الرئيسية » الهدهد » المونيتور: شكرا واشنطن.. قانون جاستا يعزز التقارب بين إسرائيل والسعودية

المونيتور: شكرا واشنطن.. قانون جاستا يعزز التقارب بين إسرائيل والسعودية

قال مجلس الوزراء السعودي خلال اجتماعه المنعقد في مطلع أكتوبر الحالي إن اعتماد قانون “جاستا”، وهو قانون العدالة ضد رعاة الاٍرهاب الذي يسمح لعائلات قتلى اعتداءات 11 سبتمبر 2001 بمقاضاة دول ينتمي إليها المهاجمون، في الولايات المتحدة الأمريكية يشكل مصدر قلق كبير للمجتمع الدولي الذي تقوم العلاقات الدولية فيه على مبدأ المساواة والحصانة السيادية، ومن شأن إضعاف الحصانة السيادية التأثير سلبا على جميع الدول بما في ذلك الولايات المتحدة.

 

وبحسب موقع “المونيتور” البريطاني وفي تقرير ترجمته “وطن”, فأنه في 20 أكتوبر الحالي قال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية السعودي عادل الجبير بعد لقائه في العاصمة واشنطن: “ناقشنا سبل إصلاح قانون جاستا وحل هذه المسألة بطريقة تحترم وتكفل احتياجات وحقوق ضحايا 11 سبتمبر، ولا تعرض في نفس الوقت القوات الأمريكية وشركائنا والأفراد الأمريكيين في مناطق أخرى إلى خسائر محتملة”.

 

ولفت الموقع البريطاني إلى أن بيان الحكومة السعودية ضد رعاة الإرهاب “جاستا” الذي اعتمد في 28 سبتمبر الماضي المتعلق بضحايا اعتداءات 11 سبتمبر جاء متزامنا مع اتخاذ الرياض لبعض الإجراءات الاقتصادية مثل البدء في مفاوضات مع مؤسسات مالية غربية لبيع سنداتها في الخزانة الأمريكية التي بلغت قيمتها حتى شهر  مارس الماضي 116 مليار دولار.

 

ورغم أن الرياض لم تحدد حتى الآن حجم سنداتها لدى الخزانة الأمريكية المتوقع بيعها، إلا أن الحديث في الأوساط الاقتصادية داخل السعودية وخارجها يدور عن ما قيمته 20 مليار دولار كحد أعلى وهذا يعني أن الرياض لن تذهب بعيدا في ردة فعلها ضد قانون جاستا على الأقل في هذه المرحلة وستكتفي ببيع جزء من محفظتها في الخزانة الأمريكية كرسالة تحذيرية لواشنطن من جهة، ومن جهة أخرى للتخفيف من حجم الدين العام على الحكومة السعودية الذي بلغ في أغسطس الماضي 73 مليار دولار.

 

وأوضح الموقع أنه رغم تطور العلاقات العسكرية والاقتصادية والأمنية التي تجمع بين واشنطن والرياض منذ اللقاء التاريخي بين الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت و الملك عبدالعزيز آل سعود على ظهر المدمرة الأمريكية «كوينسي» في فبراير 1945، واستمرار المبررات لدى الدولتين للمحافظة على تلك العلاقات خاصة فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب، إلا أن تصويت الأغلبية الساحقة من أعضاء الحزبين الجمهوري والديمقراطي ضد فيتو الرئيس أوباما على مشروع قانون “جاستا” وعجز البيت الأبيض عن منعه من الصدور، يشير إلى تراجع في أهمية ونفوذ السعودية لدى مراكز القرار في واشنطن.

 

وبدأ الشعور بالقلق يتعاظم لدى الرياض من حدوث انقلاب في السياسة الأمريكية تجاهها منذ الاتفاق النووي بين طهران والدول العظمى بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية في العاصمة النمساوية فيينا في 14 يوليو 2015، ومع تصريحات الرئيس باراك أوباما التي نشرتها مجلة ذا اتلانتيك في العاشر من مارس الماضي تحت عنوان عقيدة أوباما التي اتهم فيها السعودية صراحة بتأجيج الصراع الطائفي وبأنها تنتفع بالمجان من الولايات المتحدة الأمريكية، ودعا فيها السعودية إلى التفاهم مع إيران ومشاركتها في المنطقة، وحينها أدركت الرياض أن واشنطن في طريقها إلى رفع الحماية المطلقة عنها وأن نظامها الملكي الوراثي الذي يعاني من أزمات اقتصادية ولا ينتمي إلى النظام الديمقراطي الدولي أصبح في خطر حقيقي.

 

واستطرد المونيتور أن الرياض تدرك كذلك أن أي إجراءات اقتصادية تتخذها ضد واشنطن لن تؤثر كثيرا في الاقتصاد الأمريكي رغم أن واشنطن ستحاول ثني الرياض عن أي عملية سحب أو بيع كبيرة لأصولها خشية انعكاس هذا الخبر معنويا على مؤشرات السوق الأمريكي وليس لوجود تأثير فعلي على الاقتصاد الأمريكي، لأن كل ما تملكه السعودية من استثمارات حكومية في الاقتصاد الأمريكي حاليا أقل من 750 مليار دولار وهي إجمالي الأموال التي سبق للرياض أن هددت في إبريل الماضي بسحبها من واشنطن، ومنها ما تبقى من سندات الخزانة الأمريكية بقيمة 96مليار دولار حتى شهر يوليو الماضي من إجمالي الحيازات الأجنبية في سندات الخزانة الأمريكية البالغة 6 تريليون دولار.

 

وفي محاولة من الرياض لتجنب الدخول في دوامة قضايا التعويضات المتوقع رفعها من قبل آلاف العائلات الأمريكية وما يترتب عليها من استنزاف مالي وسياسي كبير، لم تكتفِ الرياض بالتعاقد مع شركات متخصصة في العلاقات العامة، واستخدام المنظمات الدولية مثل منظمة التعاون الإسلامي التي أصدرت بيانا في 3 أكتوبر الحالي واعتبرت أن قانون جاستا سيحدث فوضى واسعة في العلاقات الدولية وطلبت من واشنطن عدم اعتماده.

 

والإقليمية كمجلس التعاون الخليجي الذي أصدر بيانا خلال اجتماع وزراء خارجيته على هامش اجتماعات الأمم المتحدة في نيويورك في 18 سبتمبر الماضي وطالبت فيه واشنطن بعدم اعتماد قانون جاستا محذرة أنه سيحدث أضرارا اقتصادية عالمية، بدأت الرياض بخطوات جريئة رغم أنها غير رسمية التواصل مع جهات إسرائيلية تتوقع الرياض أنها تملك نفوذا داخل مراكز القرار الأمريكي ويمكن الاستعانة بها في تعديل أو تجميد جاستا، بدءا بالاتصالات المباشرة التي يقوم بها بعض السعوديين من أبرزهم الجنرال السعودي المتقاعد أنور عشقي الذي زار القدس والتقى شخصيات إسرائيلية في 22 يوليو الماضي. إضافة إلى اللقاءات التي قام بها رئيس الاستخبارات السعودية السابق الأمير تركي الفيصل مع شخصيات إسرائيلية داخل الولايات المتحدة الأمريكية مثل مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق يعقوب عميدور الذي التقاه في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى المرتبط بلجنة العلاقات الأمريكية الإسرائيلية “آيباك” في 6 من مايو الماضي.

 

وكذلك مناقشة فكرة العلاقات بين الرياض وتل أبيب التي طرحها مؤسس لجنة شؤون العلاقات السعودية الأمريكية “سابراك” المقرب من السفارة السعودية في واشنطن سلمان الأنصاري الذي كتب مقالا في صحيفة ذا تايمز أوف إسرائيل في 13 أكتوبر الحالي يدعو إلى تحالف تعاوني مع إسرائيل.

 

وسواء كان الهدف الحقيقي من “جاستا” هو تحقيق العدالة ومحاسبة رعاة الإرهاب كما هو معلن، أو أن هناك هدفا سياسيا غير معلن للضغط على الرياض لكي تسارع في تطوير علاقاتها مع تل أبيب، فإن الرياض أصبحت مقتنعة أكثر من أي وقت مضى أنها كلما اقتربت من تل أبيب ستصبح أكثر أمانا وقوة في مواجهة “جاستا” وإيران على حد سواء.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.