الرئيسية » أرشيف - المجلة » تجربة شخصية: حلب عبر عيون من غادرها من اليهود

تجربة شخصية: حلب عبر عيون من غادرها من اليهود

تتبّعت كاتبة سورية من أصل يهودي جوانب من تاريخ وحكايات أجدادها اليهود في حلب عبر عيون من غادرها منهم في العقود الأخيرة، وروت الكاتبة “ستو شماع” أنها ولدت في المكسيك لأبوين يهوديين من سوريا ولا زالت تعتنق بكل إخلاصٍ إرثها الثقافي وعند دراستها في الجامعة الإسبانية سُعدت-كما تقول- بكثرة الكلمات الإسبانية الآتية من جذورٍ عربية، وفوجئت بأنّ الكثير من الكلمات التي يتم استعمالها في العربية اليوم، بعد أربعمائة سنة، مرتبطة باللغة الإسبانية.

 

وأن جدتها لم تتكلّم إلا العربية الأمر الذي أجبرها على تعلم اللغة العربية ما يكفي للتواصل معها، وروت الكاتبة أنها زارت سوريا عام 2006 مع مجموعة بريطانية صغيرة. وبدأت بدمشق، ثم تعرّفت إلى المناطق الأثرية شيئاً فشيئاً في الطريق حتّى حلب، مسقط رأس أجدادها تقول:”كان الأمر عاطفياً ومدهشاً في الوقت نفسه، أن أكون في البيئة التي كونتني فيزيائياً، كأن ضباب الماضي قد اجتاحني.

بقينا أربع ليالٍ في فندق بارون الشهير، والذي يعرف في مجتمعنا الصغير، بأنّه الفندق الذي يقضي فيه المتزوجون حديثاً ليلتهما الأولى. سمعتُ عنه كثيراً، كما أنه أحد الفنادق المفضّلة لدى قائد جولتنا، رئيس قسم الأنتيكا الشرق أوسطية في المتحف البريطاني”.

 

ووصفت شماع ما يُعرف بفندق المشاهير في حلب حيث بدت صورة للورانس العرب معلقة فوق السرير في كل غرفة منه، وأشارت الكاتبة إلى أن “التغير الهيكلي الوحيد الحاصل خلال أكثر من 75 عاماً في فندق بارون هو الحمامات المستحدثة”.

 

ومضت الكاتبة اليهودية واصفة تفاصيل رحلتها إلى حلب آنذاك برفقة دليل أرمنيّ خاص، وكانت الوجهة حيّ الجميلية السكني، حيث عاش “قومنا”-حسب تعبيرها- وخاب أملها لأن الكنيس المغلق لا يمكن فتحه-كما تقول- مضيفة أن” الأبنية القديمة الناجية، شبه خاليةٍ ومهدّمة، حدائد مزخرفة وجميلة تطوّق الشرفات التي تكاد تقع. ومضت الكاتبة مستذكرة كيف كانت النساء اليهوديات يقضين الساعات، يثرثرن أثناء الحياكة، والكروشيه، والتطريز، يراقبن الحياة الجارية في الشارع تحتهنّ”مشيرة إلى أن والدتها أخبرتها بأنها اعتادت وإخوتها سحب مراتب أسرّتهم إلى تلك الشرفات العالية في ليالي الصيف الحارّة، للنوم في الهواء الطلق.

 

وتمزج الكاتبة بين الحنين إلى الماضي وواقع الزيارة التي قامت بها مشيرة إلى أنها اعتادت بعد عودتها إلى المكسيك تذكر حلب  في كل حيث “رائحة المأكولات أشهى، الفواكه أطيب، عبير الأزهار أحلى، الهواء أكثر جفافاً، والناس طيبون ومضيافون” حتى المقاهي –كما تقول- تخلق جوّاً مناسباً للتسلية والعمل ،ورغم انها لم تعد تعرف أحداً  في سوريا فإن الزيارة المذكورة فاقت التوقعات تقول:”لا أستطيع شرح أسبابٍ منطقيّة لذلك، إلا أنّني أستطيع فقط أن أعبّر عن شعوري الجميل هناك، الشعور بالدفء، الراحة، الأمان، وببساطة أكثر الشعور بالسعادة، حتّى الطقس كان مناسباً، فلم أصب بالحساسية من الرطوبة كما كان يحدث معي في المكسيك وأمريكا”.

 

و”ستّو شمّاع” ولدت في المكسيك لأبوين يهوديين كانا قد هاجرا من حلب في أربعينيات القرن الماضي بحثاً عن عيش أفضل. ستّو لم تزر سوريا إلّا في العام 2006، ولكنها بالرغم من ذلك لا زالت تتكلم العربية مع عائلتها المنتشرة حول العالم مثلها مثل العديد من يهود المشرق. لا تكفّ عن ذكر حلب وما حلّ بها من دمار نتيجة الحرب الدائرة في سوريا اليوم.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.