الرئيسية » تحرر الكلام » فيتنام من حرائق النابالم إلى عمران النوافذ المفتوحة !

فيتنام من حرائق النابالم إلى عمران النوافذ المفتوحة !

وكل نثره وامضة من لهيب النابالم

هى قرص من النار الحارقة

انا الثلج الآلى الحارق

أسقط

حينما وجهنى البشر للسقوط

لكننى أفضل اللحم الحى

البالغ النعومة الشديد الكثافة

وأظل أفحمه وأفحمه حتى أبلغ العظام

1972

“دينيز ليفرتوف”

استراق السمع من فوق سماء جنوب شرقى آسيا

فيتنام جمهورية اشتراكيّة، وموقعها في الجهة الجنوبية الشرقيّة من قارة آسيا، وتقع على خليج تونكين وبحر الصين، فى أقصى شرق شبه جزيرة الهند الصينيّة، وتحدّها الصين من الشمال، وخليج تونكين من الشرق، ولاوس وتايلاند وكمبوديا من الغرب. ويبلغ عدد سكانها 95.2 مليون نسمة ، العرق السائد الفيت “الكينا” يمثلون 85.8 % اضافة الى 54 اقليات واللّغة السائدة والتي يتحدّث بها معظم الفيتناميين هي اللغة الفيتناميّة، بعد أن كانوا في البداية يستخدمون الأحرف الصينيّة، ومن ثمّ بدأ تطوير اللّغة الفيتناميّة في القرن الثالث عشر إلى أن استطاعوا التوصّل إلى اللغة الفيتناميّة المتداولة الآن.

يرجع تاريخ فيتنام إلى نحو 2700 عام ، قضت منها 2000 عام فى مقاومة الغزاة، منها 1000 عام تحت الاحتلال الصينى، و100 عام تحت الاحتلال الفرنسى، و10 أعوام تحت الاحتلال الأمريكى، و5 أعوام تحت الاحتلال اليابانى، وقامت فيتنام على مر تاريخها الطويل بهضم ثقافة الغزاة ثم لفظ بقاياهم، بينما ظلت فيتنام محافظة على ثقافتها دون أن تسيطر عليها ثقافة دخيلة سواء من الجار العظيم “الصين” أو الشريك المتعاظم “الولايات المتحدة”

ما بعد الحرب العالمية الثانية (1936 – 1945 ) عانت فيتنام تبعات الاحتلال الفرنسى (1859- 1941) واليابانى (1941- 1945) وفى عام 1954 عقد أجتماع جنيف والذى ضم ممثلى جمهورية فيتنام الديمقراطية (الشمالية) ودولة فيتنام (الجنوبية) وكمبوديا ولاوس والصين وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة والاتحاد السوفيتى وتقرر تكريس تقسيم فيتنام وذلك على خلفية الحرب الباردة ما بين الغرب والشرق بقيادة القطبين الغريمين: الولايات المتحدة الرأسمالية والاتحاد السوفياتى الشيوعى مما أدى إلى تقسيم كل من ألمانيا وكوريا وفيتنام وفلسطين .

وتتدافعت الأحداث فى صراع مابين فيتنام الشمالية الشيوعية وعاصمتها هانوى والمدعومة من الاتحاد السوفيتى والصين وفيتنام الجنوبية المناهضة للشيوعية وعاصمتها سايجون والمدعومة من الولايات المتحدة والغرب، وتزايد الدعم الامريكى لحكومة سايجون وبلغ أقصاه بتدخل عسكرى سافر فى ما أطلق عليه “حرب فيتنام” والتى أستمرت قرابة عشرة أعوام (1965 – 1973) متمثلا فى صراع بين الشطرين والذى انتهى بهجوم كاسح من ثوار الشمال على قوات الجنوب وتوج النصر بدخول سايجون يوم 30 إبريل 1975.

تجاوزت فاتورة الحرب التى تكبدتها الولايات المتحدة 150 مليار دولار، دفعت فيها بقوات عسكرية قوامها 550 الف جندى أمريكى، والقت الطائرات الأمريكية على فيتنام 21 مليون قنبلة، و أطلقت 14 مليون طن قذيفة، ونشرت100 الف طن من النابالم الحارق، وأسقطت 11 مليون جالون من المبيد الحشرى القاتل “العامل البرتقالى” الذى قضى تمامًا على ثلث غابات فيتنام ونتج عنه دمار بيئى هائل ممتد المفعول.

وبلغت خسائر الولايات المتحدة فى الارواح 58 الف جندى، بينما كانت خسائر فيتنام فادحة للغاية مجتمعيا وأقتصاديا، بشرياً ومادياً؛ فقدت فيها 4 ملايين قتيل وجريح وبينهم 1.3 مليون مدنى، وتم تهجير نصف عدد السكان أى 12 مليون مواطن لاجئ، وخرجت فيتنام من الحرب مدمرة ؛ فقد دمرت بنيتها التحتية ومصانعها وحرقت زراعاتها وغاباتها، وتباين الدمار ما بين الشمال والجنوب، وكان الدمار كبيراً فى الجنوب، مما أدى إلى فرار الملايين من جحيم القصف ليصبحوا لاجئين ومتزاحمين فى المدن دون مأوى أو عمل وأضطر بعضهم للعمل فى خدمة الجيش الأمريكى بينما لجأت نحو نصف مليون أمرأة للعمل عاهرات.

وبعدما  كانت فيتنام مصدرا تقليديا للأرز والمطاط، فأنها تراجعت خلال فترة الحرب، وصار الجنوب مستوردًا للأرز، بينما أنخفضت صادراته من المطاط إلى الثلث، ولم تعد تغطى حصيلة الصادرات إلا 3% من تكاليف الورادت، وتدهور الانتاج الصناعى حيث لم يعد هناك سوى أربع شركات فرنسية لانتاج السجائر والخمور تنتج 43 % من إجمالي الإنتاج الصناعي لفيتنام الجنوبية! بينما شهد الشمال تدميراً لكن أقل مما تعرض له الجنوب، وذلك بفضل المخابئ وبرامج الاخلاء إلا أن النشاط الاقتصادى والصناعى والزراعى فى الشمال – تقريبا- أصيب بالشلل، وأصبح الاعتماد فى الغذاء على وارادات الأرز من الصين.

وفى هذه الظروف،أتجهت فيتنام نحو تحقيق الأكتفاء الذاتى فى أنتاج الغذاء، وتقرر تحقيق ذلك خلال عشر سنوات 1971- 1980، وتقليل الاعتماد على المعونات الاجنبية، والعمل على جذب الاستثمارات، وفى سبيل ذلك أبدت فيتنام ترحيبا بأستقبال رأس المال الغربى دون شروط، وأنضمت إلى صندوق النقد الدولى والبنك الدولى وبنك التنمية الآسيوى فى أواخر 1975، لكن صندوق النقد والبنك الدولى رفض تقديم أية معونات لفيتنام بسبب الفيتو الأمريكى، ولم تتلق فيتنام دعما الا قرضا من الاتحاد السوفيتي عام 1975.

اتجهت الدولة لتنمية الجنوب على غرار النمط الشيوعى فى الشمال، وذلك بأحكام سيطرة الدولة على الاقتصاد و إنشاء “المناطق الاقتصادية الجديدة”، ونقل حوالى 750 ألف مواطن إلى المناطق التنمية الجديدة فى ظل ظروف قاسية للغاية، وفرض نظام المزارع الجماعية والتوريد الإجبارى لمحاصيل الحبوب، لكن كل ذلك لم يسفر الا عن فشل عظيم تمثل فى نقص حاد وخطير فى المحاصيل الزراعية. 

وحاول النظام الشيوعى آنذاك فى علاج تلك النتائج السلبية، لكن ما زاد الطين بلة، ان النظام أتبع سياسة اختلاق العداء وتحميل الاخر اسباب الفشل، فقام النظام الحاكم خلال عامى 1978 و1979 بالقاء اللوم على الاقلية الصينية باعتبارهم دولة داخل الدولة – وواتحذ ضدهم اجراءات تعسفية تراوحت بين مصادرة وتأميم 30 ألف شركة صينية واغلاق جرائدهم ومدارسهم وجمعياتهم الى حد اجبارهم ترهيبا على التجنس بالجنسية الفيتنامية.

بحلول عام 1980 بدى الفشل واقعا جليا، زراعة دون حاصلات، ومصانع دون تروس مما أضطر معه كثير من فيتنامى الجنوب ومن ذوى الاصول الصينية إلى النزوح  بوساطة زوارق صغيرة محفوفة بالمخاطر، عبر بحر الصين الجنوبي. وأُطلق اسم سكان القوارب على هؤلاء اللاجئين النازحين إلى بعض دول جنوب شرقي آسيا؛ ومنها للدول التي منحتهم حق اللجوء السياسى مثل إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

ومما فاقم من سوء الأوضاع هو اشتعال الحروب مع “الشقيقتين الاشتراكيتين كمبوديا والصين” ففى عام 1978 أجتاحت فيتنام دولة كمبوديا ولم تنسحب منها إلا فى سبتمبر عام 1989، ولم يكن الاتحاد السوفيتى والصين بعيدتان عن الصراع، بالأمس كان كلاهما يدعم فيتنام الا أن أضطهاد الصينين فى فيتنام ثم قيامها بغزو كمبوديا كان بمثابة أيذانا بوقف الصين كل مساعداتها وقيامها عام 1979 بحملة تأديب بغزو فيتنام فى حرب لم تستمر طويلا لكنها أدت الى خسائر فادحة وراح ضحيتها 60 الف قتيل من الجانبين. وهكذا أصبحت منطقة الهند الصينية مدعاة لسخرية الغرب على خلفية حروب الرفاق، وبينما ظل الاتحاد السوفيتى داعما لفيتنام فقد ولت الصين ظهرها لفيتنام واتجهت نحو دعم كمبوديا !

واصبحت فيتنام بين فكى كماشة، محاولات تنمية لم يكتب لها النجاح هذا من ناحية ، وعزلة دولية وحروب طاحنة من ناحية أخرى، وفى عام 1986بدأت فيتنام مسارا جديدا، وفتحت نوافذها بتبنى سياسة التجديد فى الداخل والانفتاح على العالم فى الخارج، وأنتهجت سياسة التجديد “Doi Moi” فى برنامج إصلاح اقتصادى وهيكلى بما يبيح بعض أشكال الملكية الفردية ويفعل قوى المنافسة والتحرر الاقتصادى، واتجهت فيتنام نحو انشاء صناعات تنافسية وتصديرية، وفى عام 1989 تحسنت العلاقات مع الصين عقب الانسحاب من كمبوديا، وفى عام 1994رفعت الولايات المتحدة الحظر التجارى الذى كانت قد فرضته على فيتنام لأكثر من ثلاثين عامًا،  وفي عام 1995 انضمت فيتنام إلى عضوية (الآسيان) رابطة دول جنوب شرق آسيا والتى تضم فى عضويتها كل من إندونسيا، ماليزيا، الفلبين، سنغافورة، تايلاند، بروناى، لاوس، بورما، كمبوديا

كما ادت التغيرات العالمية بسقوط حائط برلين عام 1989 وبوادر تفكك الاتحاد السوفيتى عام 1991، الى التعجيل بانفتاح فيتنام على العالم ومبادرة سياسة التجديد الاقتصادى التى ادت الى تحقيق نتائج مبهرة ، وفى خلال الفترة (1991-  1998) بلغ معدل النمو الاقتصادي 8 % سنويا، وفى عام 1999 تراجع النمو الى 4.5 % جراء الأزمة الاقتصادية التى عصفت بمنطقة جنوب شرق أسيا، وجاء عام 2000 ليشهد معدل نمو 6.7% خلال الأشهر التسعة الأولى. وبحلول سبتمبر 2000 بلغ حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة 36 مليار دولار فى 2500 مشروعاً، هذا بينما أنخفض التضخم من 67.1 ٪ عام 1991 إلى 6 % عام 2000 ثم 0.9 % عام 2015 وحدث تحسن فى مستوى المعيشة لغالبية السكان، وتحسن فى تصنيف جاذبية الدولة للأستثمار، وبأتجاه فيتنام نحو التصنيع ؛ أنخفضت نسبة مساهمة الزراعة فى الاقتصاد القومى من حوالى 25٪ عام 2000 إلى 18٪ عام 2014، بينما أرتفعت نسبة مساهمة الصناعة من 36٪ إلى 38٪ في نفس الفترة.

وخلال الخمس سنوات (2009-  2014 ) زادت صادرات فيتنام بمعدل 21.1% سنويا حيث كانت 63.5 مليار دولار عام 2009 لتصبح 165 مليار دولار عام 2014 وأهم صادراتها المعدات والاجهزة الالكترونية والحواسيب وأهم الدول المستوردة : الولايات المتحدة والصين واليابان وكوريا الجنوبية واليابان وسنغافورة ، بينما بلغ حجم الواردات 151 مليار دولار بما يجعلها 31 وخلال نفس الفترة زادت الواردات من 17.1 الى 151 مليار دولار الصين وكوريا الجنوبية واليابان وتايوان وتايلاند وسنغافورة

اليوم يبلغ عدد العاملين نحو 55 مليون نسمة فى الترتيب 12 عالميا ، والبطالة 3.5 % فى الترتيب 30، ومن يعيش تحت خط الفقر حوالى 11% ، وجاء فى مجلة فوربس الامريكية 7 سبتمبر 2016 “فيتنام تستعد لتكون النمر الأقتصادى الآسيوى القادم” معظم مواطنى فيتنام من الشباب بمتوسط أعمار 30.7 عاماً ويتمتعون بمهارات حرفية وتنفق فيتنام على التعليم 6.3 % من اجمالى الدخل القومى بما هو اعلى من متوسط ما تنفقه معظم الدول منخفضة ومتوسطة الدخل.

ويحتل اقتصاد فيتنام عام 2014 الترتيب 36 بين دول العالم بحوالى 552.3 مليار دولار من حيث القوة الشرائية وبما يناظر حجم الانتاج الاجمالى 191.5 مليار دولار، ومن حيث الصادرات والواردات؛ حققت فيتنام عام 2015 فائض فى الميزان التجارى يقدر بحوالى 13.7 مليار دولار، حيث بلغت الصادارات 165 مليار دولار ليضعها فى الترتيب 28 بين دول العالم بينما الواردات 151 مليار دولار بما يجعلها أيضا فى الترتيب 28 بين دول العالم.

ما تحققه فيتنام وهى تملك معطيات تشابه كثير من الدول لكن من اقربها مصر فعدد سكان مصر 94 مليون نسمة بينما فيتنام حوالى 95 مليون نسمة ، وتملك مصر مساحة تزيد عن ثلاثة أضعاف مساحة فيتنام، وبينما صادرات فيتنام 162 مليار دولار فان صادرات مصر لاتتجاوز 20 مليار دولار والميزان التجارى فائض فى فيتنام بنحو 14 مليار دولار بينما فى مصر عاجز 38 مليار دولار ويصب الميزان التجاري بين مصر وفيتنام في صالح فيتنام بشكل كبير حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين بنهاية عام 2013 حوالي 230 مليون دولار منها 8,7 مليون دولار فقط قيمة الصادرات المصرية وهو ما يخلف عجزاً كبيراً في الميزان التجاري بين الدولتين.

وحسب تقرير برايس ووتر هاوس كوبيرز PWC – PricewaterhouseCoopers” “العالم فى عام 2050″ وهو التقرير الذى يغطى 32 دولة من أكبر دول العالم أقتصادا، والذين يمثلون 84% من الاقتصاد العالمى : ” قد يصل متوسط النمو السنوى للناتج المحلى الإجمالى  في فيتنام خلال الفترة (2014-2050 ) إلى 5.3% بينما يتوقع أنخفاضه فى الصين إلى أقل من 4% سنوياً. وأحد أهم محفزات النمو فى فيتنام هو التركيبة الديموغرافية فحسب بيانات الأمم المتحدة فأن حوالى 13% من سكان الصين فى عام 2012 بلغت أعمارهم الـ 60 عاماً مقارنة مع نسبة 9% فى فيتنام الأكثر شباباً وفى عام 2013 بينما 40 % من عدد سكان فيتنام فى أعمار تتراوح ما بين 15 إلى 49 سنة. وتظهر تقديرات منظمة العمل الدولية عن عام 2013 يبلغ متوسط الراتب الشهرى فى فيتنام 197دولار، مقارنة مع 391 دولار فى تايلاند و613 دولار فى الصين. وهذه الفجوة آخذة في الاتساع. ويتوقع  أنه فى عام 2019 سوف تكون تكلفة ساعة العمل فى الصين 177% من ساعة العمل في فيتنام مقارنة مع 147% في عام 2012. “

وتشير برايس ووتر هاوس كوبيرز PWC : “أن إمكانيات فيتنام تسمح لها بأن تصبح إحدى أسرع الاقتصادات نموا فى العالم بحلول عام 2050. ولدى فيتنام الفرصة لكى تصبح المصنع الأكثر رخصاً من الصين، بل هى الأكثر قبولاً سياسياً من حيث الاستثمارات اليابانية فى سياق التوترات الجارية بين الصين واليابان، بل حققت فيتنام فى عام 2014 تفوقاً على جيرانها من دول رابطة جنوب شرق اسيا (الآسيان) من حيث صادراتها من النفط إلى الولايات المتحدة.

وقد أصبحت كثير من الشركات العالمية تفضل الانتقال من الصين إلى فيتنام، كما بادرت بعض الشركات العالمية فى توسعة نشاطها فى فيتنام وبينها شركة سامسونج التى تتوسع فى نشاطها فى فيتنام لدرجة أنها قد أصبح لها محطتها الخاصة فى مطار هانوى الدولى ، كما قامت الشركة اليابانية للطابعات Kyocera Document Solutions Inc  بالاعلان عن نيتها فى التوسع وزيادة حجم منتجاتها فى فيتنام بنسبة 400% ليصل الى 2 مليون وحدة فى عام 2018، مع نقل جزء من الانتاج الصينى إلى فيتنام لتكون أكبر منتج لطابعات  Kyocera

وتمثل السياحة دورا متزايد الأهمية في التنمية الفيتنامية، إذ ساهمت بأكثر من 16 مليار دولار عام 2015 أى حوالى 9.3 % من الناتج المحلي الإجمالي، وبينما فى عام 2008 استقبلت فيتنام 4.2 مليون سائح  فانها استقبلت فى عام 2015 عدد 7.8 مليون سائح ، ووفقا لمجلس السياحة والسفر العالمي (WTTC)تستهدف فيتنام بحلول عام 2050 جذب 55 مليون سائح محلي وأجنبي سنويا ، وتخطط لإقامة مجموعة من المشروعات لخدمة قطاعى السياحة والنقل على مدى السنوات الـ 15 المقبلة، تشمل انشاء 7 مناطق سياحية جديدة ومشروعات نقل وطرق برية وبحرية وسكك حديدية مع الصين، كما عقدت اتفاقيات سياحية ثنائية واقليمية لتطوير البنية التحتية والطرق مع لاوس وكمبوديا وميانمار، وذلك بما يزيد السعة الفندقية خلال 3 سنوات بمعدل نمو 8% فى سايجون وهانوى عام 2018 وبما تتوقع معه WTTC معدل نمو بمعدل 6.2 % سنويا و 2% توظيفا خلال 10 سنوات. وتشجيعا للسياحة؛ قامت العام الماضى بالاعفاء من تأشيرة الدخول للقادمين من 22 دولة اوربية واسيوية من بينها بريطانيا وفرنسا والمانيا و روسيا ودول (الآسيان)

وفى 6 أغسطس 2016، فى مقالة بالايكونومست البريطانية تحت عنوان ” نجاح فيتنام يؤهلها لتكون نمر آسيوى آخر” جاء فيه قفز حجم الاستثمارات الاجنبية فى فيتنام الى 11.3 مليار دولار خلال النصف الاول من عام 2016 بمعدل نمو 105 % مقارنة بنفس الفترة من عام 2015 وذلك رغم حالة الانكماش التى يمر بها العالم، كما وقعت فيتنام على اتفاقيات تجارية كبرى بما يفسر كم أصبحت فيتنام دولة جاذبة للأستثمار وليدل على أن هناك تغيرات جارية أكثر عمقا، ومنذ عام 1990، تحقق فيتنام نموا اقتصاديا بمعدل 7% سنويا ولم يسبقها فى ذلك الا الصين، مما حول فيتنام من اكثر دول العالم فقرا الى دولة متوسطة الدخل واذا استمرت فيتنام على نفس المعدل من النمو لعشر سنوات قادمة سوف تماثل الصين والنمور الاسيوية الاخرى، أما إذا تراجع معدل النمو الى 4% فانها ستنضم الى تايلاند والبرازيل. وهى رابع دولة فى العالم فى تحويل الثروة الى رفاهية بمعدل نمو 7.1 % (2006 – 2013) على غرار اليابان والمانيا واستراليا

ومما يزيد من فرص التنمية فى فيتنام كونها الدولة الوحيدة القريبة والمرتبطة بريا وبحريا بقلب الصناعة فى جنوب الصين، وما يعطى الفرصة لذلك هو ارتفاع الاجور فى الصين مما يجعل فيتنام مقصدا بديلا للشركات للأنتقال اليها حيث تكاليف الانتاج أقل تكلفة. أضافة الى ذلك، قامت فيتنام بعقد أتفاقيات شراكة تجارية عبر الباسفيك مع 12 دولة بينها الولايات المتحدة واليابان، كما عقدت اتفاقيات مع الاتحاد الاوربى وآخر مع كوريا الجنوبية.

حسبما مجلة فوربس الأمريكية 25 يوليو 2016 تحت عنوان “فيتنام خامس أكثر الدول سعادة فى العالم”: “صنفت فيتنام خامس أكثر الدول سعادة فى العالم حسبما مركز الأبحاث البريطانى ” المؤسسة الاقتصادية الجديدة” وذلك طبقا لتقرير مؤشر السعادة فى العالم الذى ضم 140 دولة بمعايير كل من متوسط العمر المتوقع، ومستوى الرفاهية، وعدم التمييز، والبصمة البيئية، جاءت فى المقدمة كل من كوستا ريكا والمكسيك وكولومبيا ثم فيتنام لتكون هى اكثر الدول سعادة فى آسيا بمتوسط اعمار 75.5 عاماً بينما الولايات المتحدة 78.8 عاماً والتى جاءت فى المركز 108 .

ويعتمد قياس مستوى الرفاهية على مدى رضا الناس عن جودة معيشتهم، بينما يمثل معيار التمايز فى مدى عدالة التوزيع العوائد الاقتصادية والاجتماعية وقد سجلت فيتنام نقاطا أفضل من كوستاريكا وساهم فى ذلك قوة الخدمات العامة مثل التعليم والالتحاق بالمدارس الذى سجل 98% بما يمثل أفضل نتائج بين دول العالم. كما حققت فيتنام نتائج متميزة فى مكافحة الفقر؛ ففى التسعينيات كان أكثر من نصف عدد السكان يعيشون تحت خط الفقر بينما اصبح اليوم رقما يدور حول 10%، كما أستخدم معيار الاستهلاك دالا بقياس مساحة الارض اللازمة لانتاج موارد كافية لكل فرد، وسجلت فيتنام 1.7 هكتار لكل فرد مما يجعلها من بين احد الدول القليلة فى العالم التى ذات بصمة بيئية مستدامة

لكن رغم ما حققته فيتنام من أنجازات ونجاحات فمازال الفساد يمثل احد اهم عقبات التنمية فطبقا لتقرير منظمة الشفافية الدولية عن عام 2015 تأتى فيتنام فى الترتيب 117 بين 175 من دول العالم، ورغم الترتيب المتدنى للشفافية والدال على استشراء الفساد من ثم يصبح رائعا أن تحقق فيتنام الترتيب الأول بين أكثر الدول نموا فى العالم والترتيب الأول فى آسيا والخامس بين دول العالم من حيث أكثر الدول سعادة فى العالم!

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.