الرئيسية » تحرر الكلام » المسامير

المسامير

قصة قصيرة

ينغرس المسمار الاول فى يد حسان عبد الله العبد فيسرع عبد الدايم العطار الى انتزاعه وأغلاق مكانه ببعض بقايايا البن المستقر فى قاع الكوب  الذى شربه منذ قليل ، ويتركه ليواصل استخراج المسامير القديمة من ألواح الخشب ليعيد تركيبها قبل صب خلطة المونه .

ينغرس المسمار الثانى فى اليد اليسرى فيسهل تعامل حسان معه ويتمكن من استخراجه كاتما آهاته حتى لايزعج عبد الدايم الوحيد من زملاء الجامعة الذى تمكن من ايجاد فرصة عمل له بعد فترة طويلة من البطالة دامت أكثر من ست سنوات بعدما انفق عبد الله العبد وزوجته عطيات الاشمونى آخر قرش فى حوزتهم لتعليم ابنهما الوحيد حسان فى الجامعة ليكون أول خريجى الجامعة والوحيد فى العزبة القبلية لقرية التلاوى غير انهم لم ينعموا برؤية حسد ابناء العزبة لهم على الوليد خريج الجامعة لوفاتهم مبكرا اسفل جدران منزلهم القديم وقبل اعلان نتيجة البكالوريوس بشهر واحد .. قرر حسان أن لايعود الى العزبة ثانية بعدما فقد أعزّ ماله فيها ولن يبكى على البيت القديم المؤجر من عبّيس الحلاق فلن يتمكن من دفع ايجاره  لضيق ذات اليد .

داعب مسمار ثالث يد حسان اليمنى فخدشها ولم ينغرس فتابع عمله .. طلب حسان من رحمانى ابن قناوى الشيخ ابن شيخ بلد قرية التلاوى أن يبقى عليه فى الغرفة الصغيرة أسفل السلم المظلم وكان أبواه يقتطعان أجر الغرفة من اجرهم الذى يتقاضيانه من عملهم فى الارض البحرية للعزبة والتى يملكها قناوى الشيخ ، ومنذ وفاة والديه قبل تخرجه وهو يقوم على خدمة ابناء شيخ البلد مقابل الزاد والاقامة فى الغرفة المظلمة .

يتسلل مسمار عنيد الى اليد اليسرى فينزعه حسان باليمنى فيزيد سريان الدماء على الارض .. كان حسان العبد دائم البحث عن عمل يخرج به من رتابة خدمة ابناء شيخ البلد .. ساعده الكثير من زملائه فى البحث حتى وفق عبد الدايم العطار فى توفير فرصة عمل نادرة كصبى نجار مسلح يساعده بعدما أتقن هو هذه المهنة لسنوات أربع ماضية وأقلع عن التفكير فى وظيفة أخرى غيرها لمناسبة الدخل .

جاء محرز البنا رئيس العمال يخبر عبد الدايم العطار بأن صديقه زيادة عن العدد المقرر للمقاولة ولن يستطيع صرف أجر الصبى له حتى لعدم خبرته .. عاد حسان ليمر على زملائه واحدا واحدا عسى ان يوفق فى العثور على فرصة أخرى بعيدا عن عناد وأذى المسامير التى فجرّت نهر دمائه الهارب منذ زمن ، وبعد ساعات أربع من البحث رجع الى حجرته يضمد جراحه وينهى أعمال اولاد قناوى الشيخ المنزلية ليغمض عينيه على أمل العثور على فرصة أخرى لاتدمى يداه فيها المسامير .

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.