الرئيسية » تحرر الكلام » الكاذب الرسمي…. قصة

الكاذب الرسمي…. قصة

الزعيم منزعج  و متشائم  بخصوص  إستمرارية حكمه  ،  إشاعات  كثيرة  هذه  الأيام   تمس  بمصداقية  الدولة  و أركانها  ،  لابد  من  إيجاد  حل  سريع   لكي  لا  يسقط  المعبد  على  من  فيه.

وصل المستشار  السياسي  بسرعة   بناءا  على  طلب  فخامته   و  هو  يفكر  في  طبيعة  هذا  الأمر  المستعجل  ، فقد  مضت  عليه فترة  طويلة  عاش  فيها  البطالة   السياسية  ،  بلد   أضحت  المعارضة     كرتونية   و  الموالاة  مجرد    جوق  تصفيق  و  رفع  أيادي   و  أشياء  أخرى.

      سيدي   انا  رهن  إشارتك   ،  أمس   أرسلنا  برقيات  لكل  الدول  التي  تعيش  أعيادها  الوطنية  و أبلغتهم  حرص  فخامتك  على  تطوير  العلاقات  الثنائية  و  إرساء  السلم  و التنمية  المستدامة   و طبعا  إستعدادنا  لمواجهة  الإرهاب   بحكم  تجربتنا  الكبيرة  في  هذا  الميدان .

      دعنا  من  مهامك  الروتينية   ،  قرأت  صحف  اليوم  و بعض  المواقع  الإخبارية   و  شاهدت  الكثير  من  القنوات  الفضائية  ، هناك  إشاعات مختلفة   هذه  الأيام  كلها  تحكي  عن  صراعات  داخلية  و  محاولات  إنقلابية ،  الأمور  تفاقمت  لابد  من  إتخاذ  قرارات  حاسمة .

      يمكننا   أن  نوقف   بعض  الجرائد  و نغلق   القنوات  الفضائية المعارضة .

نهض   الزعيم  من  مكتبه  و  إقترب  من  شرفة  القصر  ثم  إستدار  لمستشاره  السياسي   قائلا  :

      لا  داعي  لهذه  الأساليب  القمعية  ،  حرية  التعبير  مكفولة  دستوريا   و  المنظمات   الدولية  سوف  تزعجنا إن  قمنا  بهذا  النوع  من  الإجراءات  .

      أقترح  سيدي  أن  يكون  لك  ناطقا  رسميا    يعبر  عن  آراءك  و  قراراتك    و هكذا  لا  نعطي  أي  مجال  للإشاعات.

      مع  انني   أفضل  الغموض  و التعتيم    إلا  ان  طبيعة  المرحلة  تتطلب  ذالك   و  لا  مفر  من  واجهة   رأي  و  إن  كانت  شكلية.

      الناطق  الرسمي  سيكون    مهم  جدا  في  هذه   الظروف و   هل  لديك  إسم  مقترح   لهذا  المنصب  الجديد   سيدي  ؟

      ليس  لدي  شخص بعينه    و لكن  يجب  ان  يكون  لديه  قدرة  كبيرة  على  الكذب  و المناورة   و  المراوغة  ،   بكل  بساطة  أريده   ان  يكون  كاذب  رسمي     بأتم   معنى  الكلمة .

ظهرت  إبتسامة  ماكرة   على   وجه  المستشار  السياسي   و   إقترب  أكثر  من  فخامة  الزعيم 

      إطمئن  سيدي    الكذب  و  المناورة   و المراوغة   هي  صفات  متوفرة  بكثرة  عند  كل   رجالات   الدولة  ،  بل  أجزم  أننا  سنجد  صعوبة  في  إيجاد   صادقا  واحدا  ،  إنهم  سيدي  عصارة  عهدك  الذهبي   خبراء  في  الوعود  الكاذبة  و   الأحلام  الزائفة   و لديهم  قدرة  كبيرة  على   الإقناع  و  التبرير   حتى  أن  بعضهم   وجد  له  وظيفة  في  هيئة  الأمم  المتحدة   .

      طبعا  الأمم المتحدة   مجرد  أكذوبة  كبيرة   و مهمة   الأمين  العام  الوحيدة  هي  الإعراب  عن قلقه  و إنشغاله  الدائم ،  زمن  أصبحت  فيه  بؤر  التوتر   مثل  إعلان  وظيفة  شاغرة  لفائدة  مبعوث  أممي  خاص .

شعر   المستشار  السياسي  بنوع  من  الفخر   و  الزعيم  يوافق  على  أطروحاته   المختلفة  و  خاصة  ان  المرحلة  السياسية  الحالية  شائكة   و  كل  الإحتمالات  واردة    ، تأمل   فخامته  بكل  إعجاب  و  واصل  إنفراده  السياسي  الكبير …..

      سيدي  سيكون هذا  الناطق  الرسمي   أو  الكاذب  الرسمي  كما  جادت  به  فخامتك   بمثابة  حاجز  منيع  أمام  كل  المحاولات  الرامية  لزعزة  إستقرار  البلاد ،  ستصبح  الأكاذيب  الرسمية  حقائق  متداولة  يصدقها  الجميع .

      إذن  سنحارب  الإشاعات  بالأكاذيب     الرسمية  و الموثقة    و بهذه  الطريقة  يمكننا  ان  نحافظ  على  هذا   الوطن  و تكون  ضربة  قاضية  لكل  الأيادي  الأجنبية    و  عملاءها  في  الداخل ،  يجب  ان  تكون  لهذا  الناطق   ندوة  صحفية  أسبوعية  أمام  وسائل   الإعلام  الوطنية  و الدولية   و  رسالته  الأساسية  هي  الكذب  الدائم  لمواجهة   الإعلام  المضلل  لأبناء  شعبنا  العزيز،  يعني  يجب  ان ينطق  كل  أسبوع   سواءا  كانت  هناك  أحداث  مهمة  أو  غير  مهمة  أو  لم تقع  أصلا .

      إطمئن  سيدي   ، حالا  سوف  أختار  لك  بعض  الأسماء  المناسبة  لهذا  المنصب  الجديد   ،  و  أترك  لفخامتك  إختيار  الأفضل   .

      لا  أريد  أن  اسمع   أشياء  من  نوع  مصدر مطلع  و آخر  مأذون  و  آخر   لا  يرقى  إليه  الشك   ،  يجب  ان  يكون  هذا  الناطق  مصدرا  لكل  المعلومات  التي  نريد  للشعب  ان يعرفها  حسب رؤيتنا   الخاصة  ،  يمكنك  المغادرة   و  أنا  بإنتظار  الأسماء    المرشحة   لهذا   المنصب .

خرج  المستشار السياسي   مسرعا   للقيام  بما  هو مطلوب  ،  في  حين  كانت  تبدو   على  الزعيم   سعادة  كبيرة   و  خاصة  ان  الكاذب الرسمي  سوف  يبدأ  عمله  قريبا .

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.