الرئيسية » الهدهد » هل ترحل العمالة الوافدة عن دول الخليج؟

هل ترحل العمالة الوافدة عن دول الخليج؟

لوس أنجلوس (وطن – خاص)

كتب الصحفي البريطاني المخضرم والمختص في الشرق الأوسط بي لو مقالا جديدا في موقع “ميدل إيست آي” الجمعة 5 فبراير وترجمه موقع إيوان 24، تحدّث فيه عن تأثير انخفاض أسعار النفط على العمالة الأجنبية في بلدان الخليج وهذا هو نصّه.

الأوقات الجيدة للعمالة الوافدة في الخليج، الذين عاشوا حياة مدعمة معفاة من الضرائب لعقود طويلة، ربما تنتهي الآن.

“طُلب مني أن أستقيل من العمل كجزء من تدابير خفض التكاليف. لقد عملتُ لفترة طويلة في الشركة. ومع ذلك، لا أشعر بالحزن.” تلك هي كلمات أحد المغتربين في عُمان، واحد من بين عدد كبير من الموظفين الذين انتهى عملهم هذا الشهر في ظل ترنح اقتصاد دول الخليج نتيجة ارتفاع أسعار النفط التي انخفضت بنسبة 70 بالمئة. على الرغم من أنه لا يشعر بالحزن، لكنَّ غيره يشعرون بالحزن بسبب خسارة وظائفهم.

دعونا نناقش حالة المحامين المغتربين في أبو ظبي. ذكرت وكالة رويترز أنَّ شركات المحاماة الغربية قد أغلقت مكاتبها بشكل جماعي نتيجة فشل تنفيذ العقود الحكومية المربحة المرتبطة بقطاع الطاقة. لم تسر الأمور كما هو مخطط لها، إضافة إلى الأوضاع المتقلبة التي نعيش فيها الآن، مع وصول أسعار النفط إلى 30 دولار. إنها حالة يُرثى لها. ينطبق الوضع نفسه بصورة خاصة على أسر الخليج الحاكمة. بالنسبة لهم، لا تسير الأمور كما هو مخطط لها.

عندما بدأ الهجوم الذي قادته السعودية على النفط غير التقليدي منذ أكثر من عام، كان التفكير في أن دول الخليج يمكن أن تصمد أمام تلك التحديات والظروف الصعبة. وبالرغم من كل شيء، فإنَّ أسعار النفط مجرد لعبة متغيّرة حيث كانت المستويات المنخفضة السابقة دائمًا ما يعقبها ارتفاع في أسعار النفط. وكانت دول مجلس التعاون الخليجي تتحكم في صناديق الثروة السيادية الضخمة المليئة بالأموال من الزيادة الكبيرة في الأسعار.

وكان هذا يساعد على تخفيف الألم ويسمح للمملكة العربية السعودية وشركائها بالتغلب على هذه الأزمات، في ظل وجود مصادر الطاقة غير التقليدية الأخرى مثل الصخر الزيتي الذي أبعدته المملكة من السوق.

لكن الأمور لم تسر بهذه الطريقة حيث انخفضت أسعار النفط بشكل حادّ. وفقدت السعودية السيطرة على خططها، والعالم وأصبح العالم الآن غارقًا في الهيدروكربونات الرخيصة. وكما قال أحد كبار خبراء الطاقة السعودية في اجتماع عُقد مؤخرًا في لندن: “نحن لا نعرف من أين يأتي النفط.”

لذلك، وصل التقشف إلى الخليج. وشعرت العمالة الوافدة برياح التغيير الباردة؛ هؤلاء المغتربين الذين عاشوا حياة مدعمة معفاة من الضرائب لعقود طويلة. والآن قد تنتهي الأوقات الجيدة للأبد.

في يناير الماضي أثناء حواره مع صحيفة الإيكونوميست، تحدث نائب ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان عن ثورة اقتصادية مستوحاة من تاتشر. وتتطرق في حديثه إلى العمال الأجانب، قائلًا: “لدينا احتياطيات ضخمة الآن، هناك 10 مليون وظيفة يشغلها موظفون غير سعوديين، أستطيع استعادتها في أي وقت أختاره.”

ومع ذلك، عندما أثارت صحيفة الإيكونوميست قضية الضرائب، ارتبك محمد بن سلمان، وقال: “لا توجد ضرائب.” على الرغم من أنه قد أعلن فرض ضريبة مضافة على ما أسماه ” الأجهزة والأدوات الإضافية”.

إذن، لماذا ارتبك فجأة؟ لأنه يعلم جيدًا، كما تعلم الأسر الحاكمة الخليجية الأخرى، أنه إذا تمّ فرض ضرائب جديدة فإنَّ المواطنين سيطالبون بمعرفة كيفية إنفاق أموالهم، والشفافية والمساءلة ووضع حد لتفشي الفساد، وبرلمان منتخب بصلاحيات حقيقية. إنهم يريدون الديمقراطية.

لا تمتلك العمالة الوافدة في الخليج مثل هذا النفوذ، وبالتالي فهي تعتاد على كونها حقل التجارب عندما يأتي التقشف. لقد حدث ذلك بالفعل في أبو ظبي، حيث تدفع العمالة الوافدة أعلى بكثير نظير خدمات الكهرباء والماء من المواطنين المحليين.

في سبتمبر عام 2015، ضاعفت قطر أسعار الكهرباء والماء بين عشية وضحاها. ومع ذلك، تمّ استثناء المواطنين القطريين من ارتفاع الأسعار؛ وهو اعتراف بصعوبات ومخاطر طرح مسألة خفض الدعم على المواطنين في الخليج. وقد حذت البحرين حذو قطر، مع 1.3 مليون أجنبي يواجهون الفقدان التدريجي للدعم على المياه والوقود والكهرباء واللحوم. لا يتم تقديم أي مبالغ نقدية لهم مثل المواطنين البحرينيين.

صحيح أنه حتى مع الزيادات، لا تزال المعدلات منخفضة للغاية وفقًا للمعايير الغربية، لكنها بداية ظهور تصدع في النظام القائم منذ عقود. والآن من الممكن أن يزداد هذا التصدع.

لذلك، ربما يكون السؤال الذي تطرحه العمالة الوافدة هو: “هل سندفع الضرائب في البلدان التي نعمل فيها؟” بالرغم من كل شيء، ليس لديهم أي نفوذ سياسي، ولا تمثيل في مجالس الشورى في برلمانات دول مثل البحرين والكويت، رُغم أنهم في كثير من الدول يشكّلون أغلبية كبيرة من السكّان، لكن ليس لديهم حق التصويت.

وهذا يجعل منهم هدفًا مغريًا للنخب الحاكمة التي ترغب في الحفاظ على أنماط الحياة المترفة دون التنازل عن أي جزء من سلطتهم الاستبدادية. إذا كان الأمير محمد بن سلمان لا يرغب في توفير المزيد من فرص العمل للسعوديين، رُغم أنه بحاجة لذلك الآن، فإنَّ توفير 10 مليون فرصة عمل يصبح أسهل بكثير إذا بدأ بفرض الضرائب على الأجانب. ابق وادفع أو راحل، الخيار لك.

ثمة قلق آخر وسط مجتمعات المغتربين؛ وهو أنه حتى الآن ركّز تنظيم الدولة الإسلامية هجماته على المساجد الشيعية وقاعات الاجتماع والمنشآت الحكومية في المملكة العربية السعودية. ولكن كما حدث في بداية هذا القرن، عندما تمّ استهداف العمالة الوافدة في جميع أنحاء المملكة، يجب النظر إلى استهداف الموجة الجديدة من الإرهاب للعمال الأجانب باعتبارها خطرًا حقيقيًا يواجه دول الخليج.

أول شيء تقوم به دول الخليج هو حماية مواطنيها قدر استطاعتها. وللأسف، هذا يجعل العمالة الوافدة هدفًا سهلًا للجماعات الإرهابية. ولن يستغرق الأمر عدة هجمات إرهابية لتحويل هذا العدد القليل من العمّال العائدين إلى بلادهم إلى تدفقات بشرية عارمة مع عواقب لا يمكن التنبؤ بها.

قد يعجبك أيضاً

رأي واحد حول “هل ترحل العمالة الوافدة عن دول الخليج؟”

  1. يجب على العمالة الوافدة الرحيل لان دول الخليج بدات بالانقراض حيث تركتهم امريكا كما يترك الخادم لمصيره الاسود

    رد

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.