الرئيسية » تقارير » 3 قوى يمكنها الوقوف أمام “مؤامرة ترمب ضد أمريكا”.. تعرف عليها

3 قوى يمكنها الوقوف أمام “مؤامرة ترمب ضد أمريكا”.. تعرف عليها

 

في يوم خطاب ترمب الافتتاحي، وبعد انتخابه رئيسًا للولايات المتحدة، قابلت فيليب روس، كم كانت تجربة سريالية أحلم بها منذ زمن بعيد، خصوصًا أن روث تطرق في روايته، التي ألفها في عام 2004 بعنوان “مؤامرة ضد أمريكا”، لوصف دقيق لكابوس مرعب استيقظت عليه الولايات المتحدة الأمريكية.. فهو كابوس مُرَوّع لا مفر للهروب منه.

 

قضى روث صباح ذلك اليوم في مشاهدة التليفزيون. فمثله مثل العديد من الشعب الأمريكي، شاهد فيليب العديد من المشاهد، التي عكست تصرفات الطفل الرضيع، كبير البنية المُتذمر، مُهينًا للمؤسسات الأمريكية، والشعب الأمريكي، والعالم كله.

 

وكما يعلم قراء كتاب “المؤامرة ضد أمريكا”، لدى روث شغف كبير بتجسيد رواياته في هيئة بطلة مهمة. وبذلك، تطرقنا إلى قضية ميلانا ترمب، سيدة أمريكا الجديدة، التي ظهرت بإطلالة هادئة صامتة، في أثناء احتفاليات الخطاب الافتتاحي لترمب. فهل تُعد إسقاطة بارزة وواضحة لها؟ هل نجحت في تشكيل صورة لها، كشخص على معرفة جيدة بالكوارث المرتقبة حدوثها في أمريكا والعالم؟ أم اقتصرت على تمثيل دور أجمل فتاة في الحفل؟

 

فالعالم يتجه اليوم إلى كتابة رواية جديدة، تخطو سطور الزمن. وبرؤية عميقة لكتاب فيليب، نجح في تحديد عناصر هذه المرحلة المضحكة والتراديجية بمهارة عالية. بينما تحدثنا في لقائنا عن قدرة العديد من القوى، في الوقوف أمام هذه الموجة المظلمة من العنف والوحشية، تحت حكم ترمب.

 

أولاً، لنتحدث عن سيادة الشعب، الذي أنهمر في شوارع كل مدينة كبيرة في البلاد، مدركين أنهم هم من انتصروا في النهاية، وليس ترمب، بفوزه في الانتخابات الرئاسية الأمريكية.

 

ثانيًا، يعلم بعض المنتمين إلى الحزب الجمهوري جيدًا، أن وصول ترمب “الديمقراطي السابق”، بتحول ميوليه إلى الجانب الشعبوي، إلى الرئاسة، ما هو إلا بسبب انتمائه الى حزب كبير في الماضي، مُعتبرًا إياها كنقطة انطلاق من أجل الوصول ٱلى السلطة، إلى جانب كونها خطوة في صراعه مع القوة دون هوادة، وحتى الموت.

 

أما بالنسبة للقوة الثالثة هنا، “سي أي إيه” ، التي اهتم ترمب بزيارة مقرها الرئيسي في اليوم التالي، من تنصيبه رئيسًا للولايات المتحدة، ماثلاً أمام الحائط التذكاري -الذي حُفِر عليه أسامي 117 ممن قتلوا أثناء أدائهم لعملهم- مُهنئًا لمؤيديه الذين حضروا إلى واشنطن، للاحتفال بوصوله الى البيت الأبيض.

 

وعلى الرغم من زيارته لمقر “سي أي إيه” لن ينسى المجتمع المخابراتي الأمريكي، حياد ترمب في قضية اختراق روسيا للتأثير على الانتخابات الأمريكية، لصالح ترمب نفسه.

 

وهنا سألت روث، إن كان يشعر بغرابة وقوع أكبر مؤسسة ديمقراطية في العالم في غياهب الضوابط والتوازنات المستبدة. الغريب في الأمر أنه جاوب على استفساري بالضحك الهستيري، ردًا على الحالة العامة المتمردة الجديدة، التي تجوب البلاد، فلا بد أن يتعامل معها الرئيس الأمريكي الجديد، مُتحملًا للمسؤولية كاملةً.

 

قد يعتقد البعض، أن ما حدث يشير الى احتمالية قصر مدة فترة رئاسة ترمب، وفقًا للبطل المذكور في كتاب “مؤامرة ضد أمريكا”. بالطبع، لا يمكن إجراء مقارنة حرفية بين كتاب روث وموقف أمريكا الحالي تمامًا. حيث تدور أحداث رواية روث في العام 1940، مصورًا لبطلها المُتعاطف مع النازية والمُعادي للسامية بشدة، تشارلز ليندبيرج، بفوزه على الرئيس المنتهي ولايته، فرانكلين روزفيلت. ومع ذلك، يعيد ترمب إلى أذهاننا خطابات موسيليني، خصوصًا بعد ما أعلن تضامنه مع أسوء الرموز الشعبوية، وعلاقاته الواضحة المؤيدة للفاشية، على الجانب الآخر من المحيط الأطلنطي, بدءًا بنيجل فاريج وفيكتور أوربان، مرورًا بمارين لوبان وفلاديمير بوتين.

 

ليس ذلك فقط، لكن شعاره المنصب حول “أمريكا أولاً”. فمن المدهش أن هذه الشعارات وأمثالها لم تُحرك الناس في أمريكا، بمختلف أطيافهم.

 

وبعد كل ذلك، لا بد أن يعلم كل من لديه معرفة ووعي سياسي وتاريخي، أن شعار “أمريكا أولاً” كان شعار الأمريكيين المتعاطفين مع النازية في العام 1940، حيث مثّل مِثل هذا الشعار، محاولة لاستجابة أمريكا لمقاومة هيتلر في ألمانيا. فاستخدم بدعاة الحرب من اليهود، ممن اتهم بتفضيل مصالحهم الشخصية، على حساب المصلحة القومية. ونتيجة لاستخدام ترمب لمثل هذا الشعار، تجرأ زعيم منظمة “كلو كلوكس كلان”، ديفيد دوك، مُعلنًا عن سعادتة أخيرًا بوصولهم إلى مبتغاهم.

 

ترمب على معرفة تامة بكل ما يحدث، وعندما وجهت إليه هذا الادعاءات، جاوب بأنه يهتم الآن بالمستقبل، ولن يتطرق إلى الماضي وأحداثه.

 

لكن لا بد أن نشير الى انحسار هذه اللعبة على فريقين بعينهم؛ العدمية وذاكرتها المنعدمة، ومن يعلم أن اللغة لها تاريخ لن يُنسى، وبالتالي لديها كيان. يعتقد الفريق الأول أنه من الممكن أن يُثير شخصًا ما -باللغة المستخدمة- شعار يتمحور حول تفوق ذوي البشرة البيضاء، مرارً وتكرارًا في خطاب واحد، دون أن ينطوي على أي نية خبيثة. والفريق الثاني على دراية بعلم الأنساب، وأنه لا يمكن إنكار وجودها، دون أن يصحبها انتقام الماضي.

 

يرفض العالم وجود ترمب، أكثر حليف ديماجوجي تافه يكره العالم. لكن لنضع هذا التحول العجيب المشئوم في الحسبان؛ حيث قام أكثر رئيس أمريكي غير محبوب في تاريخ أمريكا بزيارة بيت المقدس، ما خلق من خلاله علاقة متقاربة بينهما. فلا بد أن يحذر أصدقاء ترمب المتعاطفين معه من هذا الحليف الجديد، تمامًا مثل مواقفهم الحذرة مع أعدائهم. لا بد ألا ينسوا قدر إسرائيل المحفوف بالمخاطر، وهو أمرٌ ليس بهين، فلا يجب أن يكون وجهة ممثلة لسلطة ترمب وإدارته، أو عن خبراتهم في إبرام الصفقات.

 

أتمنى أن يتجنبوا قدر أبطال رواية روث، بإجبارهم على الاختيار بين مصيرين مُروعين؛ ما بين مصير الضحية “وينشيل”، ومصير ورغبة الرهين المحتجز “بينجيلزدورف”.

 

من المؤكد أن أمريكا لم تقرأ قسطًا جيدًا من كتابات فيليب روث؛ فهل ينتصر عالم فيليب الخيالي، أم عالم ترمب، هذا هو السؤال المهم.

 

المصدر: نيو ستاتيس مان + ترجمة وتحرير صحيفة التقرير

 

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.