الرئيسية » الهدهد » واشنطن بوست: بعد شهرين على المقاطعة.. قطر تتحول من الدفاع إلى الهجوم فما المكاسب التي حققتها؟

واشنطن بوست: بعد شهرين على المقاطعة.. قطر تتحول من الدفاع إلى الهجوم فما المكاسب التي حققتها؟

اعتبرت صحيفةواشنطن بوست” الأميركية أن دولة قطر “الصغيرة” تصمد بتحدٍّ أمام مقاطعة 4 من الدول المجاورة لها، في أزمةٍ عميقة عصفت بالمنطقة.

 

واستعرضت الصحيفة، في تقرير لها، الخطوات التي اتخذتها قطر لإفشال الحصار، معدِّدة المكاسب التي حققتها، وآخرها الصفقة التاريخية التي انتقل خلالها اللاعب البرازيلي نيمار من نادي برشلونة إلى باريس سان جيرمان.

 

وكانت كلٌ من السعودية، والإمارات، والبحرين، ومصر قد قطعت علاقاتها مع قطر، وفرضت حصاراً اقتصادياً عليها أوائل شهر يونيو/حزيران الماضي 2017، متهمةً إياها بدعم الإرهاب. ونفت قطر هذه الادعاءات، ووقفت منذ ذلك الحين في موقع الهجوم.

 

وبعد مرور شهرين على حملة العزل، استخدمت الدولة الخليجية، الغنية بالطاقة، المليارات التي تملكها؛ من أجل تقوية اقتصادها وأمنها. وأعلنت إصلاحاتٍ وعزَّزت علاقاتها مع تركيا وإيران، وهو ما قد يعيد تشكيل المنطقة وتحالفاتها لسنوات، حسب “واشنطن بوست”.

 

ولم تفلح جهود الولايات المتحدة للتوسُّط بين حلفائها المقربين. وبدلاً من ذلك، تُدار الأزمة بحِدّةٍ في محافل دبلوماسية وقانونية.

 

أمر شخصي

وقال بيري كاماك، وهو محلل لشؤون الشرق الأوسط في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي: “أصبح الأمر شخصياً الآن، وهو ما يجعل من الصعب إيجاد طريقة للتنازل من كلا الجانبين. ومن المرجح أن تشتد الأزمة بعض الوقت”.

 

ولا يتفق التكتُّل الذي تقوده السعودية والإمارات مع قطر منذ فترة طويلة؛ بسبب علاقاتها مع إيران ودعمها لجماعة الإخوان المسلمين؛ وهي جماعة إسلامية معتدلة، ترى حكومات دول المقاطعة أنَّها تمثل تهديداً لحكمها، حسب “واشنطن بوست”.

 

وسحبت هذه الدول سفراءها وأمرت مواطنيها بمغادرة قطر، وأغلقت حدودها معها، وأغلقت المجالين الجوي والبحري في وجه الرحلات الجوية والسفن القطرية.

 

وأقحم الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، نفسه في الأزمة بتغريدةٍ، نسب من خلالها الفضل لنفسه في قرار دول التكتل بمعاقبة قطر.

 

لكنَّ مسؤولين بارزين في وزارتي الخارجية والدفاع الأميركيتين حاولوا نزع فتيل التوترات، لأسبابٍ ليس أقلهاأنَّ قطر تستضيف نحو 10 آلاف جندي أميركي في قاعدة العديد الجوية، التي تُعد منطقة الانطلاق الرئيسة للعمليات الجوية الأميركية ضد تنظيم داعش في العراق وسوريا.

 

وكان التحالف الذي تقوده السعودية قد قدم في يونيو/حزيران 2017، قائمةً تحتوي على 13 مطلباً من قطر، تشمل تخفيض العلاقات مع إيران، وقطع الصلات مع جماعة الإخوان المسلمين، وطرد العديد من الإسلاميين، ودفع تعويضات مالية.

 

وبشكلٍ خاص، طالبت دول المقاطعة قطر بغلق قناة الجزيرة، وهي شبكة إعلامية تمولها الدوحة وتغطي أخبار المنطقة وحكوماتها وتنتقد أداءها.

 

وترى السعودية وحلفاؤها أنَّ الشبكة -التي تؤكد أنها تعمل بشكلٍ مستقل- تنطق بلسان الإسلاميين بدعمٍ من قطر.

 

وحظرت هذه الدول المواقع الإلكترونية التابعة لشبكة الجزيرة وأغلقت مكاتبها، كما أعلنت إسرائيل، نهاية الأسبوع الماضي، نيتها غلق مكاتب الشبكة ومنع صحفييها من العمل.

 

ورفض مسؤولون قطريون هذه المطالب ووصفوها بأنَّها ليست قابلة للتنفيذ أو منطقية.

 

هذا ما فعلته قطر

وفي مواجهة الحصار، تسعى قطر -التي تُعد واحداً من أكبر منتجي الغاز الطبيعي في العالم- إلى تنويع اقتصادها والتخلص من اعتمادها على جيرانها الخليجيين في المواد الغذائية والإمدادات الأخرى.

 

وحلَّت المنتجات الغذائية التركية والإيرانية محل المنتجات السعودية والإماراتية التي كانت تملأ الأسواق في قطر. وبدأ رجل أعمالٍ قطري استيراد نحو 4 آلاف بقرة لإنتاج اللبن.

 

وفي الأسبوع الماضي، أبرمت قطر صفقة بقيمة 262 مليون دولار أميركي لضم واحدٍ من أشهر نجوم كرة القدم في العالم، البرازيلي نيمار دا سيلفا، إلى صفوف فريق باريس سان جيرمان الفرنسي المملوك لقطر.

 

واعتُبِر هذا المبلغ الهائل استثماراً جيداً قبل بطولة كأس العالم 2022، والتي من المقرَّر أن تنظمها قطر، وإلى جانب كونه دَفعةً علاقات عامة.

 

ورغم التوقعات بارتفاع تكلفة التحضير لكأس العالم جراء الحصار، فإنه من المتوقع أن تُدفع التكلفة الإضافية عبر الاحتياطات المالية الضخمة للدولة الصغيرة، التي لديها أعلى متوسط دخل في العالم.

 

وحسب تقرير لوكالة بلومبيرغ، فقد استبدلت قطر السعودية والإمارات كموردَين بآخرين، مثل ماليزيا وعمان والصين؛ لاستكمال التحضيرات.

 

سلاحها الجديد

وفي الأسبوع الماضي، كشفت قطر أيضاً النقاب عن مشروع قانون قد يسمح لبعض الأجانب بالحصول على إقامة دائمة بها. وللمرة الأولى، سيتمكنون من الحصول على رعاية صحية مجانية وتعليم حكومي، وسيصبحون قادرين على تملُّك الأراضي وإدارة بعض الأعمال من دون الحاجة إلى شريك قطري، وذلك وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الرسمية في البلاد.

 

وإذا جرى تطبيق ذلك، فستكون تلك القوانين غير مسبوقة في منطقة الخليج؛ حيث تعتمد الدول بشكلٍ كبير على العمالة الأجنبية، لكنَّها نادراً ما تمنح الأجانب الجنسية أو الامتيازات المتاحة لمواطنيها. ويُشكِّل الأجانب نحو 90% من سكان قطر، البالغ عددهم 2.7 مليون نسمة.

 

ويمنح هذا القانون إقامة دائمة أيضاً لأبناء الأمهات القطرية من آباء غير قطريين. فوفقاً للقوانين الحالية في قطر ودول الخليج الأخرى، يحصل الأبناء على جنسية آبائهم.

 

ويرى الكثيرون أنَّ هذا الإجراء يُعد طريقةً تحاول قطر من خلالها أن تُحبط الحصار الاقتصادي، عن طريق تقديم حوافز للعمالة من أجل البقاء بها، وفي الوقت ذاته جذب المزيد من المستثمرين والشركات لاختيار العاصمة الدوحة كمركز أعمالٍ إقليمي لها.

 

فقال أنتوني كوردسمان، مُحلِّل شؤون الشرق الأوسط في مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية: “أحد أسباب مشروع القانون هذا، هو أنَّهم يخشون إمكانية فقدان عدد كبير من الأشخاص، وخاصة العمال الأجانب؛ بسبب الأزمة، والجانب الآخر من الأمر هو أنَّهم يرسلون إشارةً للغرب وللآخرين خارج البلاد بأنَّ قطر أكثر تحضُّراً وأكثر رغبةً في السعي للإصلاح”.

 

مجلس الأمن

وقامت قطر بمواجهة المُقاطَعة بشدةٍ، أيضاً، من خلال تقديم شكاوى لمجلس الأمن ومنظمة التجارة العالمية، ودعت منظمة الطيران المدني الدولي، التابعة للأمم المتحدة، لبحث ما إذا كانت السعودية وحليفاتها قد انتهكت أيَّاً من معاهدات السفر جواً بعد غلق مجالاتها الجوية أمام الرحلات الجوية القطرية.

 

وتُعزِّز قطر علاقاتها مع الغرب أيضاً؛ لتعويض خسارة حلفائها الخليجيين السابقين. ففي الأسبوع الماضي، أعلنت قطر شراء 7 سفن حربية إيطالية بقيمة 6 مليارات دولار، واشترت طائرات مقاتلة من طراز “إف 15” بقيمة 12 مليار دولار من الولايات المتحدة في يونيو/حزيران الماضي.

 

وفي نهاية الأسبوع الماضي، نظَّمت تركيا وقطر تدريبات عسكرية مشتركة، في إشارةٍ إلى تحالفهما المزدهر.

 

ويأتي ذلك بعد أن وافقت أنقرة في يونيو/حزيران 2017، عقب اندلاع الأزمة، على خطةٍ لإرسال بضعة آلاف من القوات إلى قاعدةٍ تركية في قطر.

 

وتحوَّل غلق هذه القاعدة إلى أحد المطالب التي قدَّمتها دول المقاطعة لفك الحصار عن قطر.

 

وفي ظل استمرار الأزمة، يبدي مسؤولون أميركيون تخوفهم من أنَّ هذا الخلاف الدبلوماسي قد يعيق جهود مكافحة تنظيم داعش في العراق وسوريا. وتُعَد كل أطراف الأزمة جزءاً من التحالف المتعاون مع الولايات المتحدة في محاربة المتشددين.

 

وقال كوردسمان: “كلما استمرت هذه الأزمة، أصبح من الصعب على أي شخص أن يثق بأي شخص، حتى وإن جرى التوصل إلى اتفاقٍ”.

 

المصدر: هافنتغون بوست عربي

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.