الرئيسية » تحرر الكلام » من جديد.. مفخخات حركة التغيير على طاولة الاحزاب الكوردستانية

من جديد.. مفخخات حركة التغيير على طاولة الاحزاب الكوردستانية

بعد ان اكمل السيد مسعود البارزاني مهمته التاريخية في الانتصار على تنظيم داعش وابعاد خطره عن كوردستان التفت ودونما تاخير الى الجهاد الاكبر في اعادة ترتيب البيت الداخلي الكوردستاني وحل مشاكله , ايمانا منه باهمية المرحلة الراهنة وضرورة الاستعداد لها لاستثمار كل متغيراتها بالشكل الذي يصب في صالح الشعب الكوردي . فدعى الى اجتماع الاحزاب الكوردستانية للتباحث حول ازمة رئاسة اقليم كوردستان , متساميا على صغائر الامور مبديا استعداده للتنازل عن منصبه وافساح المجال امام الاحزاب  لترشيح من يرونه مناسبا لهذا المنصب . الا ان هذه الدعوة ما لبثت ان اصطدمت بمفخخة سياسية جديدة نصبتها حركة التغيير على طريق هذه الدعوة وضعت العصا داخل العجلة , مجهضة بذلك  فرحة الشارع الكوردي في امكانية انفراج  الازمة السياسية التي يعاني منها الاقليم طوال اكثر من سنتين .

فقد طرح  بعض اعضاء حركة التغييرعلى الاعلام مقترحا اطلقوا عليه اسم  مشروع ينص على الغاء منصب رئاسة الاقليم وتوزيع صلاحياته بين رئاستي الوزراء والبرلمان , والتاكيد على ان هذا المقترح سيحل كل المشاكل السياسية التي يعاني منها الاقليم .

فهل ان هذا المقترح كفيل بحل الازمة السياسية في كوردستان ام انه سيزيدها تعقيدا, وهل ان ما يقف وراء هذا المقترح هو الخوف على  مصلحة اقليم كوردستان ؟ سنحاول توضيح هذا التساؤول من خلال النقاط المدرجة ادناه : –

يبدو ان حركة التغيير تستحقر مؤيديها بشكل خاص والشارع الكوردي بشكل عام عندما تطرح هكذا مقترح على اجتماع لاحزاب كوردستانية وتتجاوز راي الشعب الكوردي . فالحركة تتوجه الى مؤيديها فقط عندما تريد تسخيرهم لاجنداتها الخاصة في ااثارة الفوضى والاستقرار في مدن الاقليم وكانهم بيادق شطرنج  , اما في هكذا موضوع سيادي من صميم خيارات وقرارات الشعب فلا تعير لرايهم اهتماما ولا احتراما  . وهذه ليست المرة الاولى  التي تتعامل حركة التغيير بهذا الاستخفاف مع شارعها ومع الشعب الكوردي , فقد اهملت سابقا راي الشارع الكوردي في انتخاب رئيس الاقليم واصرت على انتخابه داخل البرلمان .

ان مقترح الغاء اي منصب سيادي او اقراره  يعتبر اخلالا بكل التفاهمات التي اتفقت عليها الاحزاب الكوردستانية لادارة الاقليم  ورجوعا الى نقطة الصفر . مما يفسح المجال امام بقية الاحزاب في ان تكون في حل من كل التزاماتها السابقة وتعيد النظر في كل القرارات التي بنت عليها , ما يهدد بهزات سياسية قد تطيح بالاستقرار السياسي الذي يتمتع به الاقليم . وهذا يشير الى امرين … اما ان تكون حركه التغيير تفتقر للدراية السياسية الكافية وانها لم تزل تعاني من المراهقة السياسية التي لا تعي معها ما تقوم بها من خطوات , او انها تعي جيدا ما تفعله و تتقصد تدمير كوردستان سياسيا بوضع الاقليم في مهب الريح , وهذه خيانة واضحة لا اتصور ان الكثير من اعضاء الحركة يقبلون بها.

لا ندري هل ان توزيع الادوار وتوقيت المواقف والتصريحات بين حركة التغيير وبعض الاطراف العراقية والايرانية هو امر عفوي ام متقصد , فقبل فترة اطلقت جهات ايرانية تهديدات مباشرة للاقليم اعلقبتها تصريحات نارية من اعضاء في دولة القانون التابعة للمالكي ترافقت مع محاولة فاشلة من حركة التغيير لاستغلال المظاهرات السلمية لبعض موظفي السليمانية واطلاق تهديدات بفصل السليمانية عن الاقليم , وها هي الان تطرح هذا المقترح , مما يجعل الكثيرين من الكورد يشكون في اساس تشكيل هذه الحركة والدور المناط لها في كوردستان .

المفارقة ان هناك اعجاب غير مسبوق من اعضاء في حركة التغيير بالنظام البرلماني وتاكيد منقطع النضير على انه النظام الذي سينقذ كوردستان من ازمته السياسية , ويستدلون على نجاحه  بما هو موجود في العراق من نظام برلماني …..

والمنطق يقول بان تجربة العراق في النظام البرلماني هو خير دافع ودليل على فشل هذا النوع من انظمة الحكم , وبالتالي يجعلنا نبتعد عن مجرد التفكير باستنساخه في كوردستان لا العكس . فنظام الحكم في العراق هو السبب الرئيس للخراب والدمار والتشتت والفساد وكل ما في قواميس اللغة السياسية من كلمات احباط وفشل , ولو كان النظام في العراق رئاسيا على غرار ما موجود في اقليم كوردستان لما شهدنا ربع المشاكل التي يشهدها العراق اليوم . ويبدو ان اصرارهم على تطبيق تجربة الحكم العراقية في كوردستان هي محاولة لنقل ذات الفوضى العراقية الى كوردستان , وفتح المجال امام نفس الجهات الاقليمية التي تتدخل بالشان العراقي في ان تجد لها منافذ للتدخل بالشان الكوردستاني  .

ان فتح هذا الباب في هذه المرحلة يشير الى ان حركة التغيير ترغب باطالة امد الازمة السياسية التي يعاني منه الاقليم لاكثر من سنتين لفترة اطول . فاذا كانت جولات المباحثات التي اجرتها الاحزاب الكوردستانية قبل اكثر من عام قد احتاجت الى اكثر من عشر اجتماعات واشهر ولم يتوصلوا فيها الى نتائج ملموسة واستمرت الازمة السياسية لغاية الان , فكم من الشهور و السنوات سنحتاج اذا ما نجحت حركة التغيير في ادخال الوضع الى نفق الغاء منصب رئيس الاقليم وتوزيع صلاحياته ؟

ان الاحزاب الكوردستانية مطالبة اليوم بوقفة جادة بوجه حركة التغيير في محاولاتها اثارة الفوضى داخل اقليم كوردستان في استغلالها بعض القضايا الملحة والعادلة للشعب الكوردي والمزايدة على الاحزاب الاخرى فيها , فحل المشاكل لا تكون باثارة مشاكل اكبر , ومن يريد التوصل الى حلول حقيقية لا يدعو الى بعثرتها وتعقيدها اكثر .

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.