الرئيسية » الهدهد » “نادي المليارديرات”.. نيويورك تايمز تكشف كيف أصبح الأمير محمد بن سلمان حليف ترامب المقرب

“نادي المليارديرات”.. نيويورك تايمز تكشف كيف أصبح الأمير محمد بن سلمان حليف ترامب المقرب

كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب من أوائل المهنِّئين لولي العهد المُعيَّن حديثاً للمملكة العربية السعودية، الأمير محمد بن سلمان، حيث اتصل به، الأربعاء 21 يونيو/حزيران 2017، بعد أقل من 24 ساعةً من تعيينه من قِبَلِ والده الملك سلمان.

 

وقد هنَّأ ترامب الأمير ذا الـ31 عاماً، واحتفى بتعاون المملكة على صعيد استئصال تمويل الإرهاب وأمورٍ أخرى، وفقاً لتقرير لصحيفة نيويورك تايمز الأميركية.

 

وصحيحٌ أن كارين هاندل، مرشحة الحزب الجمهوري التي فازت في سباقٍ انتخابيٍ محتدمٍ في انتخابات ولاية جورجيا هذا الأسبوع، كانت مُرشَّحةَ ترامب المُفضَّلة، إلا أن الأمير محمد بن سلمان يظل المرشح الأكثر تفضيلاً على الإطلاق، لكن هذه المرة في السباق البيزنطي المُعقَّد لحكم آل سعود، حسب تعبير نيويورك تايمز.

 

ويَعتبر ترامب الأمير محمد حليفاً مهماً في سعيه لترسيخ تحالفه مع المسلمين السُّنة في منطقة الخليج العربي، فيما فضَّل الأمير، الذي يشغل كذلك منصب وزير الدفاع السعودي، جبهةً في مواجهة إيران ترتبط وثيقاً بموقف ترامب العدائي تجاه طهران.

 

كما يتصدَّر الأميرُ قرارَ الحظر الذي فرضته السعودية على جارتها قطر، الذي أشاد به ترامب، لأنه كالسعوديين تماماً، لا يعجبه ما يقولون إنه تمويل من قبل قطر لجماعاتٍ متطرفةٍ.

 

نادي المليارديرات.. كيف بدأ التحالف؟

وحسب نيويورك تايمز “يحظى الأمير الشاب كذلك بتأييد جاريد كوشنر، صهر ترامب، وقد بدأ كوشنر بالترويج للأمير مباشرةً بعد فوز ترامب بالانتخابات.

فحين زار الأمير واشنطن، في مارس/آذار 2017، تناوَلَ العشاء مع كوشنر وزوجته إيفانكا ترامب في منزلهما. وحين انضما لترامب في زيارته للسعودية الشهر الماضي، مايو/أيار، استضافهما الأمير في منزله لتناولِ العشاء.

 

ويقول جون ألترمان، مدير برنامج الشرق الأوسط بمركز الدراسات الدولية والاستراتيجية في واشنطن: “هناك نوعٌ من التوافق هنا، فالرئيس وحاشيته يعتقدون أن رفاقهم من المليارديرات، الذين لديهم الحدس لإنجاز الأمور، يمكنهم إدارة العالم”.

 

وصرَّح مصدرٌ مسؤولٌ بأن كوشنر والأمير محمد قد نسَّقا عن كثبٍ زيارة ترامب للمملكة، والتي أسفرت عن تجديد التزام عشرات القادة المسلمين والعرب بمجابهة التطرُّف في بلادهم وقطع التمويل عن الجماعات المُتطرِّفة.

 

أما بالنسبة لمعاوني ترامب، فقد مثَّلَت الزيارة ذروةَ نجاحاتِ سياساته الخارجية حتى الآن، ويشكرون الأمير محمد على ذلك، لكونه “يَعِد بالقليل ويُقدِّم الكثير”، على حد وصف مسؤولٍ كبيرٍ.

 

وكانت مكانة الأمير محمد المرتفعة باديةً منذ الأيام الأولى لإدارة ترامب، إذ طلبت المملكة، وفقاً لمصدرٍ أميركي مسؤولٍ، دعم الولايات المتحدة في حربها في اليمن ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران، لأسبابٍ من بينها أن انتصار المملكة في المعركة من عدمه قد يؤثِّر على فرصِ الأمير في معركة الخلافة.

 

كسر للبروتوكول

خلال زيارة الأمير الأولى للبيت الأبيض، استقبله الرئيس في المكتب البيضاوي، وتناوَلَ معه غداءً رسمياً في غرفة الطعام الرسمية.

 

ولفت تقرير لموقع الخليج أون لاين إلى الحفاوة البالغة، التي استقبل بها دونالد ترامب، محمد بن سلمان في اللقاء الأول بينهما، مشيراً إلى أنه كان أول مسؤول خليجي رفيع يلتقي ترامب.

 

وبلغ الأمر أَن الرئيس الأميركي كسر “البروتوكول”، وأقام وليمة غداء لولي ولي العهد السعودي، علماً أن العادة جرت أن يتم هذا الإجراء فقط لقادة الدول.

 

وكان من اللافت أيضاً، أن ترامب قام بالتجول مع محمد بن سلمان عقب الغداء، في البيت الأبيض، الأمر الذي فسره البعض بأن العلاقة بينهما كانت منسجمة بشكل كبير.

 

وفي اليوم التالي، أمضى الأمير أربع ساعاتٍ في البنتاغون مع وزير الدفاع الأميركي جيم ماتيس.

 

هل يتدخل في عملية السلام؟

ويطمع كوشنر في تأييد الأمير، أو على الأقل دعمه في مساعي السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وقد خطا كوشنر خطوته الكبيرة الأولى، أمس الأربعاء، بعقدٍ اجتماعٍ في القدس مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وآخر في الضفة الغربية مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.

 

وقال مسؤولون في البيت الأبيض في بيانٍ: “المسؤولون في الولايات المتحدة والقيادة الإسرائيلية شدَّدوا على أن تحقيق السلام سيستلزم بعض الوقت”. لكن مسؤولاً صرَّح بأن العملية قد يساعدها أن يوقع بلدٌ عربيٌّ كبيرٌ، لاسيما المملكة السعودية، على مبادئ الاتفاق.

 

ويقول المتخصصون في شؤون الشرق الأوسط، إن الأمير محمد يعتقد أن السعودية يجب أن تجمعها علاقاتٌ طبيعيةٌ بإسرائيل في المستقبل، لكنهم عبَّروا كذلك أكثر من مرةٍ عن تشكُّكِهم في رغبة الرياض في أن تكون طرفاً فاعلاً في مفاوضاتٍ إسرائيليةٍ فلسطينيةٍ.

 

ما القدراتُ المميزة التي يمتلكها؟

وفيما ترى إدارة ترامب في الأمير محمد مجدِّداً -في إشارةٍ إلى “رؤية 2030” وهو مشروعه لتطوير اقتصاد ومجتمع السعودية- فقد حذَّرَ آخرون من أن البيت الأبيض قد يكون على أعتاب خيبة أملٍ، إذ يقول ألترمان: “هناك آخرون أكثر وعياً، يُشكِّكون في أن يحظى بالكفاءةِ اللازمة، ويُشكِّكون كذلك في امتلاكه المهارات السياسة السليمة”.

 

مرَّت إدارة أوباما بهذه الازدواجية، حسب تقرير نيويورك تايمز.

 

فالأمير محمد ليس كغيره من الأمراء، فهو لم يدرس في الغرب، ولم يكن له أي سجلٍ يمكن تقصيه من العمل الحكومي، بل إنه كان غير معروفٍ تقريباً في واشنطن حين عُين نائباً لولي العهد في 2015.

 

كما أنه تولَّى منصب وزير الدفاع، ثم أصبح فجأةً وجه الحملة التي شنتها المملكة على الحوثيين في اليمن. وقد أكسبته الشهور الفوضوية الأولى سمعةً لدى بعض أعضاء إدارة أوباما كمتهورٍ، وفقاً للتقرير.

 

وكانت هناك أيضاً مشكلةٌ في إيجاد شخصٍ في واشنطن قادرٍ على أن يُنشئ علاقةً مع الأمير الشاب. ولم يكن نظيره التقليدي في الجانب الأميركي، وزير الدفاع آشتون كارتر (تولَّى وزارة الدفاع من أكتوبر/تشرين الأول 2011 حتى ديسمبر/كانون الأول 2013)، يبدي ميلاً نحو قضاء وقته في محاولات توطيد العلاقات مع الأمير.

 

وتولى وزير الخارجية وقتها ذلك العبء، إذ دعا الأمير إلى منزله في جورج تاون لتناول العشاء، ثم التقى به على متن اليخت الفاره سيرين، الذي اشتراه الأمير من مليارديرٍ روسيٍّ، في مايو/أيار 2016.

 

مع ذلك بقيت هناك مواضيع لم يكن من المُمكِن تجاوزها. وكان الخلاف تحديداً حول محاولات إدارة أوباما لإصلاح العلاقات مع إيران.

 

وخلال اجتماعٍ عُقِدَ في تركيا، في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، بين الرئيس أوباما والملك سلمان، قفز الأمير محمد مُتطرِّقاً إلى ما سمَّاه مسؤولون أميركان “إخفاقات الإدارة الأميركية في الشرق الأوسط من وجهة نظره”.

 

ولم تختلف الأمور كثيراً خلال إدارة ترامب، غير أن المسؤولين السعوديين يثنون على ترامب لقصفه سوريا، ولموقفه المُتربِّص بإيران.

 

محمد بن نايف

غير أن إدارة ترامب على ما يبدو ما زالت حذرةً في إظهار ترجيحها لكفةٍ على غيرها، في صراع الخلافة الدائر بين الأمير محمد بن سلمان والأمير محمد بن نايف، والذي كان ولياً للعهد حتى أمس الأربعاء.

 

وكانت صلاتٌ وثيقةٌ تربط الأمير محمد بن نايف بمسؤولين في الأمن القومي الأميركي إبَّان إدارة أوباما، لكن التغيير السياسي الذي طرأ على الولايات المتحدة هذا العام قد جلب معه سوء الطالع للأمير محمد بن نايف، الذي خسر كثيراً من أصدقائه.

 

يُذكَر أن زيارة الأمير محمد بن سلمان للولايات المتحدة في مارس/آذار 2017 قد أغضبت محمد بن نايف لدرجة أنه اتصل بالحكومة الأميركية ليُعبِّر عن استيائه عبر قنوات اتصالٍ غير رسميةٍ.

 

وسبق أن وقعت حادثة العام الماضي 2016 تكشف المشكلات داخل العائلة الملكية حسب موقع “فرانس 24″، فقد أورد موقع “الوطن” السعودي، في يونيو/حزيران 2016 تصريحات نسبها لولي العهد السابق محمد بن نايف قال فيها: “عملية عاصفة الحزم في اليمن طال أمدها وخرجت عن توقعاتنا”، كما أبدى محمد بن نايف استعداد القيادة السعودية لتقديم تنازلات من أجل فرض الاستقرار في المنطقة، بحسب التصريحات المنسوبة إليه آنذاك. واتهم بن نايف دول التحالف بأنها السبب الأول في عدم حسم المعركة في اليمن، لعدم قيامها بالمهام الموكلة إليها.

 

ثم نفى موقع “الوطن” هذه التصريحات جملة وتفصيلاً، مؤكداً أنه تعرَّض للقرصنة. لكن “لا أحد صدق قصة القرصنة” كما يقول الصحفي الفرنسي آلان غريش، الذي رأى في مقال تحليلي نشر في مطلع 2017، أن هذا “الجدل الاستراتيجي يخفي معركة نفوذ”.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.