الرئيسية » تحرر الكلام » شربنا مالح ماء البحر جهرا

شربنا مالح ماء البحر جهرا

دمعي حر على الأجفان من عجب تراه أمُ الدمع على ناعم الخد وقد جفٌ قريحا،و ريح صفرة الموت عصفت بقلب الخصيب أما رأيته بالقانيات و الحمر جريحا؟

ما كان للشعب العريق على مدى احقاب الدهور ليرضى عراقهُ وطنا ذبيحا!

دمار يتبعه الخراب في ضواحي المدائن و روابي القرى بين النهرين من بصرة للأنبار !فكيف منا من يرى دمع الأحزان من الأجفان درُ مليحا؟

كيف هذا و الدنيا امست ساحات معترك صراع هائل لغني وطأ البلاد بمال غيره و هو على أعراض اهله كسرات رغيف الخبز شحيحا حتى امسى رفيقُ درب الامس لسان مديح يطارد البقاء خوفا من الفناء بطعان سيوف تلم به اخطار الأذى تقطيعاٌ و تشريحا.

هل اضعنا نور السبيل للوادي الكثيب بخيره أزهارا و اثمارا و عزب ترنم ينابيع و انهارا، ذاك الذي كان بيننا في عز أوج مجده خسرناه عنوة بغية احسان فقدناه نواجه وجه ليل بهيم كوجه جار غدر لئيم علا صوته علينا مستكبرا في صيحات الوغى، فلما نسأل أهل الأرض كيف ضاعت العواصم و إلى أين رحلت أهل ديار الملوك و دواوين السلاطين؟

في زوايا زمن ضباب النسيان بغداد كسيرة الفؤاد غلبها الهم، داستها اقدام عواصف الاسى، مالت نخائلها فشكت قرى دجاليها ضفاف فراتها الباكي حزنا على غرقى رياح إعصار همجية و مجهول هوية اغتالته في خلسة الدجى سكين فتنة الخومنة، فأرتمى من الوريد للوريد مخضب بنجيع جراحات ثأرات حوزات التأسلم و فتاوى انصاف رجال مرجعيات التجني.

من وفرة هموم اليأس بيروت البشاشة غلبتها تفاهات الأماني، باهتة بهجة الحياة عبوسة بين ركام اعمدة الحضارة الانسانية، تبكي على ماضي ضاع،وبحرقة الحسرة تخشى غروب شمسها و شروق صبح الأغاد.

و في الغوطة دمشقها بظلمات غامرات تنهشها صفرة لعاب ذئاب فُرس عاويات و أفاعي تنساب على ضفاف العاصي لبردى سوداء الجلود تلتف حول شامها فحيحة بتشعب السنةُ و نيوب سموم في كل واقعة و ميدان.

شربنا مالح ماء البحر جهرا و أبينا أن نروي من عزب نيلنا و صافي فراتنا عطش من شاع شريد الصحاري بحثا عنا، فكم من ثروات الأرض اتلفنا إلى أن ايقظنا نزوات مطامع جيوش الاسقريوطي وجشع جهل عصائب تعصب و من كانوا لحب الدنيا و مالها عنا عوضا و بدلا.

ماذا حل بسحر جمال تلك الأوطان اما كانت أشد من الدهور حبا للحياة؟لما ماتت جنانها و اقفرت رباها، عارية الهضاب جرداء االقمم ؟و ها هي أمام العدى مغمدة سيوف الصوارم تحت رمال الإنفصال و التبلي يأكلها صداء عقود الزمان و كأن ما كان لها يوم شرار حطب ولا وهج نيران قرمزية  الغضا ضوارم.

قلت : ألا اخبركم ما الغريب و العجب.

قالوا: زدنا حكمة من غرائب العصر و ما هو أعجب من العجب!

قلت: يا للعجب انعام الغاب اليوم تبكي لفراق الأسد. 

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.