الرئيسية » تحرر الكلام » الملاك الأبيض

الملاك الأبيض

باستسلام كامل تتمدد على الفراش . “هذا الورم ما زال يلاحقني ، يثقل دماغي ، ويقف أمامه الأطباء حائرين” . “ولكني سأعيش ، لن تقف نسبة العشرين بالمائة من ثمن الإبرة حائلا ، قانون الضمان الصحي ليس مقدسا ، سآخذ الإبرة رغما عن وزير الصحة ، رغما عن رئيس الوزراء ، رغما عن جميع البشر ، وسأعيش” .

تنتابها أغفاءة مفاجئة ، تنسدل الأهداب على العيون المتعبة ، آلاف الطالبات بمراييلهن الخضر يكسرن حاجز الغياب ، يقبلن الجبين البارد ، ويستذكرن يوم وقفت معلمتهن أمام السبورة قبل التوجيهي بأيام قلائل ، تعطي حشاشة روحها ، وزبدة فكرها ، على وعد بنجاح باهر .

ليس في الغرفة سواها ، يرتعش الجسد ، ويذوب في عوالم لا متناهية . “سأعيش ، لن تكون نسبة التأمين حدا فاصلا بين الموت والحياة ، ساخذها في العضل ، نقية بلا ألم ، وستغادر الجرعة فورا نحو الورم ، سيتوارى جبنا وخجلا ، كم هي مخجلة وجبانة أورامنا” .

تغمض عينيها ، ثمة ارتعاشة على الوجه ، وثمة عرق يتفصد ، وثمة ملاك أبيض كالثلج  ، صغير وشفاف ، انسل إليها من وراء الشمس ، قطع كل فيافي قوانيننا ، كل أورام أوهامنا ، بصق على كل النسب ، واقترب من الذراع المتعب ، غرس الإبرة نقية كالثلج ، شفافة ، وشافية .

“سأعيش” قالتها للمرة الأخيرة

.

وارتعش الجسد !!!

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.