الرئيسية » تحرر الكلام » الكلب: صديق وفي ودود أم حيوان نجس منبوذ

الكلب: صديق وفي ودود أم حيوان نجس منبوذ

حدثت قصة طريفة مع شخص يدعى مرعي ، فهذا الشخص كان من بيئة ريفية قروية ، وشاءت الأقدار به أن يسافر إلى بلاد الغرب و بالتحديد إلى باريس عاصمة الحضارة والرقي و الحياة الرغيدة ، هكذا كانت مخيلة كل مواطن عربي بسيط قبل سفره من بلده الى أوروبا بلد الأحلام ، و بالعودة الى صديقنا مرعي الذي غادر قريته مودعا كل الأهل و واضعا نصب عينيه السفر بلا عودة والاستقرار في أوروبا مهما كلّف الثمن ، و رغم ان سفره كان بقصد الدراسة الا ان هدفه الاول كان الحصول على جنسية أوروبية مهما كلّف الامر فهو مستعد لتقديم كل التنازلات فالغاية تبرر الوسيلة كما كان يقول دوما ، ومن خلال بحثه قبل السفر و تلقيه النصائح من معارف في القرية كانوا قد سافروا قبله الى أوروبا ولكنهم كانوا اقل حظا من مرعي فقد سافروا الى أوروبا الشرقية روسيا وبلغاريا حيث كانت الأحوال هناك اتعس من احوال القرية التي ترعرعوا فيها فقرروا العودة بعد الحصول على الشهادة التي سافروا من اجلها ، ولكن حظ مرعي كان مختلف فسفرته كانت الى أوروبا الغربية و باريس بالتحديد ، فكانوا يقولون له دائما ، إياك ان تضيع وقت منذ ان تحط في مطار باريس عليك البحث عن زوجة لتسارع في الحصول على الجنسية الفرنسية قبل انتهاء فترة الدراسة ، وإلا فمرجعك الى هنا و سوف تلقانا على نفس الحال وظيفة بألف ليرة لا تكفي لشرب شاي وقهوة ودخان حمرا طويلة ، فما كان من مرعي الا ان يتبع النصيحة وبات كل مساء بعد تأدية واجباته في دراسة اللغة الفرنسية يصول ويجول في شوارع وأزقة باريس حتى يحظى بعروس المستقبل و يحلم كل يوم بجواز السفر الفرنسي ، لدرجة انه قام بلصق صورة لجواز فرنسي على حائط غرفته في السكن الجامعي حتى ينظر اليها كل يوم ولا ينسى الحلم الذي جاء من اجله ، ولكن العائق الذي كان يواجهه كل يوم هو عدم إلمامه باللغة الفرنسية و لغته الانكليزية الركيكة حاله كحال اغلب الطلاب السوريين في ذاك الوقت حيث كان المنهاج المدرسي يعلم في الثلاث سنوات الاخيرة من المرحلة الثانوية و كل ما كلن يحصل هو اعادة نفس المنهاج مع نفس المدرس الذي كان يلقن طلابه الانجليزية بلهجته المحلية و كانت عبارة عن كلامات عامة وعكوس و احرف جر ، دون محادثة او حتى جملة مفيدة ، المهم ان مرعي استطاع بعد أشهر قليلة من الحصول على أصدقاء فرنسيين ومعارف فقد كان زبون مثابر في اغلب قهاوي و بارات الحي الذي كان يقطنه بل و وسع نشاطه الى الأحياء المجاورة و حصلت المعجزة التي كان ينتظرها حيث تعرف على فتاة فرنسية أصلية هذه المرة و بدأت العلاقة الرومانسية لمرعي فكان لا يرفض لها طلب و بعد فترة وجيزة من العلاقة أخبرته أنها أعلمت والدتها بعلاقتهما وأن الوالدة ترغب بالتعرف عليه ، في البداية ارتبك وتخوف من الموضوع ولكنه قرر في النهاية التعرف على الوالدة ظنا منه ان هذا يقربه خطوة للأمام من عرض مشروع الزواج لكن الفتاة كانت في مرحلة شبه المراهقة ولا تتجاوز السابعة عشر عاما و زواج في هذا العمر في فرنسا شبه مستحيل ، و عندما تعرف بوالدة الفتاة تبين له انها مازالت في مرحلة متوسطة من العمر و تكبره فقط بعشر سنوات ، وحصل انسجام بينهما و شاءت الأمور ان ينفصل مرعي عن البنت المراهقة التي أرهقته جسديا و ماديا فهي تهوى السهر كل يوم و هو ليس كذلك الا اذا كان بهدف التعرف على فتاة للزواج بها، وأخيرا حصل ما هو متوقع فقد تزوج مرعي من والدة الفتاة و بارك هذا الزواج جد العائلة الذي أحب صهره مرعي كثيرا ، و كان لدى هذا الجد كلبة مدللة كثيرا لا تفارقه أبدا ، حيث حملت هذه الكلبة و مرضت قبل فترة الولادة فما كان من الجد الا طلب المساعدة من صهره مرعي الذي حمل الكلبة و أسرعا معا الى الطبيب البيطري الذي قرر اجراء عملية قيصرية لإنقاذ ماتمكن من الجراء ، وهذا ما حصل ماتت الكلبة و تمكن الطبيب من إنقاذ جروا واحدا فقط ، و توارت الأحداث وباتت محبة الجد لصهره حمد كمحبته لهذا الجرو ، و في احد الأمسيات اخبر الجد صهره مرعي ان ينتظر منه مفاجأة على مأدبة العشاء ، فسرح مرعي في خياله حالما بالمفاجئة ، فما هي يا ترى ؟ ربما سيارة أو مبلغ مالي محترم ليبدأ مشروع ما , فقد أنهى فترة دراسته ومازال يبحث عن عمل ، وعند المساء جاء الجد وبحضنه الجرو و الابتسامة تعلو وجهه ونظر الى أفراد العائلة فردا فردا ابتداء بابنته الوحيدة زوجة مرعي و من ثم حفيدته الوحيدة رفيقة مرعي سابقا ورفيقها الجديد الذي وللصدف كان من أصول عربية مغاريبية ، وانتهى به المطاف للنظر الى مرعي صهر العائلة و محبوبها قائلا له صهري العزيز ” MEHRI ” <<هكذا كان يناديه لصعوبة لفظ اسمه بالفرنسية >> اعترافا مني و تقديرا مني وحبا مني لك أسمي هذا الجرو الذي هو أغلى ما أملك على إسمك فمن اليوم وصاعدا الرجاء أن تنادوا هذاالكلب ب ” MEHRI “، وقع الخبر على صاحبنا مرعي كوقع الصاعقة ، و رجع بذاكرته الى أيام ما قبل السفر ،حيث كان السبب الأهم لسفره بلا رجعة هو حادثة مؤلمة حيث تم اعتقاله بينما كان طالبا في الثانوية و احتجز في فرع المخابرات لمدة شهر تبين فيما بعد ان الأمر كان تشابه أسماء فنصف شباب القربة اسمهم مرعي و خلال فترة اعتقاله أبسط اهانة له كانت الضرب و الرفس و تردي عبارة يا كلب يا مرعي , وهذا ما جعله يتفاجئ اكثر عندما ارتبط اسمه بالكلب  و صار يردد في داخله ( ولَك بستاهل اكتر من هنيك تركت بلدي ليش ال مخابرات ألولي يا كلب وضربوني ، و اجيت عاوروبا فسموني كلب و كرموني ) لك فعلا كلب وابن كلب ، لك فعلا دنب الكلب بيضل اعوج ،،،،،!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!ولكن في النهاية وبعد سنين من التعب حصل مرعي على شهادة جامعية و وظيفة لا يستهان بها و جواز سفر فرنسي و حقق حلمه لكنه خسر وطن ، طالما اشتاق اليه ، و بات حلمه الجديد أن يعود إلى ربوع بلده و الى قريته تحديدا ولكنه يرى ان هذا الحلم اصعب من حلمه السابق ، طالما الكلاب و الشبيحة تعوي و تعربد في شوارع البلد ،فلماذا الكلب في بلداننا ننعته بالنجاسة و الحقارة و ننبذه و كأنه ليس من مخلوقات الله عز و جل بينما في أوروبا يصفونه بالصديق الوفي و الأمين و يحصل على مكان في العائلة و كأنه فردا منها  !!!؟

رأي شخصي : خير الأمور الوسط ، لا مكان لكلب او اي حيوان كان او حتى طير في منزل ،،، فهو حيوان و مكانه الطبيعة ، و لكن بالمقابل الرأفة بالحيوان و العطف عليه واجب على الجميع ، هذا من شيم ديننا الحنيف .

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.