الرئيسية » تقارير » نظام المهداوي يكتب: يشرعون الأبواب لإيران ثم يطلقون قنابلهم الصوتية.. البحرين واليمن مثالاً

نظام المهداوي يكتب: يشرعون الأبواب لإيران ثم يطلقون قنابلهم الصوتية.. البحرين واليمن مثالاً

تخيل أغناماً داخل أقفاصها وخارج القفص غول كبير. تتفق الأغنام على خطر الغول ولكنها تهاجم بعضها بعضا حتى تشرع الباب للغول المتأهب كي يلتهمها.

العرب داخل أقفاص أوطانهم المحكومة بالنار والحديد، وإيران هي الغول الذي يتأهب لإلتهام الأوطان المهترئة من الفساد والديكتاتورية وغياب العدالة. ومن عجائب العرب إنك لا تصدق أن لهم عدواً يزعمونه. ظلوا لعقود يبررون طغيانهم من أجل عدوتهم إسرائيل، ولم تكن حقيقة عدوتهم. ومن عشرات السنوات وهم يعبئون ضد عدوتهم إيران ويتغنون بخليجنا واحد، وفجأة اكتشفوا أنه ليس واحد، وان قطر منذ عشرين سنة تطعن السعودية والإمارات والبحرين من الخلف لذا يتعين تقسيم الخليج وتفكيكه وهكذا يتصدون لعدوتهم إيران.

ولو لم تكن إيران موجودة لخلقتها الدولة العميقة والثورات المضادة وعلى رأسها السعودية والإمارات. ان تلك المعادلة شبيهة ببقاء إسرائيل المرتبط بعدو يهددها.

ولم تجد شبكة الطغاة العرب ما تواجه فيه الثورات العربية سوى العدو الخارجي، إيران عوضاً عن إسرائيل التي أشبعوها إستهلاكاً. لم تكن حلول الإصلاحات الداخلية والديمقراطية التي قد تساعد فعلا على التصدي لطموحات إيران وتوصد ابواب التدخل تناسب الطغاة. فالديمقراطية تطيح بعروشهم أو تحاسبهم على سرقاتهم وطغيانهم. فيما قمع الثورات خيار لا توقفه أي أخلاقيات ولا حتى حدود للمال الذي تسرقه أمريكا (أم الحريات والديمقراطية) مقابل أن تسكت على طغيانهم.

في اليمن أجهضت السعودية الثورة اليمنية، تكاتفت سريعاً مع الدولة العميقة، دخلت وسيطاً غير نزيه بين الثوار والطاغية “علي عبدالله صالح”، وأخذت تعهداً بألا يحاكمه الثوار، واستضافته في أفضل مستشفياتها. عالجته وأعادته ثانية إلى اليمن متنمراً ومتحالفاً مع الحوثيين الذين ظل يحاربهم طوال حكمه. شرع آل سعود الأبواب لإيران على مصراعيها، ولو نجحت ثورة اليمن وحوكم علي صالح لما تجرأ الحوثيون ولا كانت إيران اقتربت من حدود السعودية.

انطلقت عاصفة حزمهم كأحداث مسلسل “باب الحارة” مضحكة بدراما مبتذلة. كان وما زال قادة الحرب هم “المحمدين” ابن زايد وابن سلمان وانضمت قطر تساند ابن سلمان. بالإضافة إلى مشاركات من دول اخرى.

ابن سلمان قاد الحرب ليحمي حدوده، لا من أجل أن يتصدى للمشروع الإيراني فيما ابن زايد قاد حربه ليقضي على الإسلاميين متحالفاً في بعض المواقع مع الحوثيين. وإذ بالعاصفة التي لا تستمر أكثر من شهرين تمتد لعامين ونصف العام تقريباً، دمرت فيها اليمن ونشرت الكوليرا حتى اصاب الداء أكثر من ربع مليون يمني، ووسط هذا التعثر قرر رؤوس الثورات المضادة بطرد قوات قطر التي ذهبت لتدافع عن حدود السعودية، فيما ابن زايد يشرع في تقسيم اليمن بعد الإنتهاء من إبادة الإسلاميين.

هكذا هي إستراتيجياتهم بالتصدي لمشاريع إيران في الهيمنة. والأمر لا يختلف كثيراً عن البحرين التي أجهضت السعودية أي استجابة لمطالب الإصلاح وكلها شرعية، وصبغت كل مطالب بها بالعميل الإيراني حتى فتحوا الباب لإيران. ولم يجد آل سعود مثلا الإستغناء عن أقدم رئيس وزراء منذ عام 1973 دخل إسمه ضمن موسوعة “غينيتس” للأرقام حلاً ممكن أن يرضي الثوار ضد الفساد وسرقات ثروات بلادهم فالإطاحة به قد تفتح باب المحاسبة عن نحو 70 مليار دولار حجم ثروته . الملك نفسه كاد أن يصطدم مع عمه المدعوم من آل سعود عام 2009 حين رفض التعامل مع إبنه ولي العهد لإجراء إصلاحات داخلية.

الخيار الإستراتيجي لـ“المحمدين” ابن زايد وابن سلمان هو أن الديمقراطية سرطان قاتل ما أن ينجح في عاصمة حتى ينتقل إلى عاصمة اخرى. والمعركة مع الديمقراطية مصيرية. وبالنسبة إلى السعودية فإن الديمقراطية في اليمن جارتها وفي البحرين حديقتها لا يعني إلا المضي نحو هلاك عرش أل سعود.

فلا حق للشعب أن يسأل عن ثرواته. الشعب والثروات ملك الطاغية. والعالم العربي الجديد الذي يريده ابن زايد بالتحديد هو على شاكلة الرئيس اليمني الذي يفيق عصراً من نومه. ومهمته فقط أن يبصم على قرارات السعودية والإمارات. لا يسأل مثلاً كيف ان قطر بالأمس كانت قواتها تستشهد من أجل السعودية نطردها اليوم ونتهم الدوحة بالإرهاب. تلك رؤى الرجل الذي جاء ليدخل التاريخ في تدشينه شرق أوسط صهيوني جديد، لا تناقش ولا ترد.

اضاعوا البحرين ومزقوا نسيجه الإجتماعي، وهدموا اليمن وقتلوا الأبرياء ونشروا الأمراض والجوع ومزقوا ليبيا إربا لميليشيات وأمراء قبائل وسقطت الدولة في وحل ابن زايد حتى ينتهي من إرجاع عقارب الساعة واستنساخ القذافي في الجنرال حفتر.

وقلبوا إسطورية الثورة المصرية من إنبهار العالم بتلك اللوحة الإنسانية الخلاقة التي خرجت من ميادين وساحات اعظم حضارة قديمة، إلى “بشرة خير” طحنت المصريين. انتقمت منهم حتى جعلتهم يجرمون إنفسهم لأنهم قاموا بثورة.

كانت إستجابة الطغاة لحقيقة ان كل الجبروت لا يمكن ان يوقف سنة التغيير في عالم تحول إلى شاشة، كفيلاً بكف خطر عدوتهم المزعومة إيران وحتى إسرائيل وحتى تركيا. لكن لا تصدق ان لطغاة العرب عدواً غير ما يهدد عروشهم. وعدوهم الداخلي يشغلهم أكثر من أي شيء، فالعدو الخارجي يتكفل به ترامب الذي يتقاضى جزية لحمايتهم.

نظام المهداوي

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.