الرئيسية » تقارير » “ناشيونال إنترست”: احتضان “ترامب” للسيسي خروج خطير على نهج السياسة الأمريكية

“ناشيونال إنترست”: احتضان “ترامب” للسيسي خروج خطير على نهج السياسة الأمريكية

أعلن الرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي» حالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر ، بعد هجومين انتحاريين على الكنائس القبطية أسفرا عن مقتل أربعة وأربعين شخصًا. وردًا على ذلك، قال الرئيس «ترامب» أنّه واثقٌ من قدرة «السيسي» على «التعامل مع الوضع بشكلٍ صحيح»، وذلك بعد أقل من أسبوعٍ من تعهده أيضًا بالعودة إلى دعم الجيش المصري ومكافحة الإرهاب.

ولكي يكون «ترامب» شريكًا أمنيًا فعالًا، يتعين عليه أن يفعل أكثر من مجرد توفير المعدات العسكرية. حيث يجب عليه مساءلة «السيسي» حول إدارته وضمان الوفاء بالشروط الأساسية للمساعدة الأمنية، وسيتحول الإخفاق في القيام بذلك إلى شيك مفتوح يرتد بالضرر على المصالح الأمريكية.

خروج خطير

ويعد احتضان «ترامب» الحار للسيسي خروجًا خطيرًا عن السياسة الأمريكية. ففي عام 2013، علقت إدارة «أوباما» المساعدات الجزئية لمصر بعد إطاحة «السيسي» بـ«محمد مرسي»، وهو رئيسٌ انتخب ديمقراطيًا وأحد أعضاء جماعة الإخوان المسلمين. وقد فشل التعليق في إحداث تغييرات جوهرية في السياسة العامة من قبل «السيسي»، لكن استطاعت الولايات المتحدة استعادة النفوذ على مساعداتها الأمنية بإضافة عدد من الشروط الجديدة، من بينها وقف التدفق النقدي، وزيادة التقارير حول أداء حقوق الإنسان، وتضييق نطاق المساعدة العسكرية لتشمل فقط مكافحة الإرهاب وأمن الحدود وأمن سيناء والأمن البحري.

وحتى الآن، فشلت الحكومة المصرية في الوفاء بالشروط الرئيسية للحصول على المساعدات. ولدى «ترامب» الفرصة لجعل مساعدة الولايات المتحدة أكثر فعالية من خلال اتخاذ الإجراءات التالية:

أولًا، إنفاذ امتثال الحكومة لبرنامج رصد المساعدات العسكرية. وقد خلص تقريرٌ لمكتب المساءلة الحكومية إلى أنّ الحكومة المصرية قد رفضت التعاون مع العديد من آليات رصد المساعدات في إطار برنامج التمويل العسكري الأجنبي، وهو برنامج تابع لوزارة الخارجية يتيح للحكومات الأجنبية شراء الأسلحة عبر الولايات المتحدة. وتدعم وزارة الدفاع ووزارة الخارجية برامج رصد الاستخدام النهائي للمساعدات، مثل عمليات التحقق قبل الترخيص وتأكيد هويات المستعملين النهائيين. ولا يمثل التعاون في هذه التدابير جهدًا كبيرًا، بل هو التزامٌ أساسيً لحكومة تتلقى 1.3 مليار دولار سنويًا من المساعدات الأمريكية. ويجب أن يتأكد «ترامب» من التزام مصر بمتطلبات برنامج التمويل العسكري الأجنبي.

ثانيًا، حث «السيسي» على الوفاء، على الأقل، بالمعيار الأدنى لحقوق الإنسان. وتحظر المادة 620 من قانون المساعدة الخارجية لعام 1961، والمعروف بقانون ليهي، الولايات المتحدة من مساعدة قوات الأمن في بلدٍ أجنبي، إذا كان لدى وزير الخارجية معلومات تفيد بأنّ هذه الوحدة قد ارتكبت انتهاكًا جسيمًا لحقوق الإنسان. ويمنح التفسير الفضفاض لهذا القانون الولايات المتحدة المرونة في سياستها الخارجية، ولكن ينبغي أن يكون هناك وقفة من قبل الإدارة مع سجل حقوق الإنسان في مصر.

وقد كشف تقرير حقوق الإنسان الأخير الصادر عن وزارة الخارجية عن سلسلة من السياسات القمعية، بما في ذلك اختطاف المعارضين السياسيين، وفرض ظروف قاسية في السجون، والتعذيب والاعتقالات التعسفية، والقتل خارج إطار القانون. وأبرز هذه الانتهاكات ما يتعرض له نحو ستين ألف معتقلٍ سياسي في مصر ضموا مواطنين أمريكيين مثل آية حجازي، التي برأت تمامًا من تهمة إساءة معاملة الأطفال وتهم الاتجار بالبشر، بعد احتجازٍ دام ثلاثة أعوام. وبالنظر إلى ظروف الإفراج عنها، لم يوجه «ترامب» إدانة علنية للسيسي. وعلى العكس من ذلك، قدم ترامب للسيسي تأييدًا شديدًا ووعده بالمساعدة العسكرية غير المشروطة خلال زيارته للبيت الأبيض. وعلى الرغم من أنّه قد يقبل الصمت أو المساومة للتفاوض على إطلاق سراح مواطنين أمريكيين من دولٍ مثل إيران وكوريا الشمالية، إلا أنّه من غير المناسب على الإطلاق أن يحدث نفس الأمر مع حليف للولايات المتحدة مثل مصر. ويتوقع من الإدارة حماية المواطنين الأمريكيين دون إعطاء أي شيء في المقابل، وعليها دفع «السيسي» نحو الإصلاح الداخلي.

ثالثًا، مساءلة «السيسي» عن أداء حكومته في قضية مكافحة الإرهاب.

راكبون بالمجان؟

على الرغم من مشتريات البلاد من طائرات إف 16، والطائرات المروحية من طراز أباتشي، ودبابات «إم1إيه1»، أثبتت شبكات المتمردين التي تتخذ من سيناء معقلًا لها، قدرتها على شن هجماتٍ معقدة بتكلفة منخفضة نسبيًا. وفي الأسبوع الماضي، قتل مسلحون من سيناء شرطيًا عند نقطة تفتيش بالقرب من دير سانت كاترين، وهو مقصد سياحي شهير. وتشير مصادر خارجية إلى أنّ عدد الهجمات الإرهابية المبلغ عنها قد بلغ ذروته في الأعوام الأخيرة، حيث وصلت إلى نحو 120 حالة في الشهر، وهي إحصائية لم تشهدها البلاد منذ التسعينات.

ومن الصعب أيضًا التحقق من التحسينات المزعومة في أداء مصر في مجال مكافحة الإرهاب، وذلك بسبب قانون لعام 2015 يجرم أي تقارير تتناقض مع بيانات الحكومة. وباعتبار الولايات المتحدة حليفًا في مكافحة الإرهاب، يوفر معدات عسكرية وتدريبات ثقيلة لمصر، تستحق الولايات المتحدة رؤية أفضل حول الأماكن التي تحقق فيها البلاد مكاسب أو خسائر. وعلى «ترامب» أن يقيس مدى نجاح حالة الطوارئ في مصر في تحقيق أمن البلاد خلال الأشهر الثلاثة المقبلة.

وقد أظهر «ترامب» في الأشهر الأولى من رئاسته نهجًا مميزًا في التعامل مع السياسة الخارجية. وهو يعتقد في أنّ شعار «أمريكا أولًا» يعني الحصول على أكبر فائدة للبلاد مقابل ما تقدمه من مساعدات. وبينما تواصل الإدارة اقتراح تقليص برامج المساعدات الخارجية غير الفعالة على وزارة الخارجية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، يتعين على الإدارة أيضًا سحب المساعدات العسكرية المباشرة من الدول التي لا تفيد المصالح الأمريكية. وعلى أقل تقدير، يجب على «ترامب» أن يضمن وفاء «السيسي» بالشروط الأساسية للمعونة الأمريكية. وعلى الرغم من أنّ الولايات المتحدة من غير المرجح أن تدفع باتجاه أي تغييراتٍ جوهرية في السياسة المصرية، إلا أنّ عدم مساءلة الحكومة سيضع المزيد من الأعباء على الولايات المتحدة ويسيء إلى سمعتها بسبب ارتباطها بنظامٍ غير فعال يؤجج التطرف، وهما عاملان ساهما في ثورة عام 2011. وفي نفس السياق الذي يريد فيه «ترامب» محاسبة حلفاء الولايات المتحدة في حلف شمال الأطلسي ومنطقة المحيط الهادئ، يجب أن تكون هناك رسالة واضحة إلى مصر مفادها، «نحن لا نريد ركابًا بالمجان».

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.