الرئيسية » تحرر الكلام » مواجهة جماعة الإخوان المسلمين مع الوهابية

مواجهة جماعة الإخوان المسلمين مع الوهابية

نشأت جماعة الإخوان المسلمين في مدينة الإسماعيلية المصرية برئاسة حسن البنا عام 1928 بعد أربعة أعوام من سقوط الخلافة العثمانية مستهدفة إلى إصلاح سياسي واجتماعي واقتصادي من منظور إسلامي شامل في مصر وفي الدول العربية التي ينشط فيها الإخوان المسلمون.

وتعود نشأة حركة الإخوان المسلمين إلى ما بعد الصراع العربي الإسرائيلي. وكلما كثرت إخفاقات الدول الإسلامية أمام المطامع الإسرائيلية توسعت قوة هذه الحركة وبلغت إلى ذروة التطوير والتوسع لاسيما بعد هزيمة الجيوش العربية الساحقة في حرب شنّها إسرائيل يوم 5 يونيو/حزيران 1967 على ثلاث من دول جوارها العربي، دامت ستة أيام. وفعلا يقتصر أقوى التفكير السياسي السني على جماعة الإخوان المسلمين بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية وتشكيل الدول الوطنية في العالم العربي.

وتعدّ حركة الإخوان المسلمين وحركة الوهابية من الجماعات السلفية التي تحملان الخلافات الجوهرية في مجال الحكم. حيث إن السلفية الوهابية تنتهج منهجا تكفيريا وإيدئولوجيا، والسلفية الإخوانية تنحو المنحى السياسي وتشكل ردا على الأوضاع الاجتماعية والسياسية. وتعتقد السلفية الإخوانية على العودة إلى الإسلام للسيطرة على أعداء الإسلام بما فيها إسرائيل وأمريكا كما تجد أسباب فشل المسلمين في الابتعاد عن القيم الدينية والإسلامية، وفي المقابل إن السلفية الوهابية تهدف إلى تكفير المسلمين وبث الفرقة وخلق الصراعات داخل البلدان الإسلامية. إذن يتضح مما سبق، إنه لا تتماشى جذور وأهداف التفكير السلفي الإخواني مع جذور وأهداف التفكير السلفي الوهابي.

تكونت الجماعات السياسية والجهادية السنية من جذور التفكير الوهابي والتفكير الإخواني إلا أن حركة الإخوان المسلمين خلال السنوات الأخيرة لم تتمتع بالقوة السياسية في حين أن حركة الوهابية اعتمدت على عائدات النفط والنظام السياسي السعودي. وكم من الجماعات الإخوانية التي يدّعون الانتماء الظاهري إلى التفكير الوهابي بسبب احتياجاتهم الاقتصادية!

وكذلك الحال بالنسبة إلى قطر التي تدّعي الأسرة الحاكمة فيها الانتماء لذرية الشيخ محمد بن عبدالوهاب ولا تنظر نظرة عقائدية للتفكير الوهابي مثل السعودية وتتجه نحو التفكير الإخواني على الصعيد الفكري. وإن نشأت حركة الإخوان المسلمين في مصر واستقرت الجماعات الإخوانية في مصر زمن محمد مرسي ولكن القوة السياسية لحركة الإخوان أصبحت تتوسع في قطر وتركيا.

إذن لا غرو أن ندعي اليوم بأن أهل السنة في العالم الإسلامي يتكون من الجبهتين: الأولى قطر وتركيا والجماعات المنتمية إلى الإخوان المسلمين، والثانية الإمارات العربية المتحدة والبحرين والسعودية كممثلي الحركة الوهابية.

وبالفعل يمكن اعتبار الأزمة الخليجية القطرية مراجعة ثانية للحرب الخفية بين التفكير الوهابي والتفكير الإخواني. ويعرف الكل أن العلاقات القطرية التركية مع الجماعات الإخوانية جلية جدا ولا تحتاج إلى كثير من الوثائق، كما لا يمكن إنكار العلاقات السعودية والإماراتية مع الجماعات الإرهابية بما فيها داعش.

وتعتبر حركة الإخوان حركة متجذرة تؤثر تأثيرا عميقا وواسعا في المجتمع السني في حين إن حركة الوهابية حركة غير متجذرة نشأت وترعرعت بتأثير الدولارات النفطية.  وسببت نشاطات هاتين الحركتين في تقسيم أهل السنة إلى ثلاثة أقسام وهي: الوهابية والإخوانية والعلمانية، وفعلا يمكن أن يسمى الإخوان حركة معتدلة وإن تبنّى اليوم بعض المنتمين إلى هذه الحركة في الدول المختلفة منحى التطرف لجلب الدولارات السعودية.

ومن خلال التمعن في المعلومات التفصيلية بشأن الجذور الفكرية التي تلتزمها أهل السنة يتضح جليا أن مزاعم السعودية -التي تمثل حركة الوهابية- حول دعم دولة قطر عن الإرهاب باطلة وشبيهة بالمزاح و ذلك لأن الرياض المهد الأول للتفكير المتطرف وهي المصدر الأساسي للإرهاب في الشرق الأوسط.

والطريف إن مواجهة حركة الإخوان المسلمين مع الوهابية هي مواجهة عميقة ومتجذرة في العالم الإسلامي إلا أن الرأي العام للمسلمين يكشف لنا عن رغبة المجتمع المتزايدة إلى حركة الإخوان، وانهيار التفكير الوهابي. 

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.