الرئيسية » تحرر الكلام » هل أوشك العد على النهايه

هل أوشك العد على النهايه

بالأمس تجاوزت منتصف الأربعينات بعام ماذا يعني ذلك …. ؟ ستبدأ تهاجمني آلام المفاصل والديسك وآلام القولون وسترتفع نسبة الكوليسترول والدهنيات في جسدي ومن المحتمل أن أصاب بالسُكري وستتأثر نتيجة ذلك بعض الحواس من بصر وسمع وبعض الأجهزه الحيويه والمهمه في الجسم فتخذلك بأداء وظائفها فلا تحظى بفطور لذيذ وحمام دافئ صباح يوم الجمعه .

يقول عباس محمود العقاد إن في العمر جيلان جيل صاعد وآخر هابط فأما الصاعد فهو من الدقيقه الأولى للولاده لغاية سن الأربعين ففيه بناء الجسم وخلاياه وقوته فتكون خلايا البناء في الجسم أكبر من خلايا الهدم وفي سِن الأربعين تتساوى خلايا الهدم والبناء ليبداً الجيل الثاني وهو الهابط فتزيد خلايا الهدم على خلايا البناء فتتبخر المياه من جسمك تدريجياً ويقل إنتاجك ولكن بالمقابل تزيد خبرتك وحكمتك وتبقى تزداد منها .

في هذا العمرالذي وصلت إليه والذي ليس هو بالطويل ولا بالقصير لن أقنع نفسي أنني كبرت وأنني أخطو خطواتي نحو الكهوله فمازلت أملك قلب وروح الشباب وأرتدي الجينز وأنتعل حذاءً خفيفاً بلا جوارب ومازلت أسمع في سيارتي أغنية بحبك والله لأيمن زبيب وكل مره بشوفك فيها نفسي أقولك آه لتامر حسني وأنفعل معهما , سأقنع نفسي أيضاً أنني مازلت قادراً على الركض في الشوراع والتصفير لبائع الغاز والجلوس على جدار غير مرتفع وأمرجح رجلاي وسأنبهر بجمال إمرأه تمر أمامي ولكن لن أتحرش بها .

في العاده أقص شعري بواسطة الموس كل أسبوع لإخفاء الشيب وإخفاء زحف الصلع في مقدمة الرأس ولكن هذه المره تركته بدون قص مده أطول فشاهدت الشيب يتلألأ كرصيف نجوم متلألأه في سواد ليل حالك فهالني منظره فتوجهت إلى الحلاق مباشره وبدأ بقصه , يالله بياض الشعر أكثر من سواده ولكل شعره بيضاء ربما قصة ألم عايشتها مع أنني عشت حياتي مرتاح البال والحمد لله ولكن تلك هي الحياه وسُنتها فلا بد من وجود المنغصات وربما الشيب بريئ منها .

بعد قص شعري توجهت إلى أحد الكافيهات في شارع الثقافه في الشميساني وبدأت أمارس عادتي البغيضه التي أعشقها وهي تدخين الأرجيله مع هوايتي الجميله القراءه وصادف وجود فتاه تجلس أمامي ربما تتجاوز الثلاثين جميله جداً نظرت إلي ونظرت إليها إبتسمت لها ثم هي إبتسمت لي فشعرت بنشوه جميله تنتاب جسدي وروحي بأنني مازلت مرغوباً ومحط إعجاب النساء فتبادلنا حديثاً ودياً سألتني ماذا تقرأ ولمن ..؟ فقلت : جمهورية فرحات للأديب يوسف إدريس فَتجرأت بِدعوتها على مشروب ساخن فَرَدت بأدب ودلعٍ ناعم شكراً عمو فقلت لها بتذمر العفو عموووو وأتبعتها بِكلمات سريه عمى الدِبَبِه .

كلنا سيكبر ويتقدم به العمر ولكن لن أقبل على نفسي بعد سنوات أن أكون كقطعة ثياب قديمه لم تعد تتماشى مع الموضه موضوعه في شنطه أسفل سرير أو فوق خزانه ولن أرهق نفسي بالتجوال داخل المنزل لمراقبة لمبات الكهرباء وإطفائها والصراخ على إحدى بناتي وأحفادي مستقبلاً لماذا لم يقوموا بإطفائها ولن أرضى أن تكون مهمتى ووظيفتي هي الصراخ والتذمر وإنتقاد هذا الجيل أبداً حتى يمل مني من يعيش معي في المنزل ولن أكرر أحاديثي وبطولات الشباب وأنني كنت الاول دائماً في المدرسه والجامعه .

سأعيش شباب العمر وأتمتع به وأنسى عمر الشباب , سأضحك كثيراً وسأتعرض لنور الشمس يومياً وسأرقص برزانه وسأبني مملكة وقوره أعيش بداخلها مع مجموعة من الكتب وسيديات الأغاني المفرحه الجميله القديمه والحديثه ومتابعة كل جديد في التكنولوجيا وكذلك لن أقنع نفسي أنني ماعدت قادراً على الركوع والسجود ولا بد من الصلاة جالساً أو على كرسي وبالمقابل لن أصبغ شعري ولن أتوجه لصالات الحديد لتضخيم عضلاتي وإرتداء ما لا يناسبني بل سأكتفي بالمشي كرياضه وبحب الجميع كحياةٍ لي فالسنوات يجب أن تأخذ حقها منا جميعاً ولا يجب أن نكذب على أنفسنا فلا بد أن يصل العد إلى نهايته يوماً ما .

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.