الرئيسية » تقارير » قصة الإسرائيلية التي تجولت في الإمارات وعادت تروي هذه الحقائق

قصة الإسرائيلية التي تجولت في الإمارات وعادت تروي هذه الحقائق

نشر موقع (المصدر) الإسرائيلي الناطق بالعربية هذا التقرير المتعلق بنجاح مواطنة إسرائيلية بزيارة دولة الإمارات العربية المتحدة.

الموقع احتفظ باسم المواطنة وكيفية دخولها إلى الإمارات لكنه تحدث باستفاضة عن العلاقات الإماراتية الإسرائيلية وعن وجود إسرائيليين يعملون في الإمارات بالإضافة إلى زيارات وفود يهودية للإمارات باستمرار.

وهذا نص التقرير كما نشره موقع (المصدر) بدون تدخل محرر (وطن):

ليس الإسرائيلي العادي قادرا على الوصول إلى الإمارات العربية المتحدة تقريبا، ولا يعرف معلومات عن ميزاتها الاقتصادية، الحضارية، أو الاجتماعيّة.

ولو أجريَ استطلاع بين الإسرائيليين حول معلوماتهم عن الإمارات العربية المتحدة: كم إمارة تؤلف الإمارات العربية؟ ما هي أسماؤها؟ أو طُرح أي سؤال أولي آخر حول المجتمع في الإمارات، فمن المرجح أن معظم الإسرائيليين سيفشلون في الإجابة.

ما الذي يميّز معرفة الإسرائيليين القليلة حول الإمارات، التي أصبحت في العقدين الماضيَين، رائدة في اتباع سياسة إسلامية معتدلة ومجتمعا هو الأكثر تأثيرا وتأثّرا بالرأي العام العالميّ؟ بشكل أساسيّ، قضايا أمنية وقضايا رياضية مُحرجة وأحيانا بعض القضايا التجارية أيضا.

إسرائيل والإمارات العربية المتحدة: علاقات غير رسميّة

ليست هناك علاقات دبلوماسيّة رسمية بين الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل. في الوقت عينِه، هما ليستا دولتين عدوّتَين، ولكن تسود بينهما علاقات دبلوماسيّة غير رسمية، لا سيّما في المجال الاقتصادي. وفق وسائل إعلام أجنبية، تتضمن العلاقات بين الدولتين علاقات أمنية أيضًا.

في شهر تشرين الثاني 2015، أعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية عن فتح ممثلية إسرائيلية رسمية هي الأولى في مدينة أبو ظبي. الممثلية الإسرائيلية هي فرع للوكالة الدولية للطاقة المتجددة التابعة للأمم المتحدة، في دولة الإمارات الغنية. بالمناسبة، سُمح بافتتاحها بعد زيارة دوري غولد، مدير عامّ وزارة الخارجية سابقا والمقرّب من رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو. تطرقت حكومة الإمارات العربية المتحدة إلى هذه الحقيقة بتواضع، حتى إنها تطرقت إليها بتواضع بسبب الحساسية في العلاقات بينها وبين إسرائيل.

إلا أنه بين كل هذه الحقائق، تُسمع أحيانا قصص استثنائية عن إسرائيليين ينجحون في زيارة دولة الإمارات الغنية ويعودون متأثرين بشكل خاص، ومدريكن حقائق عن العالم الخفي عن العيون الإسرائيلية، ويكشفون أمام القارئ الإسرائيلي الفضولي أمورا لا يعرفها الكثيرون في إسرائيل، حول الغنى في دول الإمارات.

أجرت إحدى تلك الزيارات، باحثة إسرائيلية، الباحثة “م” (اسمها محفوظ في هيئة تحرير “المصدر”)، في الأشهر الأخيرة، إلى الإمارات كاشفة أمام طاقم هيئة تحرير “المصدر” قصصا استثنائية عن عالم كامل من العلاقات الاجتماعية المتينة، الحضارة، الثورات الاقتصادية، وتوازن معتدل بين التقدم والعولمة وبين حياة القبيلة والصحراء.

“بدأ الغروب في سماء الخليج العربي، ونثر الشفق ألوانا رائعة فوق الماء. وظهرت أبو ظبي في الأسفل، كسجادة من قطع مربّعة، مخططة تخطيطا رائعا، مغطاة بألوان المصابيح والأبراج الساطعة”، تقول م. وتتابع: “بدأتُ البحث حول الدولة قبل بضع سنوات، ومن ذلك الحين كنت أتمنى أن تأتي اللحظة التي أستطيع فيها التعرّف إلى هذه الدولة عن قرب. عندما بدأت الطائرة بالهبوط، بدأ يهبط قلبي معها، ولكن الهبوط جعلني أركّز على هدفي”.

تحدثت “م” متحمسة عن تجاربها وأهمية لقائها مع المحليين بشكل مباشر، الذين كانوا يبدون مختلفين عن سكان بلاد الشام، التي تعرفت إليهم في بحثها في موضوع الشرق الأوسط. “يشكّل سكان الإمارات المحليون نحو %16 من سكان الدولة. فهم ليسوا قلقين من المعطيات الديموغرافية. عندما أصريتُ على معرفة لماذا لا يعتقدون أن المعطيات الديموغرافية تشكل تهديدا، وهو اعتقاد طبيعي في نظر الإسرائيليين، أوضحت لي امرأة من الإمارات أن اللباس المميّز، العادات المحلية، والمشاعر الداخلية كافية في وجهة نظر سكان الإمارات المحليين للحفاظ على التقاليد والتضامن في المجتمع المحلي”.

كيف وصلتِ إلى الإمارات؟ هل استخدمتِ جواز سفر إسرائيليا؟ ما هي اللغة التي تحدثتِها مع السكان المحليين؟

“تحدثتُ باللغة الإنجليزية تحديدا. بسبب المعطيات الديموغرافية الخاصة في الدولة، التي تتضمن تشكيلة واسعة من القوميات، فالإنجليزية هي اللغة المشتركة بين الجميع. كان عليّ التحدث بالعربية أحيانا فقط”.

لا تعترف الإمارات العربية المتحدة بشكلٍ رسميّ بإسرائيل، لذلك لا يُسمح لحاملي جواز سفر إسرائيلي بالدخول إلى الدولة وفق القانون. لقد تم التشديد على التقييدات على دخول مواطنين إسرائيليين بعد اغتيال المبحوح في دبي، واتهام الاستخبارات الإسرائيلية بذلك. رغم ذلك، هناك يهود في الإمارات العربية المتحدة، حتى إن هناك إسرائيليين حاملي بطاقة هوية مزدوجة ويعيشون، يزورون، ويعملون في الدولة، مثل مواطني الدول الأخرى. إضافة إلى ذلك، هناك شركات إسرائيلية تدير مصالح تجارية في الدولة بشكل غير مباشر وبواسطة جهة ثالثة.

ماذا كان الهدف من زيارتك؟

“ليس هناك في إسرائيل أي باحث في الأكاديمية يركّز على هذه الدولة تقريبا. لقد بدأت قبل بضع سنوات بالبحث عنها، واكتشفتُ خصائص هامة ومميّزة جذبتني لتعلّم المزيد عنها. كان سفري إلى الإمارات دمجا من البحث المهني والفضول الشخصي”.

هل تجوّلتِ وحدك؟ هل شعرتِ بارتياح بصفتكِ امرأة في دولة إسلامية؟

“رافقني مرشد كل الوقت، ولكن تجوّلت وحدي أحيانا وشعرتُ بارتياح. تعاملتُ بحرص مع بعض الحالات المختلفة، وتساءلتُ ما هي الأماكن التي يمكن أن أزورها وحدي، وما اللباس الملائم فيها. فالتصرف يختلف جدّا بين مكان وآخر، ومن المهم معرفة هذه الحقيقة. لم أعرّف عن نفسي بصفتي إسرائيلية، ولذلك لم أخفْ من ردود الفعل”.

ما هي التجربة الأهم التي مررتِ بها في زيارتك؟

“التجربة الحضارية المختلفة، بشكل خصوصي. لقد ترعرت في مدينة إسرائيلية مختلطة (المدن المختلطة في إسرائيل هي مدن يعيش فيها اليهود والعرب معا)، تنزهتُ كثيرا في الأردن، وأعرف المدن العربية جيدا. لم يكن شيء مما عرفته شبيها بدولة الإمارات. المدن الساحلية مخططة ومنظمة مثل التخطيط المديني الغربي – ففيها طرق طويلة وواسعة، التصميم المعماري مميّز؛ ليس هناك أشخاص تقريبا في الشوارع بسبب حالة الطقس التي لا تسمح بذلك، ويتنقل السكان غالبًا من مكان مغلق إلى مكان آخر؛ وليس هناك اكتظاظ سكاني، سوى في شارع يؤدي إلى دبي في ساعات الصباح. ولكن الفروق ليست شكلية فحسب. شعرتُ أن سكان الإمارات يبدون هادئين، معتدلين، ومهذبين بشكل خاص. تذكّر تصرفاتهم في الحياة اليومية بالنبلاء. فربما يعود ذلك إلى مكانتهم المرموقة وتفاعلهم مع العمّال الأجانب. التقيت أشخاصا يحلمون أحلاما كبيرة ومتفائلين، لأن ظروف حياتهم تتيح لهم ذلك. لا شك أن هذه الظروف تطوّر مزاجا يختلف عن الجو المتوتر الذين نعيشه في بلاد الشام”.

تعدد الحضارات ومحاولات الحفاظ على التكتل الاجتماعي

تقول م: “رغم أن تأثيرات العولمة تظهر في كل مكان، حتى في المناطق الحدودية البعيدة عن المدن المركزية، فهناك قبول كامل تقريبًا لظاهرة تعدد الحضارات “. تشهد أشجار الشوح في المجمّعات التجارية الكبيرة في فترة عيد الميلاد على تعدد الحضارات، وكذلك ممارسة هواية الكريكت، التي أصبحت شعبية في أوساط المحليين أيضا، ومهرجان “القرية العالمية” الرائع، الذي يُجرى طيلة نحو شهر كامل ويهدف إلى تعزيز تشكيلة الحضارات في الدولة وفي العالم. ولكن يحظر علينا أن نخطئ: قوة ومكانة سكان الإمارات المحليين المرموقة، منصوص عليها في المنظومات السياسية، الاقتصادية والاجتماعية. يشكل نقص الانتخابات تسهيلا، بشكل ساخر، على الحديث حول الحقوق والتمثيل. تعلمتُ من السائق الباكستاني أن الأجانب يصلون إلى الدولة وهم يعرفون هذا الوضع الراهن الصعب، ولا يتوقعون المساواة في الحقوق”.

دُهشت “م” تحديدا من تخطيط المدن المميّز. “يعرض السفر على طول المدن الساحلية تخطيط المدن المميّز وإدارة البنى التحية الصحيحة. لافتات الطرق التي تُنظَّف من الغبار والرمال مرة كل يومين بالمعدل، مكتوبة باللغتين العربية والإنجليزية، وفي المناطق النائية أيضا. كرستُ في زيارتي وقتا للمناطق الهامشية خصوصًا، لمعرفة ما يحدث عندما نبتعد عن المناطق السياحية والمعروفة. حاولتُ التعرّف إلى الفوارق بين الإمارات المختلفة أيضا، حيث إن خطوطا حدودية ملتوية تفصل بينها وتتوزع إلى داخل مناطق دون تسلسل حدودي بينها. مررتُ بمناطق صحراوية، جبال، إلى ما لا نهاية من المناطق الحدودية، وشاهدت في كل منطقة أعمال البناء والتطوير. سافرنا كل الوقت في طرق مُدَلِلة ومُعبّدة جيدا، وهناك جدران إلى جانبها، تهدف وفق أقوال السكان المحليين إلى تقليص انزلاق الرمال إلى الشارع، ومنع إصابة الحيوانات البرية. ولكن تظهر الفروق كلما ابتعدنا عن المدن المركزية الواقعة على ساحل البحر. في المناطق البعيدة من إمارة دبي، ما زالت المدن متينة، مخططة، ونظيفة مثل المدينة العاصمة، وكأنها منفصلة عن الصحراء التي تحيط بها. إلا أن المناطق الواقعة في ضواحي بقية الإمارات، تجسّد مكانة اقتصادية متدنية أكثر وحضارة قبائل تم توطينها”.

ما الذي تعلّمتِه عن الإمارات ولم تتعلّميه أثناء البحوث التي أجريتِها؟

“تعلمت أن الفروق بين الإمارات لا يكتشفها الغرباء. فمن يسافر على طول الطريق ويمر بالإمارات السبع، لن يلاحظ الحدود الداخلية، ولكن المحليين يعرفون الحدود ولديهم علامات تعرّف المناطق السيادية المختلفة. عندما وصلتُ إلى الحدود الداخلية بين أم القيوين وبين الشارقة في المناطق البرية من الدولة، بحثتُ عن لافتة أو علامة أيا كانت تشير إلى الانتقال بين الإمارات، ولكن لم تكن كهذه. كانت الطريق التي تربط بينها خالية من المنازل في كلا جانبيها تقريبا، ولكن كان هناك شيء جذب انتباهي. كان ذلك بيتا فخما جدا فيه ساحة مساحتها عشرات الدونمات الفارغة المحاطة بالأسوار. فوقفت إلى جانب الطريق لأعرف من صاحب المنزل، الذي كان يبدو مثل قصر، واتضح لي أنه منزل أحد أولاد الأمير. فيبدو أن هذه كانت طريقة اتبعوها للإشارة إلى نهاية منطقة السيادة.

تعلمت من الملفات الأرشيفية أن القبائل اجتازت عملية تغيير في التفكير في الحدود المرنة إلى الحدود الثابتة ورغبتُ في رؤية كيف يتطرقون إلى هذه الحدود الآن. كان مثيرا للاهتمام رؤية أن هذه الحدود ما زالت مفتوحة، وأن معناها يختلف عن معناها في الحضارات الغربية. رغم ذلك، تذكّر الحدود الخارجية مع الدول الجارة بالحدود التي نحن معتادون على رؤيتها في إسرائيل.

وثمة نقطة أخرى فهمتها، وهي أن المناطق العامة لا تبقى دائمًا بين أيدي الجمهور. مثال على ذلك، هناك مناطق على ساحل البحر تغلقها شركات صناعة النفط أحيانا، أو المنازل المحلية. ومثال آخر هو أنني في إحدى المرات مررت عبر حاجز، وقال لي الحارس إن عليّ أن أعود من طريق أخرى. طلبتُ التحدّث هاتفيَّا مع المسؤول، فأجرى الحارس اتصالا مع أحد سكان الإمارات المحليين الذي قال لي إن لديه مشروع بناء في تتمة الطريق. لقد سمح لي بالمرور مع مرافقة، واكتشفت أن ذلك المواطن الإماراتي مبادر لبناء نفق خاص. فمن جهة، دهشتُ لرؤية كيف ينجح سكان الإمارات المحليون في السيطرة على الطريق العام وسدها من إجل إقامة مشاريع خاصة. ومن جهة أخرى، تعلمتُ عن الميزات الكبيرة التي تحظى بها المبادرات، التطوير، والبناء الظاهرة في الدولة. في الواقع، العملية المثيرة للاهتمام هي الانتقال من فكرة القبائل المتنقلة إلى فكرة ثابتة أكثر من التبعية الإقلمية القوية”.

ما الذي لا يعرفه الإسرائيليون عن الإمارات؟

“ينظر الإسرائيليون إلى دول الخليج على أنها دولة واحدة. ففي نظرهم، هذه دول غنية تستعبد العمال الأجانب. صحيح أن الدول غنية ولم أقضِ وقتا طويلا فيها للتعرّف كفايةً إلى ظاهرة العمّال الأجانب، ولكن هناك جوانب مثيرة للاهتمام في هذه الدول، والكثير من الفروق بينها، حيث إنه من الجهل تلخيصها على هذا النحو. زرتُ قطر وشاهدتُ هذه الفروق، من حيث الدين، التوجه نحو الغرب، والحياة اليومية. كل دولة وقصتها المميّزة. في الإمارات، لاحظتُ الاحترام المتبادَل بين المحليين والغرباء. رأيتُ الحفاظ على الرواية التاريخية المشتركة في عشرات المتاحف. ولكن قطر تختلف من هذه الناحية. فعندما زرتها عام 2008، لم يكن فيها أي متحف. ربما تغيّر الوضع الآن، ولكن من الصعب بناء قيم كهذه في وقت قصير. وأكثر من ذلك هو أن الإسرائيليين لا يعرفون أن الإمارات العربية المتحدة تُعتبر دولة برغماتية معتدلة، تطمح إلى رؤية نهاية النزاع، من أجل إرساء علاقات مع إسرائيل أيضا”.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.