الرئيسية » تحرر الكلام » تعـز.. معركة البقاء

تعـز.. معركة البقاء

حينما تشتد المعاناة ويستمر الوجع ويتكالب شرار الناس وتراق الدماء يجد المرء نفسه مضطرا للتفكير في امر يتعلق بالبقاء من عدمه،

وطالما تعلق الوضع بمحافظة كتعز فإننا نتحدث عن اربعة مليون شخص علی الأقل يواجهون وضع يفرض عليهم خوض معركة البقاء بكل مستوياتها وهو أمر صعب

بداية العدوان علی هذه المدينة

كان بمثابة إعلان بدء هذه المعركة المصيرية،معركة بقاء يخوضها أبناء محافظة تعز سواء كانوا في المدينة أو في ريفها…

ترك معظم الناس أعمالهم بداية الأمر،ومنهم غادر اماكن الحرب الی مناطق اكثر امنا تاركا الكثير وراءه في سبيل الاستمرار في حياة تبدو مغامرة…

وفي الريف لم يكن الناس بعيدون عما يحدث في المدينـــــة إذ أن الأوضاع الميدانية انعكست علی حياتهم،وعانوا كثيرا من الجوع والحصار والبطالة بشكل كبير جداً حتی تحرير محافظات مجاورة،وهذا الأمر أتاح لهم هامش من حرية التنقل بحثا عن “الحياة”وعمل يمنحهم الإستمرار فيها..أما سكان المدينة فكان لصمودهم فيها حكاية مريرة..حكاية القتل والتدمير والحصار والتشريد،وهو أمر لم تألفه تعز خلال قرون خلت،وكانت تعز المدينة المسرح الرئيسي لمعركة البقاء أو”الإرتقاء”،معركة فصولها تطول لتشمل فرض حصار ظالم امتد لمنع كل شيء..وتشمل ايضا استخدام الحمير في عمليات إدخال نزر يسير من المساعدات الی السكان،وهي مفارقة لاينبغي إغفالها إذ أن الحمير التي لاتعقل تحركت فعليا لفك الحصار،بينما عجز الضمير الإنساني عن فعل شيء باستثناء”الإدانة”!

وكما تقرر أمر السكان مابين الصمود في الريف أو الصمود في المدينة تقرر أيضاً وفقاً لسنن الله في الكون من سيكون في صف تعز ومن سيكون في صف أعداءها،وهذا الأخير أمر مخزي حينما يساند الإنسان الغرباء في تدمير منزله ونهبه وقتل أهله،وكان للإغراء المادي والولاء الحزبي الضيق دور في هذا الأمر..

اضف لذلك ان هؤلاء الأشخاص استخدمتهم الميليشيـــــات كأحذية تقيها حر الأرض،وقتل كثيرون منهم في سبيل أهداف “دنيئة”..

لسنا وكلاء عن الخالق سبحانه وتعالی حتی نقرر من سيكون من أهل الجنة أومن أهل جهنم،لكن شتان بين من يقاتل دفاعا عن دينه وعرضه ونفسه وماله بوسائل بسيطة،وبين من يقاتل لأجل غاية رخيصة في سبيل “تقديس الأشخاص”وباستخدام”أسلحة دولة”….

ولاتزال معركة البقاء هذه مستمرة،وحينما تحط قدمك في هذه المدينة ستجد أن هناك حالة كبيرة من التأقلم وعدم اليأس،ويتجلی ذلك في كثير من مشاهد الحياة اليومية…

وحتی الذين رحلوا عن المدينة بحثا عن لقمة عيش تتيح لهم الاستمرار في الحياة،باتوا أشبه بلاجئين وغرباء وتم ترحيلهم قسرياً لإنهم ينتمون الی تعز…تعز التي تعاني لأجل قضية وطن يتسع للجميع….

يجب أيضا أن لاننسی أن تعز فندت نظرية “البقاء للأقوی”واستبدلتها ب”البقاء للحق”لإن الحق فوق القوة،ومهما طالت معركة البقاء يبقی من المؤكد أن تعز لم يكتب لها الفناء بعد…

وإن غداً لناظره قريب

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.