الرئيسية » تحرر الكلام » أربع مغالطات عربية متداولة حول دونالد ترامب

أربع مغالطات عربية متداولة حول دونالد ترامب

يمكن القول انه لم تحظى أية دورة انتخابية رئاسية أميركية سابقة, باهتمام عربي أكثر من اهتمامها بالانتخابات الأميركية القادمة, والسبب في ذلك تزايد النفوذ الأميركي في الشرق الأوسط, وازدياد تأثيره في الساحة العربية, وإيمانا منا بحجم هذا التأثير, والدور الذي تلعبه في واقعنا وأوطاننا.

ومع ذلك, ليست الغرابة في حجم اهتمامنا في الانتخابات الأمريكية أو أسباب ذلك الاهتمام, وتوقف مصير بلداننا على فوز احد المرشحين, فذلك ما يمكن أن نعتبره امرأ واقعي اعتدنا عليه, لكن الغرابة أن نتابع تلك الانتخابات وفق مقاييس مغلوطة, مع وجود أعلام أضاف للقضية بعد ساذج أخر, لأسباب اغلبها تجارية, إذ يتعمد الإعلام العربي باستخدام تصريحات “دونالد ترامب” بشكل غير مهني أن صح التعبير, ليكون مادة هدفها أعلى نسب المشاهدة, وما العناوين التي نشاهدها إلا تأكيد لهذا الواقع, الأمر الذي أدى إلى أثارة جدل اكبر حجمه, وتبنى مواقف وطرح تساؤلات تكاد تكون غير ناضجة وتغييب حقائق مهمة حول هذا المرشح ومجريات الانتخابات القادمة, نحاول في هذه المقالة مناقشة عدد من المغالطات حول هذا المرشح المثير للجدل.

ترامب ليس حاكم عربي

أن الصورة المغالية التي نحملها عن حكامنا, المليئة بالتقديس والعبودية, بأنه ذو هيبة, وبعيد الاختلاط عن الشعوب, كثير الانعزال, بالغ القسوة والقدسية, يحرم الحديث عنه, التي تكونت نتيجة سياسات حكامنا الدكتاتورية, قد أثرت في مجرى متابعتنا للانتخابات الأميركية, نعم فأن هذه السلوكيات أو الفضائح الجنسية, التي ارتكبها دونالد ترامب, لاتؤثر على مسيرته الانتخابية, أو على موقف جمهوره, لدرجة بأنه سينسحب خجلاً, لأنه أقدم على ارتكاب هكذا خطئيه, ويعيش منعزلاً في منزله, يصارع الندم والخشية من مواجهة الشعب, بالطبع كل هذا لم ولن يحدث, ولاسيما أذا علمت بأن للبيت الأبيض قصص طويلة مع الفضائح الجنسية, أمثال فضيحة الرئيس الأميركي السابق “بيل كلينتون” الجنسية التي اعترف بها في أغسطس 1998, وبالرغم من هذه الفضيحة أكمل ولايته حتى عام 2001, وحتى منافسته “هيلاري كلينتون” أثريت مؤخراً فضيحة جنسية كذلك, حول عائلة مساعدتها البارزة هوما عابدين, لذا تعبر مسألة التحكيم الأخلاقي في فوز الرئاسي الأميركي, أو السلوكيات التي تعتبرها مثيرة للسخرية أو اللاأخلاقية للمرشحين, ليست بالثقل المؤثر الذي تتوقعه, إذ للشارع الأميركي رأي أخر.

ترامب اقلهم جنوناً وعدائية

لا أخفيكم عندما كنت أشاهد تصريحات “دونالد ترامب” وخاصة مع المؤثرات الإعلامية العربية, أفكر جدياً ماذا سوف يكون مصيرنا ومصير العالم, والى أي قعر من الجحيم نسير, إذا حضي دونالد ترامب بالفوز, وأنا غارق في تلك التساؤلات, تذكرت تعليقاً ساخراً لدوكنز ريتشارد في كتابه “وهم الإله” لعلني لم اخرج بفائدة منه غير هذا التعليق :”بأن جورج بوش يقول بان الله قال له بأن يحتل العراق, لماذا لم يوحي اله بوش إليه بان العراق لايمتلك أسلحة دمار شامل”

وبعيداً عن كتاب ريتشارد الممل, ما اثأر انتباهي قبل عدة أيام عند قراءتي كتاب د.محمد الدراجي “أسرار الفلوجة وأسوار نورمبرغ” حيث في الفصل الأول من الكتاب (القانون الدولي واحتلال العراق) ينقل المؤلف عن فضيحة أعلنها الصحفي الفرنسي ” جود كلود موريس” في كتابه (لو كرر ذلك على مسامعي لن أصدقه) التي كشفها له الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك:” اذ يقول-شيراك- نصاً للصحفي: “تلقيت مكالمة هاتفيه غريبة في مطلع عام 2003, فوجئت بالرئيس الأميركي وهو يطلب مني الموافقة على ضم الجيش الفرنسي’ للقوات المتحالفة ضد العراق, مبرراً ذلك بتدمير أخر أوكار يأجوج ومأجوج”

ويضيف شيراك للصحفي:”بأن الرئيس بوش أكد له بأن يأجوج ومأجوج مختبئان في الشرق الأوسط قرب مدينة بابل العراقية, وقال بوش بالحرف الواحد, أنها حملة أيمانية مباركة يجب القيام بها, وواجب إلهي مقدس, أكدت عليه نبوءات التوراة, ويؤكد شيراك -بحسب الصحفي- صعقت عندما سمع هذا الكلام, وان تلك المكالمة ليست مزحة, بل كان –بوش- جاداً في كلامه وفي خرافاته”

وأنا شخصياً صعقت, وأدركت جيداً بأن دونالد ترامب وشعاراته العنصرية وعدوانيته, بكل تأكيد اقل شراً من بوش الابن, وبعبارة أدق لن يكون أسوء من بوش الابن, وما خلفه من واقع مأسوي في العراق وأفغانستان إلا دليلاً, بكل اختصار أن حضي ترامب بالفوز, فذلك ليست نهاية العالم, وتبقى حماقاته لاشيء أمام من سبقه بالإدارة الأميركية.

ترامب رئيساً قبل أن يرشح

مهما كان مفهومك عن الرئاسة والحكم, فأن ترامب كان رئيسا ومديراً, فالثروة التي يملكها التي تزيد عن 4 مليار دولار وبدخل سنوي يقدر ب250 مليون دولار, وعدد المؤسسات التجارية التي يديرها, والنجاحات التي حققها على المستوى المادي والإداري, إلى حد أصبح من أشهر رجال الإعمال الأمريكيين وضمن قائمة أثرياء أميركا, بالإضافة إلى ذلك هو الشعبية التي يملكها وجدلها المستمر في الشارع الأميركي, فهو ليس رجل أعمال أميركي تقليدي منعزلاً في أعماله التجارية, على المطلق, فقد شارك في برامج تلفزيونية اجتماعية, وشارك في برامج رياضية شعبية…الخ من المشاركات والأدوار التي تقلدها, التي كونت سيرة ذاتية ناجحة وشعبية مثيرة للجدل, أهلته ليكون مرشحاً للرئاسة أكثر من الآلاف المرشحين غيره, فالنجاحات التي حققها, والشعارات التي ينادي بها والآراء التي يحملها, تؤهله بالنسبة له ولجماهيره لقيادة أميركا بعكس ما نتصور فهو في المرحلة النهائية.

ترامب يعي ما يقول

اتفق معك بأنه وغد مثير للشتم إلى حد بعيد, لكن أن نعتبر بأن تصريحاته شديدة العدائية والعنصرية والغير منضبطة, جراء شذوذ تفكير, وعنصريته البائسة, نكون قد أخطائنا جدا, ولكي تعلم بأن ما يقوم به جزء سياسة ونصائح مستشارين ودعاية احترافية, أكثر من انعكاسات شخصيته وأفكاره, عليك إن تشاهد أولا وتطلع على أفلام وثائقية أو كتب تستعرض أهمية فن الدبلوماسية ولغة الجسد لدى الرؤساء والحكام وطريقة التعامل مع الشعوب والدول, شخصياً سبق وان شاهدت وثائقي  بهذا الصدد, أدهشني حجم الرمزية والجهود التي تنفق من قبل الرؤساء والشخصيات على هكذا أمر, فلا شيء عبثي في السياسية, لا في لون البذلة, و لافي لون ربطة العنق, ولا في طريقة التحية, ولا حتى الإيماءات, أو طريقة الوقف والجلوس، جميعها حركات وسلوكيات مدروسة ووفق نصائح من خبراء مختصين, لدرجة استعان الرئيس” بيل كلينتون ” بخبراء لغة الجسد قبل أن يلقي اعترافه بالفضيحة الجنسية, وهكذا الأمر مع ترامب, فأن له كادر ومستشارين يلقنوه أو على الأقل يهذبون عنجهية, وبالحديث عن العنجهية الأمريكية, علينا أن لاننسى بان هذه العنجهية لدى ترامب, متأصلة في الشعب الأميركي, وهم الجمهور الذي يعول عليه ترامب, فهو من أهدافه أثارتها وتعزيز وجودها, حتى يكون في نظرهم القائد المثالي, وأضف إلى ذلك جوهر تلك الشعارات, التي يمكن ملاحظتها, بأنها تتناغم وتركز على السياسة الداخلية, أكثر من السياسة الخارجية, وهذا ما يرغب به الشعب الأميركي, وما يحاول ترامب بان يعمل عليه, فالمشاكل الخارجية وحجم الاهتمام الأميركي بها, اثر على المشاكل الداخلية, وما وعود ترامب بالقضاء على الجريمة وإقامة جدار مع حدود المكسيك, إلا معطيات تؤكد ذلك.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.