الرئيسية » الهدهد » “الغارديان”: أسوأ أزمة كهرباء تشهدها غزة جعلت سكانها يكرهون عباس.. فلماذا يفعل ذلك ؟!

“الغارديان”: أسوأ أزمة كهرباء تشهدها غزة جعلت سكانها يكرهون عباس.. فلماذا يفعل ذلك ؟!

في متجر الأدوات الكهربائية الذي يملكه عماد شليل بمدينة غزة، يُبدي زبائنه المُحتشِدون داخل المتجر اهتمامهم بشراء مُنتَجَين فقط: المصابيح الموفرة للطاقة “LED” والبطاريات اللازمة لها.

 

في قطاع غزة المُفقَر بالفعل، تعلَّم السكان كيفية التكيُّف مع واقع أن الكهرباء غير متاحة إلا خلال ساعتين أو أربع ساعات في اليوم، حسب تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية.

 

لكن غضبهم تجدَّدَ عندما تناقصت كمياتُ الكهرباء المتاحة أكثر خلال الشهر الماضي، يونيو/حزيران 2017، بناءً على طلب الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن، في تصعيدٍ لصراعه مع حركة حماس، التي انتزعت السيطرة على قطاع غزة من القوات الموالية لعباس منذ 10 سنوات.

 

ويُشكِّل عجز الكهرباء نمط حياة السكان في غزة، حيث يستيقظون وسط الليل حين تكون الكهرباء متاحةً من أجل تشغيل الغسالات أو مضخات المياه.

 

ولا تستطيع سوى قلةٍ من الأغنياء الحصول على الكهرباء لفتراتٍ طويلة ومتكررة لتشغيل المصابيح، والمراوح، والثلاجات، وأجهزة التلفاز، وأجهزة اتصالات الإنترنت اللاسلكية في صيف قطاع غزة الحار والخانق.

 

يقول شليل: “اعتدنا على بيع كل أنواع المنتجات. لكن الأمر مختلف هذه الأيام. لا نبيع سوى البطاريات والشواحن. نبيع حوالي 100 بطارية في اليوم لأن الأزمة اشتدت للغاية بينما كنَّا نبيع عادةً 20 بطارية فقط”.

 

من المتسبب في الأزمة؟

ويحتاج قطاع غزة إلى 430 ميغاواط من الكهرباء لتلبية الاحتياجات اليومية، لكنه لا يستقبل سوى نصف هذه الكمية.

 

ويأتي 60 ميغاواط من محطة الكهرباء الوحيدة الموجودة في القطاع، والتي تعاني حالياً من نقص الوقود بينما توفر إسرائيل بقية الكمية بتمويلٍ من السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية برئاسة عباس.

 

أما قرار عباس بقطع إمدادات الكهرباء عن قطاع غزة، والذي يواجه أصلاً حصاراً مشتركاً من إسرائيل ومصر منذ 11 عاماً، فقد جعل منه شخصاً مكروهاً بين العديد من سكان غزة، الذين يتساءلون لِمَ يُعاقِب عباس حوالي 2 مليون مواطن فلسطيني في ما يبدو أنه محاولةٌ لإجبار حركة حماس على التخلي عن سيطرتها على القطاع.

 

ومع أن تجارة شليل تسير بصورةٍ جيدة، لكنه يشعر بالغضب بسبب النقص الجديد في كميات الكهرباء المتاحة والذي يؤثر على شتى مناحي حياة سكان غزة بدءاً من عنابر الطوارئ في المستشفيات ووصولاً إلى إمدادات المياه النظيفة.

 

يقول شليل: “لم أفعل شيئاً حتى أُعاقب من أي شخصٍ. إنها أسوأ أزمة أتذكَّرها، لكننا نتوقَّع أن يزداد الوضع سوءاً. لا يتعلَّق الأمر بالكهرباء فحسب، بل بأمورٍ أخرى أيضاً. نحن نواجه انحداراً كبيراً”.

 

وإلى جانب خفض إمدادات الكهرباء، خفَّضَت السلطة الفلسطينية رواتب موظيفها في غزة بحوالي 30%، ما دفع آلاف الأشخاص إلى التظاهر في شوارع المدينة.

 

ويلقي أيضاً السكان باللائمةِ على عباس بسبب تأخر إصدار قرارات الإحالة الطبية للأشخاص الذين يحتاجون للسفر خارج قطاع غزة لتلقي العلاج، رغم أن المتسبب في هذا التأخير غير معلومٍ بشكلٍ واضح.

 

إسماعيل هنية

وتظهر أزمات قطاع غزة -حيث باتت مستويات البطالة المرتفعة فيه مشكلةً مزمنة- بوضوح في أكثر مناطق القطاع فقراً.

 

في مُخيَّم الشاطئ بمدينة غزة، الذي يعيش فيه رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، حلَّ الظلام على مبانٍ سكنية كاملة، بينما ظهرت من نوافذ بعض المباني في مناطق أخرى أضواء خافتة.

 

في كُشك بيع الحمام والدجاج، المُكوَّن من غرفةٍ واحدة والموجود على أطراف السوق الرئيسي بالمُخيّم، يقف أيمن ناصر، ذو الـ32 عاماً، في الشارع أمام الكشك الذي يملكه برفقة أصدقائه لاستنشاقِ نسيم البحر.

 

يظهر وجهه في الظلام بواسطة على ضوءِ النورِ المُنبعِث من هاتفه المحمول. ويوجد في متجره مصباحٌ واحدٌ فقط يعمل ببطارية.

 

يقول ناصر: “يتلخَّص جزءٌ من المشكلة في عدم توافر الأخبار لدينا. على من نلقي باللوم؟ حماس أم إسرائيل أم عباس؟”.

 

قاطعه صديقه أشرف كاشقين قائلاً: “يتعلق الأمر كله بالسياسة. نتعرض للتلاعب بواسطة كلا الطرفين”.

 

إذا كان هناك سؤالٌ يطرحه جميع الفلسطينيين داخل غزة فهو ما الذي يطمح عباس المُتقدم في العمر، والذي يعيش بعيداً عن القطاع، إلى تحقيقه، وما إذا كان يأمل أن تؤدي هذه الانقطاعات إلى تمردٍ ضد حركة حماس في أعقاب المظاهرات المتعلقة بإمدادات الكهرباء، التي اندلعت في يناير/كانون الثاني 2017.

 

وأكدت سلطة الطاقة في قطاع غزة، الأحد 9 يوليو/تموز 2017، أن أزمة الكهرباء في أسوأ حالاتها، بعد أن وصل المتوفر في قطاع غزة من الكهرباء 95 ميجاوات فقط، من أصل 500 ميجاوات يحتاجها القطاع.

 

وقد أوضح المتحدث باسم سلطة الطاقة في غزة أحمد أبو العمرين في تصريح له على فيسبوك نقلته وكالة “فلسطين اليوم الإخبارية”، أنه بعد إيقاف رام الله التحويلات المالية لشراء الوقود من مصر وبعد تقليص الاحتلال لكهرباء غزة أيضاً بطلب من رام الله، يتوفر حالياً في قطاع غزة ما لا يزيد عن 95 ميجاواط.

 

وأوضح أن المتوفر، هو 70 ميجاوات من الخطوط الإسرائيلية، و22 من المحطة، فيما يحتاج قطاع غزة مايزيد عن 500 ميجا!!

 

تجفيف موارد حماس

ونقلت الغارديان عن مسؤول رفيع المستوى في حكومة الضفة الغربية بقيادة فتح قوله خلال الشهر الماضي، يونيو/حزيران 2017، إن الهدف وراء خطوة السُلطة الفلسطينية -والتي كانت تدفع 12 مليون دولار شهرياً مقابل تزويد إسرائيل قطاع غزة بالكهرباء- يكمن في تجفيف الموارد المالية لحركة حماس، بينما يتشكَّك البعض في مدى جدوى التوقيت والدافع والتأثير الحقيقي لهذه الخطوة.

 

من بين هؤلاء، منظمات حقوق الإنسان، مثل منظمة العفو الدولية التي حذَّرت بالفعل من تحول أزمة قطاع غزة الممتدة منذ فترةٍ طويلة إلى كارثةٍ كبرى، تؤثِّر بالفعل على المستشفيات ومحطات الصرف الصحي.

 

وقالت ماغدالينا مغربي، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للمنظمة في الشرق الأوسط: “حرم الحصار الفلسطينيين في غزة من حقوقهم واحتياجاتهم الأساسية بشكلٍ غير قانوني على مدار 10 سنوات. تحت وطأة الحصار غير الشرعي وبعد حروبٍ ثلاث مع إسرائيل، تراجع الاقتصاد بوتيرة حادة وتدهورت الأوضاع الإنسانية بشدة. وتهدِّد انقطاعات الكهرباء الأخيرة بتحويل الوضع المؤلم إلى كارثةٍ إنسانية كاملة”.

 

يعاقب مؤيديه؟

ثم يأتي التساؤل حول جدوى توقيت قطع إمدادات الكهرباء. فيقول مخيمر أبو سعدة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر: “إن عباس هو على الأرجح الشخص الوحيد الذي يعرف لِمَ يفعل هذا بغزة. بصراحةٍ، لا أقتنع بما ظلَّ يقوله على مدار الثلاثة أشهر الماضية: وهو أنه سيتخذ إجراءات استثنائية ضد حماس للضغط عليها وإجبارها على التخلي عن سيطرتها على قطاع غزة”.

 

وتابع: “لا أقتنع بهذا الحديث لأنه لا يقدم تفسيراً لأسباب انتظاره عشر سنوات كي يمارس ضغوطاً من هذا النوع على حماس”.

 

وأضاف: “بصراحةٍ إذا كان اتخذ هذه الإجراءات في الأشهر الأولى من الصراع بينهما، كان النزاع سيُحل. لكن الآن، لا يعاقب عباس حماس بل 2 مليون فلسطيني. أعني أن قادة حماس لديهم مولدات كهربائية عملاقة. إن الفقراء هم من يعانون”.

 

وأضاف: “هناك شيءٌ آخر غير منطقي وهو كيف تُفسر خفض رواتب الأشخاص المفترض أنهم الأكثر ولاءً للسلطة الفلسطينية وعباس وهم نفس الأشخاص الذين أُلقيَ القبض عليهم وتعرَّضوا للتعذيب بواسطة حركة حماس؟”، حسب قوله.

 

ويتشكَّك أبو سعدة أيضاً في مدى جدوى الإجراءات المُتشدِّدة التي يتخذها عباس ضد حماس، مشيراً إلى حقيقة تمكن الحركة من الصمود لعقدٍ كامل من الحصار المفروض عليها وفي ظل ثلاث حروب خاضتها ضد إسرائيل.

 

وقال أستاذ العلوم السياسية: “في كل مرةٍ تتعرَّض فيها حماس لضغوطٍ، تتمكَّن من ابتكار طرقٍ جديدة للالتفاف حول الحصار. هذه ليست وسيلة فعَّالة لمواجهة حماس. إذا كان يعتقد أن الفلسطينيين في غزة سيثورون ضد حماس، فهو مخطئ”.

 

يصرف الانتباه عن فشله

ويرى طاهر النونو، مستشار هنية، أن أزمة الكهرباء قد دُبِّرَت لصرف الانتباه عن فشل عباس.

 

وقال: “يريد عباس خلق بيئة عدائية ضد حماس في قطاع غزة، لكنه فشل في تحقيق هذا. إن دافعه الأول لفعل هذا هو فشل أدائه السياسي خلال الـ11 عاماً الماضية لأن ليس هناك من يسأله ما الذي حقَّقه للشعب الفلسطيني على مدار 11 عاماً”.

 

ويعتقد النونو أن الإجراءات الأخيرة لعباس ستتسبَّب فقط في مزيدٍ من المعاناة للفلسطينيين.

 

وأضاف: “في الماضي، إذا سألت الأشخاص العاديين هنا عن المسؤول عن الصعوبات التي تواجهها غزة، كانوا سيقولون إنها إسرائيل أو حماس أو ربما عباس. الآن إذا سألتهم سيقولون لك عباس”.

 

المصدر: ترجمة وتحرير هافنتغون بوست عربي.

 

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.