهذا الشكل ويصبح العراق مديونا للبنوك الدولية؟

هل كانت الحرب المذهبية ستكون بهذه القوة والبشاعة ؟

هل كانت المنطقة السنية ستدمر بالكامل مثلما نراها اليوم؟

هل كان الحقد المذهبي سيكون بهذا الشكل بين ابناء الدولة الواحدة ؟

هل كان الكورد سيذهبون الى خيار الاستقلال كما فعلوا اليوم ؟

هل كان العراق سيخضع بهذا الشكل الى احتلالين مزدوجين مختلفين في اجنداتهما مثل الاحتلال الامريكي والايراني ؟

واخيرا نتسائل بعد كل هذه الاداء السياسي المقيت والمسموم وكل الدمار الذي تسبب به المالكي هل سينخذع الشارع العراقي بهذا الشخص وينصبوه رئيسا للوزراء مرة اخرى في الانتخابات القادمة ؟

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.