الرئيسية » تحرر الكلام » ثلاثة وجوه

ثلاثة وجوه

شعرت بآلام في جسدي كله، خيل لي أنني عاجز عن الحركة والسبب في ذلك لا يعود إلى كوني أحس أني أرافق الموت ولكن بسبب كشف مسؤول عربي كبير أن هناك وزير خارجية دولة عربية “من المتطبعين”، والمعروف عن هذا الوزير أنه يحب البدلات اللماعة وربطة العنق الزاهية الألوان وطوله متر وثمانون سنتيمتر ووزنه ثمانون كيلوغرام، ليثبت أنه في صحة جيدة. معاليه بثلاثة وجوه

شعر رأسه بدأ بالسقوط ويقترب من الصلع من كثرة التفكير السياسي، يعيش هذه الأيام مأزقا حقيقيا وذلك لأنه لم يجد الطريقة المناسبة للتعامل مع المتطرف الاسرائيلي ليبرمان. وبعد تفكير طويل خطر بذهنه فكرة وهي عرض الفكرة على ثلاثة مستشارين الأول مختص في العلاقات الدولية والثاني في الدراسات الاستراتيجية والثالث في الأدب العربي وبسرعة البرق اجتمع معهم في سرية تامة وطلب منهم عدم الكشف عن ما دار بينهم لأية جهة كانت. وبدأ الحديث عن المطلوب من كل واحد من هؤلاء المستشارين ورسم في ذهن كل واحد منهم الخطة المطلوب إنجازها وهي “الطريقة التي يمكنني بها أن أستقبل ليبرمان بدون أن يؤثر ذلك على مستقبلي السياسي ولا على علاقاتي الحميمية مع باقي الدول العربية”، وبعد أسبوع تحصل على الاقتراحات الثلاثة. وقد توصل المستشار الأول إلى ما يلي: “أتعلم يا معالي الوزير أنه بحكم منصبك الأساسي في نظام الحكم فإنك ستستقبل ليبرمان عاجلا أم آجلا وذلك لإقامة توازن للقوى يتيح لحكومتنا أن تلعب دورها الأساسي في المنطقة.

في رأيي أن أحسن طريقة للالتقاء بليبرمان هي أن تنتظر زيارة هيلاري كليتون وهي كثيرة وترافقها في الزيارة مع عدم الظهور بجانب ليبرمان، بل أترك هذا لهيلاري أثناء الندوة الصحفية وسيادتكم يبقى في الخلف وبعد نهاية الندوة تتفق مع ليبرمان على أن لا يكون هناك ابتسام أو تحية بينك وبينه، وحتى لا تجبر على أن تمد يدك لمصافحته مباشرة، بعد انتهاء الندوة غادر المكان فورا.

وأؤكد لسيادتكم أن الصحافة العالمية ستقول بأن هيلاري كلينتون استقبلت ليبرمان بحضور شرفي للوزير العربي”. قال معالي الوزير شكرا سأدرس الموضوع بجدية تامة.

أما اقتراح المستشار الثاني فيتلخص فيما يلي: “في رأيي أن يكون اللقاء سريا للغاية أولا ثم تتفق معه على الطريقة التي يمكن أن يكون بها لقاء ثاني معلن. لا تنسَ في اللقاء السري أن تلبس قميصا أبيض وربطة عنق تحمل الألوان الاسرائيلية وتسلم عليه أربع مرات وتبتسم له وتصافحه مصافحة الأبطال وتثني على المجهودات الكبيرة التي يبذلها في سبيل تقريب وجهة النظر بين الدولة العبرية والعرب ودور بلدي في محاربة المد الشيعي، وتقول له بالحرف الواحد بأنني سأكون عازما أكثر من أي وقت مضى على ضرب أي محاولة للتقارب الفلسطيني- الفلسطيني، وسأعمل على تحطيم أي دينامكية تؤدي إلى قيام دولة فلسطينية، ويكون تطبيق هذه الأمور بالتنسيق مع الجامعة العربية وحتما عندما يسمع كلامك هذا سيطلب من الصحافة العالمية وتلفزيونات العالم أن تهيء الظروف الملائمة للقاء، وبواسطة الاعلام العالمي التابع للصهيونية ستصبح بطلا قوميا” قال معالي الوزير إنها خطة حكيمة.

أما المستشار الثالث فكان اقتراحه كما يلي: “اتصل به عن طريق الانترنت وأخبره بأنك تعلم أنه من محبي الطبيعة ومحاربة الاحتباس الحراري وأنك مولع بنشاطه الفكري وخاصة فيما يتعلق بحوار الحضارات ودفاعك المتين عن العولمة ومحاربة التطرف وإنشاء نظام عالمي خال من السلاح النووي والحب غير المحدود لشعب إيران وحكامه، وأرجو ألا تنزعجوا لهذا التعبير البسيط، في الأخير أخبره كذلك عن ما انتجه في مجال النشاطات الأدبية والسير الحسن لحزبه والابتعاد عن الفساد والمفسدين واحتضان الكتّاب وحمايتهم” قال معالي الوزير: ألا تعتقد أن هذه الأفكار ربما تزعجه قال أبدا معالي الوزير بالعكس من المؤكد أنه سيرد على كلامك بكلام أجمل وستنشأ بينكما روابط قوية وعلاقات حميمية، ومن هذا المنطلق يمكنك أن تلتقي معه في أي مكان وقد تكون سعادته في هذا اللقاء”.

قال معالي الوزير لكن ماهي شروطي للالتقاء به، قال المستشار: غريب أمرك يا معالي الوزير! قال كيف؟ قال هل يتجرأ عربي ويشترط على ليبرمان للالتقاء به؟ قال لم أفهم.. قال بعد هذه الكلمات الطيبة حوله سيعمل كل مافي وسعه لإنجاح اللقاء”.

أخذ الوزير الاقتراحات الثلاثة وبدأ يدرس كل واحد على حدة بمساعدة زوجته المخلصة وبين أخذ ورد اتفق مع زوجته على أن يعتمد طريقة المستشار الثالث وبعد تفكير عميق قالت زوجته وهل استشرت سيدي الرئيس في الأمر، قال لا. قالت هذا عيب يجب أن تقدم له الاقتراحات الثلاثة ربما يختار حلا آخر من جهة، ومن جهة أخرى حتى لا تقع في الفخ، إننا لا نقبل أن نضحي بمنصبنا في سبيل أشياء لا نؤمن بها.

طلب لقاء مع فخامته فكان له ذلك وبعد دخول مكتبه مباشرة قال له: الوطن بحاجة إلى تغيير وهذا التغيير مرتبط بإسرائيل وحكومتها الجديدة ويتطلب منا تضحية فقال له الرئيس أدخل في الموضوع مباشرة.

قال أنا بصدد تحضير لقاء مع وزير خارجية إسرائيل، وقد اخترت ثلاث طرق من أجل بلوغ ذلك، وسأتركها لسيادتكم للاطلاع عليها واختيار الطريقة المناسبة. بعد أسبوع اتصل به وطلب منه الحضور فورا إلى مقر الرئاسة ومباشرة بعد دخوله مكتب الرئيس قال له لقد درست جميع الاقتراحات ووجدت أنها غير ضرورية ويمكنك أن تستقبل ليبرمان غدا دون مشاكل تذكر، قال كيف؟ قال: أنسيت كيف عادت مصر إلى جامعة الدول العربية من دون أن تتخلى القاهرة عن معاهدة كامب دايفيد أو تجمدها، قال: لا أنسى طبعا. رد فخامته قائلا: مفاجأة كبيرة ستحصل على صعيد العلاقات الثنائية الإسرائيلية وبلدنا الغالي خلال هذه الزيارة. فالمواقف العربية لا تقلقنا كثيرا. إنها غيوم صغيرة ما تلبث أن تنقشع.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.