الرئيسية » تحرر الكلام » هل سيعلن “ترامب” الحرب على حركة النهضة الإسلامية؟

هل سيعلن “ترامب” الحرب على حركة النهضة الإسلامية؟

ترقب حذر واتصالات سرية تجريها حركات الإسلام السياسي في المنطقة مع الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة الجمهوري دونالد ترامب لثنيه عن تصنيف الإخوان المسلمين كجماعة إرهابية.

وعود ترامب الانتخابية التي بدأ في تطبيقها فور وصوله إلى البيت الأبيض، محدثا بذلك حالة من الهلع داخل بلاده وخارجها، وضعت الأحزاب الإسلامية في موقف صعب خاصة وأن الرئيس الأمريكي الجديد يختلف كثيرا عن سابقه باراك أوباما المعروف بمرونته في التعاطي مع ملف الإسلاميين غير الراديكاليين.

رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، الذي عبر في لقاء شبابي على قناة “بي بي سي عربي” في شهر ديسمبر الماضي، عن قلق حركته من صعود “المتعصبين” إلى الحكم وعلى رأسهم دونالد ترامب، يعلم تمام العلم أن الإدارة الأمريكية الجديدة لن يكون من السهل التعامل معها، بسبب إحاطتها بسور مبني من اليمينيين الأشد تطرفا في الولايات المتحدة.

الغنوشي المعروف بازدواجية الخطاب شأنه في ذلك شأن معظم سياسيي بلاده، خرج قبل أسبوعين بتصريحات جديدة، قال فيها إن “الإسلام دين معترف به في الولايات المتحدة الأمريكية ومن يشعر بالخطر إزاء سياسة الرئيس الامريكي دونالد ترامب هم الإرهابيون وليس المسلم الملتزم بدينه والداعي إلى السلم”، مناقضا بذلك تصريحاته السابقة.

الإسلاميون اليوم في موقف لا يحسدون عليه، فحتى بيانات التهنئة التي أصدروها مع الوصول اليميني المتطرف إلى الحكم لن تشفع لهم إذا لم يقدموا صكوك غفران أكثر لأمريكا الجديدة، كما أن مواقفهم المتذبذبة المراوحة بين الترحيب بوصول ترامب والتخوف منه، لن تزيدهم إلا احتقارا لدى الرئيس الجديد وبطانته.

لا يخفى على أحد أن المنطقة العربية مقسمة ومجزئة بين القوى الغربية، فتونس الواقعة تحت الهيمنة الفرنسية منذ نحو 140 عاما رغم نيلها للاستقلال، ليست في معزل عن الضغوطات الأمريكية، حتى أن الرئيس الباجي قائد السبسي كان قد صرح في أكثر من مناسبة أنه اتصل به “المسؤول الكبير” للتدخل في حل أزمة حزب نداء تونس.

هذا المسؤول الكبير الذي أكد مراقبون أنه وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، سبق وأن كشفت وثائق سرية نشرها موقع “نواة” عن تدخله السافر في الشأن الداخلي، ففي إحدى الوثائق التي تحصّل عليها الموقع المذكور، والتي تتعلّق بفحوى الحوار الذّي جمع كلاّ من الباجي قايد السبسي ووزير الخارجيّة الأمريكي خلال أعمال الدورة الثانية للحوار الاستراتيجي الأمريكي التونسي في 13 نوفمبر 2015، نقل كيري للسبسي الهواجس الأمريكيّة تجاه أزمة حزب نداء تونس، ناعتا الطرف المقابل بـ”الأوغاد” ممّا يترجم الموقف الأمريكي من طرفي النزاع ودعم الإدارة الأمريكية السابقة لشق السبسي وابنه في مقابل محسن مرزوق وأنصاره.

الوثيقة التي عرجت أيضا على مسألة الإصلاحات المنتظرة على الصعيد الاقتصادي وفق الرؤية الأمريكيّة وأداوتها المالية كصندوق النقد الدوليّ والبنك الدوليّ إضافة إلى تجديد موافقة الرئيس التونسي المبدئيّة على مشروع intelligence, surveillance et reconnaissance، هذا المشروع الذّي نشرت بعض تفاصيله الصفحة الرسميّة لحلف شمال الأطلسيّ والمتعلّق بتنسيق الجهود على صعيد الاستخبارات والمراقبة وتبادل المعلومات بين مختلف أعضاء الحلف، ومن ضمنها تونس التي تحصّلت على صفة ”الحليف الأساسي غير العضو بالناتو“، وفق ما نشره الموقع التونسي، كشفت عن اهتمام أمريكي كبير بتونس التي تحتل موقعا جغرافيا هاما، فهي بوابة إفريقيا وأوروبا في نفس الوقت، كما أنها التجربة شبه الديمقراطية الناجحة في منطقة ملتهبة مزقتها الصراعات بأنواعها.

إن حركة النهضة تبدو في موقف لا تحسد عليه اليوم، فلا هي نالت رضا شريحة واسعة من الشعب بينهم أنصارها، ولا هي أرضت القوى الغربية التي تتوق إلى أن يكون الحزب الإسلامي أكثر استجابة لمطالبها وشروطها وضغوطها، زد على ذلك فإن أقرب حلفائها يتساقطون الواحد تلو الآخر، فإخوان مصر إما في السجون وإما مهجّرون، وإخوان ليبيا في حرب ضروس مع المشير خليفة حفتر، كما أن الرئيس رجب طيب أردوغان في موقع دفاع اليوم على إثر فشل الإنقلاب العسكري.

لكن ورغم كل هذا، من المؤكد أن الرئيس الأمريكي الجديد الذي ناصب العداء للإخوان المسلمين الذين أعلنت النهضة براءتها منهم الصيف الماضي، سيكون تعامله أكثر مرونة مع إسلاميي تونس، لأنه لن يجد حزبا تونسيا قويا ومتماسكا قادرا على مطاوعته ومسايرته أكثر من النهضة، كما أن طبيعة الصراعات التي تعيشها المنطقة، لن تسمع لترامب بأن يكون عدوا لإسلاميي تونس الذين أعلنوا وقوفهم وتأييدهم لكل حملة دولية تقودها بلاده في حربها على الإرهاب.

من جهة أخرى، فإن علاقات حركة النهضة الأخطبوطية وخطوط إمدادها السياسية والدبلوماسية القوية مع دول المنطقة باستثناء الإمارات ومصر، لن تجعل منها فريسة سهلة يمكن لترامب أن ينقض عليها متى ما أراد ذلك، كما أن عدم وجود البديل التونسي المثالي الأكثر خدمة لمصالح الولايات المتحدة، سيكون أبرز عائق ليمينيي أمريكا وأوروبا لاغتيال حركة النهضة سياسيا.

المنطقة العربية مقبلة على تغيرات راديكالية، فالحج في غير أشهره المعلومة إلى البيت الأبيض واتصالات المجاملة بين قادة المنطقة ودونالد ترامب رغم قراره المخزي بمنع مواطني 7 دول إسلامية من دخول بلاد العم سام، لن يثني الرئيس الملياردير عن تنفيذ سياسات الدولة العميقة بحفظ مصالح الاحتلال الإسرائيلي ومواصلة تدمير الدول العربية الواحدة تلو الأخرى، كما أن الحرب الأمريكية الموجهة وغير المتوازنة على “الإرهاب السني” وتجاهل “الإرهاب الشيعي”، سيفجر الألغام التي زرعتها إدارة أوباما في وجه “دولة ترامب اليمينية المتحدة”.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.