الرئيسية » تحرر الكلام » كيف يمكن أن تكون «انتحارياً» في خطوة واحدة؟!

كيف يمكن أن تكون «انتحارياً» في خطوة واحدة؟!

هؤلاء المفترض إنهم بشر كيف تطاوعهم ذرات الدماء التي في عروقهم، لا القطرات، في أن يرتدوا ملابسهم، بل أن يغسلوا وجوههم صباحاً، وهم ينتوون الذهاب إلى واحد من أكابر مجرميّ البشر، لكي يخططوا معاً وينظموا ويؤسسوا «خلية إرهابية» كما يمكن ان تعني الكلمة، فإن كلمة «الارهاب»، كما كلمة «الحب» في مجتمعاتنا أصابها العطن كثرة الاستخدام غير «السوي» في مكانها؟!

  كيف يمكن لإنسان عاقل يحب أدنى ذرة في الوجود، وأقل قدر ممكن من الحياة، فضلاً عن أن يكون مؤمناً بالحق والخير والجمال، وبالله العظيم من قبل ومن بعد، ولو بمثقال ذرة، أن ينتوي تفجيراً على بعد 300 متراً فقط من الروضة المشرفة وقبر الرسول، صلى الله عليه وسلم، ووقت الإفطار في يوم 29 من رمضان؟

   وهل يمكن أن ترتكب الحماقة في الصدور أقسى ما يمكن أن يفعله بشر من السوء لدى قبر الرسول العظيم، داعية الخير المطلق للوجود والبشرية حتى آخر الزمان، أي أن المنتحر يخسر دنياه ومن قبل دينه كأفضل ما يكون الخسران!

                                «1»

   لو تعلم هؤلاء مثقال ذرة من معنى الحب وعلموا أنه لا يكون  قريناً العشق والهوى والغواية، والعلاقة الفاجرة المنكرة بين رجل وامرأة، ولو عرفوا السمو والجلال وأكبر والدفء في الروح بعلاقة الأمومة، والإخوة، والأبوة وهلم جراً، لما فعلوها ..

     ولكنهم عاشوا كالبهائم السائبة، مع الاعتذار إلى البهائم، وماتوا كأسوأ ما تكون الميتة، ومن قبل ومن بعد أن رحت تحلل الظاهرة والأسباب «أرتعت» وما فهمت كيف تقصر البشرية بعلومها وفنونها في فهم هؤلاء ومنعهم من أداء مثل هذه الخبالات لا الحماقات فقط..

   فلا الدول المختلفة وأولها الإسلامية ولا الحكام نجحوا في تعليم الناس المحبة الحقيقية ليظلوا بشراً ..لا ينحدر أقل القليل منهم لمثل هذه الحفر، ولا البيوت إلا من رحم ربي صارت تربي البشر!

    وعلى الجانب الآخر لدينا حوادث ترتبها الحكومة بعلمها وتنظيمها وإداراتها ورغبتها ومباركتها بل انفاقها، ثم يتم الزج بها تحت اسم الارهاب،

    والمحصلة النهائية لا معنى لا لكلمة «ارهاب» حكومياً أو لكلمة «حب» أسرياً في الأغلب في هذا الوجود!

                                            «2»

   لا يخبرنا علم النفس تماماً بالتوصيف الدقيق لمثل هؤلاء؟

    كما لا تدلي اللغة بدلوها فتعلمنا ما الاسم الأنسب للشخص الذي أراد لا الموت بطريقة بشعة لنفسه بل لكل ما تصل إليه عيناه من بشر، مع تدمير كل الامكانات المُسخرة لخدمتهم مهما كانت، بل إنه أراد تمزيق نفسه في سبيل ذلك.

     كُنَا ندين الإرهاب الحكومي في مصر وسوريا والعراق وفلسطين وكل بقعة بها ظالم عفن الفكر يريد الانتقام من الشعوب ليبقى على رفاهية وحب أهله ونفسه فقط، ولم نكن نصدق أن إنساناً عاقلاً يدمر ويقتل خلق الله لمجرد رغبته في عدم رؤية شىء يحيا في هدوء..

     وكما عشنا نقول أن هؤلاء المُدمرين يقتصون وينتقمون لظلم نالهم، ولكن ماذا عن إنسان يدمر قرب قبر الرسول العظيم، وماذا عن آخر يركب طائرة من دول الاتحاد السوفيتي السابق ليأتي ليفجر نفسه في بلد آخر كتركيا؟

    والمفترض ان الذي يفجر نفسه مسلم، والذين يفجرهم مسلمين؟

                                     «3»

    يبدو أن البشرية كلما أمعنت في الرفاهية واستأثر جانب منها من المُسمين بأصحاب الحضارة اليوم، يبدو أن الإنسان كلما أمعن في ظلم جانب الروح منه، كلما اختل توازن الوجود الرحب بداخله، كلما ازدادت آثامه بحق إنسان آخر في الوجود، فالغربي الذي لا يتمعر ولا يمتعض وجهه لسياسات حكامه الحيوانية في الشرق، ولعل للحيوان حقوقاً لديهم فيما ليس للمسلم مجرد حق أخذ نفسه، ومهدرة حقوقه، والحياة الحقيقية لليبراليين والعلمانيين واليساريين والشيوعيين وهلم جراً..

   وفي النهاية هذا الغربي الذي قبل انتخاب أشخاص مجرمين ليوفروا له متطلبات الحياة، ويطيحوا بحياة بشر مثلهم في المشرق والمغرب، هؤلاء ليسوا بآدميين أفرخوا «مفرخة» من الإرهابيين الأكبر منهم، فما الإنسان الذي يقبل أن تعطي حكومته السلاح والقنابل الخارقة للوجود الآدمي لدول لم تفعل إلا أن طالبت بحقوقها فما هؤلاء إلا إرهابيون بالقوة، برأي سقراط، ولو أتيحت الفرصة لهم لكانوا إرهابيين بالفعل؟

    وفي المقابل أبتلينا بطائفة من الحكام ظلمة وفسة وفجرة كرهوا العدل للناس، وقربوا الموت إليهم، وجعلوهم يفضلونه على السلام بل الإسلام، وهكذا يُفجرون بقسوة كل قيمة جميلة في الحياة بلا رحمة في السعودية كما في تركيا وفي الليالي الأخيرة من شهر رمضان الفضيل..

  باختصار لدينا ضعاف للعقول جبناء معدوميّ الشعور بالولاء لدين أم بشرية مقابل أوغاد حكموا هذا العالم إلا قليلاً، والأوائل ينتقمون من الأواخر بمنتهى البشاعة فيما تزداد قبضة الامن في كل مكان وأجهزته وتلصصه على حياة وخصوصيات البشر .. تزداد حوادث الإرهاب، ولو أحسن هذا العالم إلى بعضه بعضاً لتلاشت التفجيرات، ولما تولدت الحماقة والجهل في نفوس بعض الأحياء بالاسم، ويكفي أن احصائية تقول أن العام الذي حكم فيه الرئيس محمد مرسي مصر كان العام الأقل في حوادث الإرهاب في العالم كله، ذلك أن الشعوب المغلوبة على أمرها شعرت أن لديها آمالاً في الحياة ممتدة!

                                   «4»

     ويبقى السؤال أي عنصر جهل مركب، بل انعدام حتى للحيوانية تلك التي تجعل إنساناً يفجر نفسه قرب قبر ومسجد الحبيب، صلى الله عليه وسلم،  وبوجه إنسان وبلد آخرين لم يفعلا له شيئاً على الإطلاق، سوى أن ظلماً للنفس أو جهلاً مطبقا لا أدري كيف يجعلانه يفعل؟!

    حتى الحيوان لا يقتل فضلاً عن يأكل حتى إلا متى جاع، وفي البشر حكاماً ومحكومين أشد ضلالاً من الثعابين والحيات في جحورهما.

    رحم الله أياماً منا نتباهى بها بالشهداء في فلسطين الذين يدمرون أنفسهم في وجه العدو الصهيوني، وكنا نحكي ان الروح أغلى وأجل وأسمى وأعلى من أن تفجر في وجه إنسان إلا عدو واضح، فقد جاءتنا أيام يفجر فيها أشخاص مسلمون أنفسهم لأجل لا هدف .. والفضل لحضارة تنشر الرفاهية وألا شعور بين أتباعها، والجهل وأمراضه بين كثير من المسمين بالمسلمين بالاسم!

   باختصار في خطوة واحدة لكي تكون انتحارياً: أنس إنك إنسان أو حتى كائن حي  فضلاً عن مسلم، أعاذنا الله وإياكم!

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.